دول معاهدة منع الانتشار النووي تحاول إحياء «نزع السلاح»

كيري: نرغب في الانسحاب من السباق على الأسلحة النووية

دول معاهدة منع الانتشار النووي  تحاول إحياء «نزع السلاح»
TT

دول معاهدة منع الانتشار النووي تحاول إحياء «نزع السلاح»

دول معاهدة منع الانتشار النووي  تحاول إحياء «نزع السلاح»

بدأت مناقشات مؤتمر معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك مساء أول من أمس، حيث تحاول الدول الموقعة لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية إحياء مسألة نزع السلاح النووي. وتأتي الاجتماعات في وقت تشهد فيه العلاقات بين القوتين النوويتين الكبريين الولايات المتحدة وروسيا توترا، في حين تمر المفاوضات مع إيران بمرحلة أساسية.
ويناقش المؤتمر الذي تستمر أعماله حتى 22 مايو (أيار) المقبل عددا من الموضوعات الرئيسية من بينها الانضمام العالمي للمعاهدة ونزع السلاح النووي، بما في ذلك اتخاذ تدابير عملية محددة في هذا الصدد، ومنع الانتشار النووي وتشجيع نظام الضمانات وتعزيزه، والتدابير الرامية إلى النهوض بالاستخدام السلمي للطاقة النووية وبالسلامة والأمن، ونزع السلاح ومنع الانتشار على الصعيد الإقليمي.
كما يبحث المشاركون في المؤتمر تنفيذ قرار عام 1995 الصادر بشأن الشرق الأوسط وتدابير التصدي لحالات الانسحاب من المعاهدة. والتدابير الرامية إلى تعزيز عملية الاستعراض، والسبل الكفيلة بتشجيع مشاركة المجتمع المدني في ترسيخ القواعد المنصوص عليها في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وفي تعزيز جهود التثقيف في مجال نزع السلاح.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى «إزالة كاملة للأسلحة الذرية» وحث الوفود في المؤتمر إلى العمل الدؤوب لهذا الغرض. وأعرب بان كي مون في كلمة في افتتاح الاجتماع تلاها بالنيابة عنه مساعده يان الياسون عن «قلقه الكبير.. لأن عملية نزع السلاح تبدو متباطئة منذ خمس سنوات».
وندد الأمين العام بـ«التقدم الخجول» من أجل إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط وبـ«البرامج المكلفة لتحديث» الترسانات الأميركية والروسية. واعتبر أنه «عوضا عن مواصلة المقترحات من أجل تسريع نزع السلاح النووي، نشهد عودة خطيرة إلى عقليات الحرب الباردة». وأضاف: «تدعو الدول الأطراف في المعاهدة إلى العمل الدؤوب والبناء في الأسابيع المقبلة لإحراز نتيجة تعزز المعاهدة»، وعلى الأخص «أهدافها الرئيسية وهي تجنب انتشار السلاح النووي والتمكن من إزالة الأسلحة النووية» الموجودة. ويأتي هذا الاجتماع فيما تشهد العلاقات الأميركية الروسية توترا وفيما لم تنته المفاوضات مع إيران بخصوص ملفها النووي. والمعاهدة التي دخلت حيز التنفيذ في 1970، تضم 190 بلدا أو كيانا وتعقد مؤتمر متابعة كل خمس سنوات.
وبين الدول التي تملك سلاحا ذريا رسميا أو بشكل غير رسمي، لم توقع الهند وباكستان وإسرائيل على المعاهدة. والقوى النووية الخمس الموقعة على المعاهدة هي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.
ويعبر الدبلوماسيون والخبراء عن خيبة أملهم لعدم حدوث تقدم في فصول المعاهدة الثلاثة وهي نوع الأسلحة والتحقق من الطابع السلمي للبرامج النووية للدول والاستخدام السلمي للذرة، منذ المؤتمر السابق في مايو 2010.
وانتهى ذلك المؤتمر ببرنامج عمل طموح يتأخر تطبيقه. ويفترض أن يدرس المندوبون الذين يجتمعون في نيويورك التقدم الذي يجب أن يتحقق في السنوات المقبلة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.