مقتل 9 أشخاص في انفجارات وإطلاق نار في مقديشو

TT

مقتل 9 أشخاص في انفجارات وإطلاق نار في مقديشو

أعلنت الشرطة الصومالية، أن تسعة أشخاص على الأقل قُتلوا في سلسلة من الهجمات الإرهابية المنسقة شنها متشددون في العاصمة مقديشو. وقال مسؤولون، إن «حركة الشباب» المسلحة الإرهابية هاجمت مراكز شرطة عدة ونقاط تفتيش أمنية في العاصمة الصومالية مقديشو في وقت مبكر من صباح أمس (الأربعاء) في استعراض للقوة، بينما تستعد البلاد لانتخابات رئاسية تأجلت طويلاً. وصرح رئيس الاستخبارات السابق أحمد فقي لوكالة الأنباء الألمانية «ما رأيناه الليلة الماضية في مقديشو يظهر أن (حركة الشباب) الإرهابية لا تزال تشكل تهديداً محتملاً للسلام هناك بعد طردها عسكرياً من العاصمة في 2011».
واستيقظ العديد من السكان على صوت الهجمات التي تردّد دويها في العديد من الأحياء، وأكد بعضهم لوكالة الصحافة الفرنسية، أن منازلهم اهتزت بفعل التفجيرات. وقال فادومو إدريس من سكان مقديشو «إنها حادثة فظيعة، أصيب الجميع بالهلع وبدأ أطفالي في البكاء عقب التفجير الذي هزّ منزلنا». وقال «استمر إطلاق الرصاص لمدة أكثر من 30 دقيقة قبل أن يعود الوضع إلى طبيعته. لم نعرف هكذا معارك في مقديشو حديثاً».
وأوضح حسن محمود المقيم في كاكسدا، أن «المقاتلين دخلوا إلى مركز الشرطة لوقت قصير بعدما دُمِّر إلى حد كبير بفعل التفجير، ومن ثم تدخلت الشرطة فهرب المهاجمون». وتبنت «حركة الشباب» الهجمات، مؤكدة أنها استهدفت ستة مواقع في العاصمة ومحيطها. وأعلنت في حديثها عبر إذاعتها «راديو الأندلس»، مسؤوليتها عن الهجوم المتعدد الذي يعدّ من أسوأ الهجمات في السنوات الأخيرة. وقالت، إنها قتلت العديد من الجنود ورجال الشرطة. كما تردد أنها استولت على معدات عسكرية.
وقال عبد العزيز أبو مصعب، المتحدث باسم «حركة الشباب»، إن مقاتلين أصابوا أهدافاً حكومية في أربعة أحياء في العاصمة وعلى مشارفها. وأضاف، أن المقاتلين اقتحموا قواعد حكومية وصادروا مركبات عسكرية وأسلحة. ولم يتسن بعد التأكد من هذه المزاعم.
وقال المتحدث باسم شرطة مقديشو عبد الفتاح آدم لـ«رويترز»، إن مقاتلي الحركة شنّوا هجوماً على مركز الشرطة وعلى مركز آخر في حي دار السلام بشمال شرقي العاصمة. وقال، متحدثاً بعد فترة وجيزة من وقوع الهجمات، إن قوات الأمن تتبادل إطلاق النار مع المتشددين، ووعد بإعلان المزيد من التفاصيل، لكنه لم يرد على اتصالات هاتفية تالية عدة. وكتب وزير الأمن الداخلي عبد الله نور على «تويتر» في وقت سابق، يقول «هاجم الإرهابيون ضواحي مقديشو واستهدفوا مراكز الشرطة ونقاط التفتيش». وأضاف «هزم أفراد أمننا العدو».
وذكر التلفزيون الحكومي، أن الضحايا، منهم طفلان، قتلوا في هجومين أحدهما على مركز شرطة في مديرية كحدا، والآخر في حي دار السلام. وقال شاهد من «رويترز» تفقد موقع الهجوم في مركز شرطة كحدا، إن المبنى دُمر وكذلك منازل مجاورة. وقالت حليمة فرح، إحدى سكان المنطقة، إن الانفجارات كانت كالزلزال. وأضافت، أنها وأسرتها فروا من المنزل فزعين.
وتشن «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، التي تسعى للإطاحة بالحكومة المركزية، هجمات من حين إلى آخر على أهداف حكومية، مثل هجوم الأسبوع الماضي على حافلة صغيرة تقل مندوبين يشاركون في اختيار نواب البرلمان.
وذكر سكان، أن «حركة الشباب» توغلت كذلك في الآونة الأخيرة خارج العاصمة فاستولت على بلدة في ديسمبر (كانون الأول) في ولاية جلمدج شبه المستقلة في وسط البلاد، في انتصار يلقي الضوء على كيف تستغل الحركة الانقسامات بين الحكومة المركزية وحفائها السابقين في ولايات أخرى.
وجاءت أحدث هجمات في حين تُجرى الانتخابات البرلمانية غير المباشرة. وبدأ انتخاب المشرعين يوم الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، وكان من المقرر أن تُختتم يوم 24 ديسمبر قبل أن يتأجل الموعد إلى 25 فبراير (شباط).
ونظام الانتخابات غير المباشرة في الصومال يدعو المجالس المحلية إلى اختيار مجلس شيوخ. ومن بين المندوبين شيوخ عشائر يختارون أعضاء مجلس النواب الذي يختار بدوره الرئيس الجديد في موعد لم يُحدد بعد.
ويُلقى باللوم في تعطيل الانتخابات على خلاف استمر أشهراً عدة بين رئيس الوزراء محمد حسين روبلي ومنافسه السياسي الرئيس محمد عبد الله محمد.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.