كيف تدفع روسيا السويد وفنلندا إلى أحضان «الناتو»؟

عززت السويد استعدادها العسكري وأرسلت جنوداً ومعدات عسكرية ثقيلة إلى جزيرة جوتلاند (أرشيفية - أ.ف.ب)
عززت السويد استعدادها العسكري وأرسلت جنوداً ومعدات عسكرية ثقيلة إلى جزيرة جوتلاند (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

كيف تدفع روسيا السويد وفنلندا إلى أحضان «الناتو»؟

عززت السويد استعدادها العسكري وأرسلت جنوداً ومعدات عسكرية ثقيلة إلى جزيرة جوتلاند (أرشيفية - أ.ف.ب)
عززت السويد استعدادها العسكري وأرسلت جنوداً ومعدات عسكرية ثقيلة إلى جزيرة جوتلاند (أرشيفية - أ.ف.ب)

لا تزال التحذيرات الأميركية من غزو روسي محتمل لأوكرانيا مستمرة؛ إذ تشير أحدث المعلومات الاستخبارية الأميركية إلى أن روسيا تواصل حشد قواتها المحيطة بأوكرانيا. تلك التوترات لم تقتصر انعكاساتها على أوكرانيا فحسب؛ بل طالت أيضاً دولاً أخرى، مثل فنلندا والسويد.
وقالت المحللة السياسية الأميركية جوديث بيرغمان، في تقرير نشره معهد «جيتستون» الأميركي، إن الحشد العسكري لروسيا على حدود أوكرانيا، وإنذاراتها لحلف شمال الأطلسي (ناتو) بشأن وقف المزيد من التوسع، والتراجع عن الانخراط في الجناح الشرقي للحلف يتسبب أيضاً في توتر بشمال أوروبا.
وهددت روسيا بأنه إذا انضمت فنلندا والسويد، وهما ليستا عضوين في «الناتو» ولكنهما تتمتعان بعلاقات وثيقة معه، إلى الحلف، فإن ذلك «ستكون له عواقب عسكرية وسياسية خطيرة، تتطلب رداً ملائماً من الجانب الروسي».
ورداً على التوتر المتصاعد مع روسيا، عززت السويد استعدادها العسكري، وأرسلت جنوداً ومعدات عسكرية ثقيلة إلى أكبر جزيرة لها، وهي جزيرة جوتلاند التي تقع استراتيجياً في بحر البلطيق، على بعد 330 كيلومتراً فقط من كالينينجراد، مقر أسطول البلطيق الروسي. وتقوم القوات السويدية الآن بدوريات في شوارع فيسبي، بما فيها ميناؤها ومطارها. ولاحظت السويد تدهور البيئة الأمنية في السنوات القلائل الماضية، في ظل التوغلات الروسية المتكررة بالمجال الجوي والمياه الإقليمية السويدية.
وشهدت السويد مؤخراً تدفقاً من الطائرات من دون طيار الكبيرة ذات الطراز العسكري التي تحوم فوق محطاتها النووية، ومحطات الطاقة، والقلاع الملكية، والمناطق العسكرية. ووفقاً لجهاز الأمن السويدي (سابو)، يُشتبه في أن الطائرات من دون طيار «تتعامل بشكل خطير غير مصرح به مع معلومات سرية».
كما شوهدت طائرات من دون طيار حول مبنى البرلمان والمباني الحكومية، وكذلك القصر الملكي في استوكهولم، وبالقرب من مطاري كيرونا ولوليه في شمال البلاد. وفي 30 يناير (كانون الثاني)، اعتقلت السلطات رجلاً روسياً كان يوجه طائرة من دون طيار بالقرب من إحدى قلاع العائلة المالكة السويدية. وادعى الرجل أنه سائح.
وفي عام 2019، قررت السويد، بعد أن أدركت أنها تفتقر إلى قدرات عسكرية حاسمة ولن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها ضد هجوم روسي، زيادة إنفاقها العسكري بنحو 40 في المائة، مع زيادة في الميزانية العسكرية قدرها 27.5 مليار كرونة سويدية (3.1 مليار دولار) بحلول عام 2025.
وقال القائد الأعلى للقوات المسلحة السويدية ميخائيل بيدين: «لا يمكن استبعاد أي شيء. وقد ينتهي الأمر بغزو كامل، مع مخاطر غزو إحدى أكبر دول أوروبا».
وقال قائد العمليات المشتركة للجيش السويدي، اللفتنانت جنرال مايكل كلايسون، إن الجيش لاحظ مؤخراً توسعاً في القدرة الهجومية الأجنبية بالقرب من السويد.
وتقول بيرغمان إنه على عكس السويد، لم تتوقف فنلندا التي تشترك في حدود برية طويلة مع روسيا، عن الاستثمار في قدراتها الدفاعية. وقد طلبت مؤخراً شراء 64 مقاتلة من طراز «إف 35»، بقيمة 9.5 مليار دولار، لتحل محل طائراتها القتالية الحالية والقديمة. وقال وزير الخارجية الفنلندي السابق إركي تووميويا، إن فنلندا «يمكنها حشد قوات احتياط تضم 280 ألف جندي مدرب، وهو ما لا يمكن لأي دولة أخرى في أوروبا القيام به».
وفي اجتماع مع السويد وفنلندا، في 24 يناير حول الوضع الأمني المتدهور في أوروبا، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ البلدين إلى الانضمام لحلف شمال الأطلسي، مشدداً على أن لكل بلد الحق في اختيار تحالفاته العسكرية الخاصة.
وقال: «لا يزال باب حلف شمال الأطلسي مفتوحاً. وبينما يتعاون حلف (الناتو) بشكل وثيق مع فنلندا والسويد، فإننا نحترم تماماً سياساتكم الأمنية القوية والمستقلة. والأمر يعود إلى فنلندا والسويد وحدهما في تقرير مساركما، ليس روسيا. ليس أي طرف آخر. الدول ذات السيادة لها الحق في تقرير المصير».
وأوضحت فنلندا تماماً أنها تحتفظ بخيار الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. ورد الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو بقوة على تهديدات روسيا، بقوله إن «مجال المناورة وحرية الاختيار في فنلندا يشمل أيضاً إمكانية الاصطفاف العسكري، والتقدم بطلب للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي إذا قررنا ذلك».
وتشاطر رئيسة وزراء فنلندا سانا مارين نينيستو مشاعره؛ لكنها قالت أيضاً إنها لا تتوقع طلباً من فنلندا للانضمام لحلف شمال الأطلسي خلال فترة ولايتها التي تنتهي في أبريل (نيسان) 2023.
والمفارقة -وفقاً لبيرغمان- هي أن روسيا قد تدفع كلاً من فنلندا والسويد نحو عضوية حلف «الناتو» على المدى الطويل؛ إذ إن التهديدات الروسية تجبر هاتين الدولتين على إعادة التفكير في حيادهما، وتحفز مناقشات جديدة حول العضوية. وقال أحد أعضاء البرلمان الفنلندي إن البلاد الآن «أقرب من أي وقت مضى» إلى التقدم بطلب للالتحاق بعضوية «الناتو»، ولأول مرة انخفضت معارضة عضوية «الناتو» إلى أدنى مستوى لها.
ويؤيد أكثر من ربع الفنلنديين (28 في المائة) الآن العضوية في حلف شمال الأطلسي، مقابل 42 في المائة ممن هم ضد ذلك، وفقاً لاستطلاع أُجري مؤخراً. وبلغت نسبة أولئك الذين هم غير متأكدين 30 في المائة. وفي الماضي، كانت المعارضة لعضوية حلف شمال الأطلسي مرتفعة إلى 68 في المائة بين الفنلنديين. كما سئُل المشاركون في الاستطلاع عن موقفهم إذا ما قررت السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، الأمر الذي تسبب في ارتفاع عدد المشاركين المؤيدين للعضوية إلى 38 في المائة، وانخفاض المعارضين إلى 39 في المائة.
وفي السويد، وصلت المعارضة للانضمام إلى الحلف إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث أيد 37 في المائة من المشاركين في استطلاع رأي، الانضمام إلى الحلف، مقابل 35 في المائة عارضوا ذلك.
وليست السويد وفنلندا هما فقط من يرى أن روسيا هي أكبر تهديد في شمال أوروبا. فقد خلص جهاز الاستخبارات العسكرية الدنماركي، في أحدث تقييم أمني له، إلى أن روسيا هي واحدة من أكبر التهديدات لأمن الدنمارك، وخصوصاً عمليات الاستخبارات الهجومية الروسية وأنشطة التجسس الإلكتروني. والدنمارك -على عكس السويد وفنلندا- عضو في حلف شمال الأطلسي.



الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.