سيدريك حداد... رحلة حياة من {البزنس} إلى عالم الموضة

منسّق أزياء المشاهير قال لـ«الشرق الأوسط»: أقسو على نفسي لأُخرج الأفضل

منسّق أزياء المشاهير وخبير الموضة اللبناني سيدريك حداد
منسّق أزياء المشاهير وخبير الموضة اللبناني سيدريك حداد
TT

سيدريك حداد... رحلة حياة من {البزنس} إلى عالم الموضة

منسّق أزياء المشاهير وخبير الموضة اللبناني سيدريك حداد
منسّق أزياء المشاهير وخبير الموضة اللبناني سيدريك حداد

كان سيدريك حداد في نحو السادسة من عمره حين لمع وهج الموهبة. راح ذلك الصبي يقف أمام واجهات المحلات ويتأمل تنسيق الملابس بنظرة ناقدة. لم يظن يوماً أنّه سيصبح واحداً من أهم خبراء الموضة ومنسّقي المظهر في لبنان والأوطان العربية. عائلته تعمل في الهندسة، واختار في بداياته اختصاص البزنس. نداء في داخله أراده في مكان آخر.
يُخبر «الشرق الأوسط» عن تساؤلاته الأولى: «لِمَ هذه التنورة مع هذه البلوزة، أي انسجام؟ ما الجامع لهذه القطعة مع تلك؟». ظلّ رأسه يرسم مَشاهد أكثر تناسقاً وأرفع ذوقاً. كبُر الصبي وأصبح مرجعاً في الموضة ضمن الدائرة الضيقة، يستشيره الأهل والأقرباء والرفقة. ذات يوم، طلبت منه صديقة إعارتها ملابسه لعارض أزياء باريسي يصوّر إعلاناً. ثم فوجئ بصوره تملأ اللوحات الإعلانية على الطرقات. سألته الصديقة: «لِمَ لستَ Stylist؟ عليكَ البدء». لوهلة، رفض: «كيف يمكن لشغفي أن يصبح مهنتي؟ ضحكتُ للفكرة واستبعدتها».
يجمعنا اتصال من بيروت إلى دبي، حيث الشاب الثلاثيني يتسلّق سلالم الأحلام. يعود إلى ذكريات المدرسة، حين كان تلميذاً يتأمل أزياء المعلمات ويشغل مخيّلته في تنسيقها. «أريد أن يرتدي الآخرون أفضل ما يمكن. مرات يخطر لي القول لمن لا يكترث للباسه أن يبذل جهداً لتحسين المظهر. ثم أتراجع. أساس الأشياء عندي هو الذوق».
لا ينسى سيدريك حداد إطلالة تلتقطها عيناه، فقد يلتقي بسيدة وبعد سنة يُذكّرها بلباسها! لفرط شغف الصبي آنذاك بالأزياء، وُلدت صداقات عفوية مع موظّفي المبيعات في المولات والمحلات. من الصغر، تفادى التبذير. فالمال لشراء الحاجات بتناسق وذوق، لا بفوضى ومبالغة. هكذا نشأ مَن ينسّق اليوم مظهر أشهر النجمات.
في سنّ الحادية والعشرين، دخل عالم التلفزيون. أذهله أن ينسّق شاب في بداياته ملابس قامات تألفها الكاميرا والناس منذ عقود. ثم دقّت أقدارُه باب هيلدا خليفة، حين طلبت إليه مساعدتها في اختيار إطلالاتها خلال تقديم سهرات برنامج «ستار أكاديمي». «راحوا يقولون: هذا الذي يُلبّس هيلدا! لم يكن لدي اسم. كانت تطلب (لوك) مميزاً، فأحضر لها نحو 15 (لوك). أردتُ إبهارها فتظهر بأجمل صورة».
لاحقاً توالت الفرص إثر بصمته على حضور الإعلامية اللبنانية الأنيقة: وفاء الكيلاني، سيرين عبد النور، ونانسي عجرم، وشيرين عبد الوهاب، وياسمين صبري، وإيميه الصيّاح، ونجمات جمال كثيرات. يتحدث عن ساعات طويلة من العمل المكثّف لبناء الاسم: «كنتُ أنسى نفسي من دون طعام. نحو ستّ سنوات وأنا متفرّغ تماماً للعمل. الضغط هائل، والتحدي كبير للتجديد وتفادي التكرار. بعضهم ينسحب في منتصف الطريق، حين يضيق الوقت ويعجز عن ترتيب المسؤوليات. استمراري هو هدفي».
كلمته الأولى بعد كل نجاح، هي «Next». قلق الخطوة المقبلة مُعذّب، وسيدريك حداد يهوى هذا العذاب، وإن زاد على حدّه أحياناً، يُهوّن: «ما بدا هالقد. افرحْ بما يتحقق». يقسو على نفسه ليُخرج الأفضل منها، ونوعه لا ينظر إلى ما يقدّمه بكونه إنجازاً، بل يبحث عما ينتقده. نسأله عن أهمية أن تكون النجمة جميلة وأنيقة، وهل يضيف إليها شخصيتها أم شخصيته؟ يجيب بأنّ الجمال ليس شرطاً، بقدر تحلّيها بالشخصية، «فأحاول الجمع بين نظرتي إليها ونظرتها إلى ذاتها. أضع نفسي في داخلها، فأدرك تماماً المناسب لشخصيتها في الموضة. عندها أضع لمساتي. ملحي وبهاراتي».
ليس من باب الغرور إجابته أنّ نظرته تصيب بنسبة 99 في المائة. «كأنني النجمة، أختار بالضبط ما كانت لتختاره». لكن، ماذا لو لم يرقها فستان أو إطلالة؟ يجيب بأنّه سيتفهّم، فهي التي سترتديه وعليها أن تشعر بالراحة: «أنصحها بالتجربة قبل الحُكم. عليها أن ترى نفسها في المرآة، ثم تقرر. غالباً، تعدُل عن مخاوفها وتقتنع. وإن لم تفعل، احترم نظرتها».
يعتني سيدريك حداد بالشخصية، ومن خلالها باللباس والحذاء والإكسسوارات والشعر. يخبرنا أنّ خلف كل إطلالة قصصاً، وقد تتدخّل أحياناً أمزجة المشاهير في التأثير على طاقة الإنسان. ليس عالم خبراء الموضة وردياً كما يتصوّر البعض، ولا مفرّ من السلبيات والضغوط، والإحساس بثقل المسؤولية وقلق الابتكار والفرادة. تمرّ فترات، تؤرقه الليالي ويخذله النوم. ويخوض مع دماغه معركة تكسير عظم. أبهر الملايين بإطلالة يسرا بالأحمر في برنامجها «كلام في الحب»، ويشكّل حضورها في مناسبات أخرى تحدياً له، مع تصميم عالٍ على كسب التحديات. «ويقلقني أيضاً التعامل مع مشاهير للمرة الأولى، من دون التعرّف مسبقاً إلى شخصياتهم. أستطيع القول اليوم (لا) لمَن لا أريد لاسمي الارتباط باسمه. على الثقة أن تكون متبادلة لضمان الاستمرار».
أهو الحظ الذي يرافق الموهبة، فترفع المرء إلى القمم؟ يختار سيدريك حداد وصفاً آخر: «البركة» (Blessing). «أصِلُ بدعاء أمي وأبي، وبتقدير نِعم السماء. الجميع يحظى بفرص، لكنّ القلّة تستفيد منها إلى النهاية. لحياتي عنوانٌ واحد هو النعمة. تعلّمني تقدير الجمال والذات. لأجمّل الكون، علي أن أحبّ نفسي. هنا جدوى الحياة».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.