«مفاوضات غير مباشرة» بين السويداء ودمشق بعد تعليق الاحتجاجات الشعبية

تحذيرات من «حرف» المظاهرات عن أهدافها

من احتجاجات السويداء جنوب سوريا الأسبوع الماضي (السويداء 24)
من احتجاجات السويداء جنوب سوريا الأسبوع الماضي (السويداء 24)
TT

«مفاوضات غير مباشرة» بين السويداء ودمشق بعد تعليق الاحتجاجات الشعبية

من احتجاجات السويداء جنوب سوريا الأسبوع الماضي (السويداء 24)
من احتجاجات السويداء جنوب سوريا الأسبوع الماضي (السويداء 24)

تجري «مفاوضات غير مباشرة» بين دمشق والسويداء، بعد توقف الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها محافظة السويداء جنوب سوريا واستمرت منذ يوم الخميس، شارك فيها معظم فئات المجتمع في السويداء من رجال دين ومدنيين وأطياف المعارضة.
وقال ريان معروف مدير تحرير «شبكة السويداء 24» لـ«الشرق الأوسط»: «علق منظمو الحراك الشعبي في السويداء الوقفات الاحتجاجية وأعلنوا ذلك بعد الخروج بمظاهرة حاشدة شهدتها مدينة السويداء يوم الجمعة عند مقام عين الزمان، وترك فرصة للتفاوض والتعاطي من دمشق فيما يخص مطالب المحتجين، ولا يمكن الحديث بعد عن تعاطي وتفاوض مباشر مع الحكومة بدمشق، لكن هناك مباحثات غير مباشرة تتجسد حالياً عبر إعداد مجموعة من منظمي الحراك الشعبي وناشطين والزعامات المؤيدة للحراك الشعبي في السويداء لورقة مطالب سترفع إلى الحكومة في دمشق، تحدد مطالب الأهالي المحتجين. وتؤكد حالة الاحتجاجات على الأوضاع المعيشية والاقتصادية فقط».
ويقول المنظمون إن من أسباب التريث وتعليق الاحتجاجات كانت «محاولة بعض الأطراف تحريف الحراك عن مطالبه المحقة لغايات ومصالح خاصة، ولم يحددوا تلك الأطراف، وهناك مساعٍ لتنظيم الحراك وقد يتجدد في الأيام المقبلة».
وأكد أن عدة اتصالات من جهات حكومية وردت إلى السويداء تطالب بالتهدئة، وضبط الاحتجاجات، والطلب بالقدر المستطاع، مبررين موقفهم بالأوضاع التي تشهدها عموم سوريا بعد استمرار الحرب منذ أكثر من عشر سنوات، والعقوبات الدولية المفروضة على سوريا، وابتعاد الكثير من الثروات النفطية عن سيطرة وخزينة الدولة.
في حين أن الغالبية العظمى في السويداء على إدراك بأن الحكومة غير قادرة على معالجة الأمر أو تحقيق المطالب، تحت اعتبارات أنها لا تملك شيئاً.
وأوضح أنه منذ اليوم الأول للاحتجاجات في السويداء، لم تقدم الحكومة أي تحسينات خدمية، واستمرت في تقديم التعهدات بالتحسين، ولكن أرسلت تعزيزات أمنية وشرطية إلى مركز المدينة تتألف من عناصر وسيارات تحمل رشاشات حربية دون عربات أو مصفحات عسكرية، وتركزت التعزيزات التي أرسلت إلى السويداء عند المباني الحكومية مثل مبنى المحافظة والمراكز الأمنية مثل فرع الأمن العسكري والجوي وأمن الدولة. ولم تتدخل بالاحتجاجات.
بدورها، صرحت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين المسلمين الدروز في سوريا عبر شبكة «الراصد» المحلية في السويداء، أنها تؤيد «حراك الناس بكل قوة وإيمان، وأنهم قلباً وقالباً مع المطالبين بحقوقهم المشروعة التي كفلها الدستور السوري، وضمنتها القوانين السورية، وعلى الدولة تنفيذ هذه المطالب للمحتجين السلميين بالسرعة القصوى، باعتبار أن مطالب المواطنين في السويداء لم تكن لهم وحدهم؛ بل لكل السوريين، وأن المحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع هم مواطنون من كافة فئات الشعب، أصيبوا كما كل السوريين بلقمة العيش والانتظار على الطوابير وخاصة طوابير الهجرة، وهذا شيء خطير جداً للوطن كله، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، واعتبرت أن السويداء كانت ولا تزال الحاضن للمشاريع الوطنية التي لا تهدف إلا إلى توحيد سوريا». وطالبت الرئاسة الروحية بأن تكون الدولة شفافة مع المواطنين بكل قطاعاتها، فالشفافية تعطي الثقة في التعامل بين المؤسسات والمواطنين.
وكانت قد تفجرت الاحتجاجات في السويداء، نتيجة القرار الذي صدر مؤخراً عن الحكومة السورية برفع الدعم عن بعض فئات المجتمع السوري التي وصفتها بأنها لا تحتاج للمواد المدعومة، وسط أخطاء اعترفت بها الحكومة أن رفع الدعم شمل كثيرين بطريقة الخطأ الإلكتروني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.