ريم الفيصل: سأقيم متحفاً خاصاً لأعمالي على {ميتافيرس}

المصورة السعودية شاركت في أول معرض فني عربي على العالم الافتراضي وتشهد إقبالاً على شراء أعمالها بصيغة «إن إف تي»

ريم الفيصل: سأقيم متحفاً خاصاً لأعمالي على {ميتافيرس}
TT

ريم الفيصل: سأقيم متحفاً خاصاً لأعمالي على {ميتافيرس}

ريم الفيصل: سأقيم متحفاً خاصاً لأعمالي على {ميتافيرس}

حالة من النشاط الرقمي تعكسها صفحة «إنستغرام» الخاصة بالمصورة السعودية الأميرة ريم الفيصل، حيث دعت متابعيها منذ أسبوعين لمشاركتها في تجربة عرض أعمالها عبر الميتافيرس بصيغة «NFT» وهي الرموز غير القابلة للتداول. وتبدو ظاهرة «NFT» في أوج قوتها مع إقبال الفنانين على إنتاج أعمال تنتمي لتقنية «الرموز غير القابلة للتداول»، وبيعها عبر الإنترنت، نظراً لقدرة تقنية «البلوكتشين» على ضمان التوقيع الفريد والملكية، وهو ما جمع بين الفن المعاصر وثقافة الرموز الرقمية التي يعيش في أرجائها جيل الألفية الثانية.
ومع دخول المتاحف العالمية والغاليرهات والفنانين في هذا المجال شهدنا دخولاً عربياً أيضاً للمجال. عالم الميتافيرس معروف لأجيال شابة عبر الألعاب الرقمية، ولكن عالم الألعاب أصبح يضم متاجر أزياء ومأكولات وقطع أراض للبيع وغير ذلك.
لنعود للفن العربي و«NFT» وعالم الميتافيرس الذي استضاف عبر منصة Spatial.io (سبيشل) أول معرض للفن السعودي كانت ريم الفيصل ضيفة الشرف فيه. دعت ريم الفيصل متابعيها لحضور المعرض الافتراضي وكانت حاضرة عبر الأفاتار الخاص بها للترحيب بزوارها ولتبادل الحديث معهم. العرض اشتمل على أعمال لفنانين مبتدئين نسقت على طريقة المعارض الفنية الواقعية، وتضمن العرض مجموعة من صور ريم الفيصل من مجموعتها التصويرية عن مكة والمدينة.
ما الذي أطلق شرارة الميتافيرس لدى المصورة المعروفة؟ أتوجه لها بالكثير من الأسئلة عن أعمالها الفنية بصيغة إن إف تي وما لاذي جذبها لهذا العالم؟
تقول: «NFT» هو التطور الطبيعي للتصوير الفوتوغرافي والفن بشكل عام»، هل أرادت من خلال ذلك التواصل مع جمهور من جيل جديد متمرس في العالم الرقمي؟ ببساطة شديدة تجيبني: «في الحقيقة لم أفكر بهذا، كنت أريد الدخول في مغامرة جديدة وحسب، ومن الواضح أن الأمر قدمني لجماهير جديدة ومختلفة». ترى أن مجال الرموز غير القابلة للتداول «NFT» لديه «إمكانية الوصول لكل العالم في الحقيقة».
ولكل قصة بداية وخطوة أولى وشرارة، أعود بها لهذه المرحلة، «كيف كانت البداية؟» أسألها وتجيبني بأنها مأخوذة بتقنية «البلوكتشين» (التي تضمن التوقيع الفريد والملكية) عموماً و«لدي شركة (آي تي) ونعمل في هذا المجال. إضافة لذلك أنا مسحورة بالعملات المشفرة (كريبتو كرنسي) وتطورات التكنولوجيا في هذا المجال بشكل كبير». وهو ما أوصلها لـ«NFT»، تسترسل قائلة: «بدأت التعرف على الرموز غير القابلة للتداول NFT، الحقيقة درستها لمدة عام أو أكثر، فقط في محاولة لسبر أغوارها وبعد ذلك وصلت لفكرة أنها وسيلة مثيرة وممتازة للفنون، وليس فقط للفنون، فهي تقدم إمكانيات لا محدودة لا نعرف إلى أين ستصل».
المتابع للفيصل على «إنستغرام» يرى صور أعمالها التي تم بيعها على منصات رقمية مثل OpenSea (تعد أكبر سوق تجارية افتراضية لأعمال NFT). تشير إلى أن تلك الأعمال تعتمد بشكل كبير على صورها الفوتوغرافية المعروفة، «أساساً أنا أستخدم أعمالي الفوتوغرافية وأنا لست الوحيدة في الحقيقة، كثيرين من المصورين بدأوا في الاتجاه لذات المجال. وحتى الفنانين التقليدين بدأوا في تحويل لوحاتهم إلى أعمال رقمية بصيغة NFT... أيضاً وضعت مجموعة من الأعمال اسميها Variations، هي تفسيرات وتنويعات فنية على بعض من أعمالي الفوتوغرافية».
لأي شخص لا يعمل في المجال الرقمي تبدو عملية تكوين عمل فني عبر تقنية «البلوكتشين» أمر معقد ولكن بالنسبة لها لم يكن الأمر صعباً كما تؤكد: «إنه أمر سهل جداً أي شخص يستطيع عمله، والتقنية الخاصة بها في تطور مستمر».
فكرة عمل معرض رقمي على الميتافيرس كيف خطرت لك؟ تقول إن الفكرة في الأساس كانت لشاب سعودي اسمه محمد الأحمري وهو متخصص في التقنية الناشئة. تقول: «اتصل بي محمد الأحمري بخصوص عمل معرض فني رقمي سيكون أول عرض بصيغة «NFT»، رأى أعمالي وطلب أن أكون ضيفة الشرف وطبعاً أردت أن أشجع المجموعة ولكنها أيضاً كانت تجربة جديدة بالنسبة لي. تحدثنا وأخبرني عن عدد الأعمال التي يريد أن يعرض وأعطاني مساحة خاصة ووضعت أعمالي بالمقاسات الذي أردتها». إضافة إلى مشاركتها في المعرض الجماعي لفنانات سعوديات ناشئات صمم الأحمري نموذجاً رقمياً لمساحة صالة عرض خاصة للفيصل «أيضاً عمل (تمبليت) لغاليري خاص وقال لي هذا لك وتستطيعين استخدامها بالشكل الذي تريدين وبالفعل نسقت ثلاثة معارض هناك وبدأت في تعليم نفسي، والآن أنا في طور بناء متحف رقمي لأعمالي يضم الأعمال المنفذة بطريقة الرموز غير القابلة للتداول (NFT)».
أسألها إن كان المتحف المنتظر سيكون ضيفاً على إحدى المنصات الرقمية الموجودة حالياً، وتقول إنها ستعرض ضمن منصة سباشال Spatial.io التي تخصص مساحات للمتاحف الرقمية وإن كان طموحها أبعد من ذلك «سأقوم مرحلياً ببناء منصتي الخاصة في ميتافيرس ولكن هذا سيستغرق أعواماً ولكننا بدأنا العمل بالفعل». ترى أن تلك الخطوة ستمنحها والفنانين أيضاً حرية كبيرة في عرض أعمالهم «ذلك سيفتح الباب لفرص كثيرة، لن يصبح الفنان تحت إدارة غاليري معين أو تحت سيطرة متحف، وبهذه الطريقة يمكن للمشاهد زيارة أي معرض في العالم في أي وقت يروق لهم».
بشكل ما يبدو التصور المستقبلي للعروض الفنية المتحفية حراً طليقاً بعيداً عن الأطر الواقعية، وحتى بالنسبة للمجتمع الفني كما تقول ريم الفيصل: «مجتمعNFT» مختلف عن مجتمع الفن في العالم الواقعي والذي يمكنه وصف جانب كبير منه بالفوقية والأكاديمية. أرى أن «NFT» هي ثورة بشكل ما، فهي ستهز أساسيات البناء الفني المؤسساتي حول العالم الفني، حتى لو كانت الأعمال المعروضة في البداية سيئة أو غير ذات قيمة من أشخاص ليسوا فنانين واتجهوا للمجال فقط لجمع المال، لكن مع الوقت سيكون هناك بناء جديد للعالم الفني حول العالم».
ما تأثير التجربة الأولى؟ تقول إنها لاقت الكثير من التشجيع «سواء كان المشاركون فنانين أو مصورين أو حتى مشترين، هناك الكثير من التشجيع».
كمصورة معتادة على التقاط تفاصيل الواقع عبر عدسات كاميرتها، كيف كانت تجربة العرض في العالم الافتراضي من الناحية البصرية والتعامل مع الجمهور عبر «أفاتار» يحمل صورتها ربما. تجيب: «ليس هناك حاجة لوضع صورتك على أفاتار ولا حتى استخدام الميكروفون، بالنسبة لي لم أرد وضع صورتي على الأفاتار الخاص بي ولكن جرت محادثات بيني وبين زوار المعرض، كانت مثيرة للاهتمام بالفعل مع أشخاص لم ألتق بهم في العالم الحقيقي ولكني قابلتهم على الميتافيرس، تحادثت معهم بصوتي عبر الميكروفون».
ما توقعاتك؟ أسألها إن كان الفن بصيغة إن إف تي «NFT» صرعة ستنتهي سريعاً، ولكنها ترى أن العالم الافتراضي «سيكون مثل أي شيء آخر، سيفرض نفسه مع الوقت، وهو ما يحدث في العالم، ليس صرعة ستختفي».
يأخذنا الحديث إلى دخول المؤسسات العالمية بقوة في مجال «NFT» وتحويل أعمال لكبار الفنانين العالمين لـ«NFT» لحاقاً بالموجة والمزادات الفنية على تلك الأعمال. ترتدي قبعة مقتنية الفنون وتقول: «أنا لم أبدأ الاقتناء بعد بشكل خاص، لأن الأعمال التي أحبها غالية الثمن... سأشتري ما أحب من الأعمال سواء كان ذلك لفنانين عالميين أو حتى أعمال لفنانين متخصصين في (NFT)».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».