قد يساهم إطلاق النحاس في البيئة من مبيدات الفطريات، في استنفاد طبقة الأوزون في طبقة «الستراتوسفير»، وفقاً لدراسة جديدة من جامعة كاليفورنيا الأميركية.
وفي ورقة بحثية نشرت في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي بمجلة «نيتشر كومينيكيشن»، أظهر علماء الكيمياء الجيولوجية بجامعة كاليفورنيا، أن النحاس الموجود في التربة يعمل كمحفز لتحويل المادة العضوية إلى كل من «بروميد الميثيل» و«كلوريد الميثيل»، وهما مركبان قويان يدمران الأوزون. ويؤدي ضوء الشمس إلى تفاقم الوضع، حيث يضاعف من كمية هاليدات الميثيل حوالي 10 أضعاف. وتجيب النتائج، جزئياً على لغز طويل الأمد حول أصل الكثير من «بروميد الميثيل» و«كلوريد الميثيل» في «الستراتوسفير».
ومنذ الحظر العالمي على مبردات مركبات الكربون الكلورية الفلورية (CFC) والهالونات المستخدمة في طفايات الحريق اعتباراً من عام 1989، أصبحت هاليدات الميثيل هي مصادر البروم والكلور المستنفدين للأوزون في الستراتوسفير، فمع اختفاء مركبات الكربون الكلورية فلورية والهالونات طويلة العمر ببطء من الغلاف الجوي، يزداد دور هاليدات الميثيل.
ويقول روبرت رايو، أستاذ العلوم البيئية والسياسة والإدارة في جامعة كاليفورنيا، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع الدراسة: «بحلول عام 2050، يجب أن نعود إلى الأوزون الطبيعي نسبياً، لكن أمورا مثل الانبعاثات المستمرة لبروميد الميثيل وكلوريد الميثيل هي مطبات على طريق الاسترداد. ومن المتوقع أن يزداد استخدام النحاس في البيئة بسرعة في السنوات القليلة المقبلة، وينبغي أخذ ذلك في الاعتبار عند التنبؤ بمستقبل استعادة الأوزون».
وتعتبر طبقة الأوزون على الأرض ضرورية لحمايتنا من الأشعة فوق البنفسجية المسببة للسرطان من الشمس، لكن تم اكتشاف دور رالمواد الكيميائية التي تحتوي على الكلور والبروم، مثل مركبات الكربون الكلورية الفلورية والهالونات، في الثمانينيات كإحدى أدوات تدمير الأوزون، مما يؤدي إلى تكوين طبقات أرق في الستراتوسفير تسمح بالدخول المزيد من الإشعاع الخطير.
ورغم الحظر المفروض على إنتاج مركبات الكربون الكلورية فلورية والهالونات المدمرة لطبقة الأوزون، فإن طبقة الأوزون لم تصلح نفسها بعد.
ويعود ثبات ثقب الأوزون، في معظمه، إلى استمرار وجود المركبات المحظورة المستنفدة للأوزون، والتي تستغرق عقوداً لتبدد في الستراتوسفير، لكن بعض المواد الكيميائية المستنفدة للأوزون ما زالت تنبعث.
ومن بين المركبات المساهمة الرئيسية اليوم كلوريد الميثيل وبروميد الميثيل، إذ أن ذرة واحدة من البروم تدمر الأوزون 50 مرة أكثر من ذرة واحدة من الكلور.
ورغم حظر استخدام بروميد الميثيل كمبخر للتربة الزراعية، إلا أنه لا يزال يستخدم كمبيد للآفات للحجر الصحي ومعالجات ما قبل الشحن للمنتجات الزراعية، ويستخدم كلوريد الميثيل كمادة وسيطة كيميائية، رغم أنه يعتقد أن معظم انبعاثاته ناتجة عن حرق الكتلة الحيوية أو طبيعية المنشأ، لكن الكمية الإجمالية من هاليدات الميثيل هذه التي يتم إنتاجها كل عام لا تزال لا تضيف ما يصل إلى الإضافة السنوية المرصودة لهذه المواد الكيميائية إلى الغلاف الجوي، وهي حقيقة حيرت العلماء لأكثر من 20 عاماً.
يقول ريو إن حوالي ثلث بروميد الميثيل وكلوريد الميثيل في الغلاف الجوي يأتي من مصادر غير معروفة، وتشير النتائج الجديدة إلى أن النحاس مصدر مهم، إن لم يكن المصدر الرئيسي، لبروميد الميثيل وكلوريد الميثيل المفقودين.
ويضيف ريو: «لقد حظرنا بروميد الميثيل، لكن هل التغييرات الأخرى التي نجريها في البيئة تسبب انبعاثات كبيرة من هذا المركب في الغلاف الجوي، ومع زيادة استخدام النحاس، يبدو أن الإنتاج المحفز بالنحاس مصدر متزايد».
ويشير يي جيا، المؤلف الأول وطالب الدكتوراه السابق في جامعة كاليفورنيا، وهو الآن زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة كوبنهاغن في الدنمارك، إلى أن مركبات النحاس مسموح بها في المحاصيل العضوية، وهو إرث في الزراعة منذ القرن الثامن عشر، بما في ذلك كعامل رئيسي مضاد للفطريات في خليط البورديكس المستخدم منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر في فرنسا لمنع العفن الفطري على العنب. ويعد تلوث التربة بالنحاس قضية رئيسية اليوم في أوروبا، حيث ثبتت قدرة النحاس على استنفاد طبقة الأوزون.
ويقول جيا: «مع الاستخدام الواسع النطاق للنحاس في البيئة، يجب مراعاة هذا التأثير المتزايد المحتمل الرغبة في استعادة الأوزون، فالنحاس مع التربة وضوء الشمس، ينتجون مزيدا من هاليدات الميثيل».
النحاس سبب جديد لاستنفاد طبقة الأوزون
يتفاعل مع التربة وضوء الشمس لإنتاج «هاليدات الميثيل»

يستخدم المزارعون مبيداً فطرياً مصنوعاً من كبريتات النحاس مع ورق العنب (الفريق البحثي)
النحاس سبب جديد لاستنفاد طبقة الأوزون

يستخدم المزارعون مبيداً فطرياً مصنوعاً من كبريتات النحاس مع ورق العنب (الفريق البحثي)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة