سكان صعدة... ضحايا مقيمون داخل دائرة بطش الحوثيين

اتهامات للميليشيات بارتكاب أكثر من 450 ألف انتهاك خلال 13 عاماً

TT

سكان صعدة... ضحايا مقيمون داخل دائرة بطش الحوثيين

سلط حقوقيون يمنيون وتقارير حكومية الضوء على جانب من أعمال البطش التي ترتكبها الميليشيات الحوثية بحق السكان في محافظة صعدة اليمنية، حيث يقبع مئات الآلاف منهم في دائرة الانتهاكات المتواصلة بحقهم منذ 13 عاماً، سواء في المدينة التي تحمل الاسم ذاته، أو في المديريات الـ15 التابعة لها.
الانتهاكات المنسية في حق المدنيين في صعدة التي تُعدّ المعقل الرئيسي للميليشيات تأتي، وفق مصادر محلية، في ظل غياب تام لعمليات الرصد والتوثيق لجرائم الجماعة من قبل المنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان.
وبحسب مصادر محلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن آلة البطش الحوثية وأعمال القمع والإذلال والتعسف لم تقف عند حد التنكيل بسكان صعدة وحدهم، بل توسعت في ذلك لتطال آلاف المواطنين القادمين إليها من مناطق محافظات تعز وإب وذمار والحديدة وصنعاء وريمة والمحويت وغيرها.
وكشفت المصادر عن أن السكان في محافظة صعدة ومديرياتها لا يزالون منذ السنوات التي أعقبت الانقلاب يعانون الحرمان، ويعيشون أوضاعاً مأساوية كبيرة يرافقها انتهاكات حوثية متكررة، كما أنهم يتعرضون لسلسلة لا حصر لها من الجرائم الممارَسة بحقِّهم من قبل قادة ومشرفين ومسلحين تابعين للميليشيات الانقلابية.
وطبقاً للمصادر، فإن سكان صعدة (المحافظة التي كانت تُعدّ من أهم المناطق اليمنية الزراعية) يتعرضون بشكل يومي لتعسفات وجرائم حوثية متنوعة؛ إذ أحصت تقارير محلية آلاف الانتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية، من بينها جرائم القتل والإصابة والاختطاف وجمع الإتاوات والتعذيب في السجون والمداهمات والاقتحامات وتفجير المنازل والتشريد وغيرها.
في غضون ذلك، شكا سكان بمدينة صعدة من استمرار قمع المسلحين الحوثيين لهم. وقالوا إن ذلك يُعدّ بمثابة الحرب الشعواء التي تُشنّ بحقهم بصورة تكاد تكون شبه يومية، مشيرين إلى أن دوريات الميليشيات تجوب على مدار الساعة شوارع وأحياء مدينة صعدة وتقوم بتفتيش هواتف وأمتعة المارين، ومعرفة ما بحوزتهم وهواتفهم من أشياء بهدف إلصاق تهم التخابر لهم مع الحكومة الشرعية والتحالف المساند لها، ومن ثم الإفراج عن بعضهم بعد دفع مبالغ مالية.
وقال السكان الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إنه «في حال امتلك مواطن من صعدة أو من خارجها سيارة أو حافلة أو دراجة نارية أو محلاً تجارياً، فإنه يدخل مباشرة تحت قائمة الاستهداف والمساءلة الحوثية، إذ تعتقله الجماعة وتباشر استجوابه لمعرفة مصدر دخله أو تجارته».
وتطرق السكان أيضا بحديثهم إلى حملات الاستهداف التي تشنها الجماعة في عموم مديريات وقرى وعزل محافظة صعدة بغية إجبار الأسر والأهالي على إلحاق أبنائهم من الشبان والأطفال قسراً بجبهات الميليشيات، وناشدوا جميع المنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان تنفيذ زيارة عاجلة إلى المحافظة ومديرياتها، والاطلاع عن كثب على ما يعانيه القاطنون في المحافظة من مناطق يمنية أخرى جراء التعس والجرائم الحوثية المتكررة.
وبخصوص حملات الإتاوات التي تفرضها الجماعة على عديد من التجار وملاك المحلات والمشروعات التجارية الصغيرة في صعدة، تحدث مواطن من تعز يملك محلاً تجارياً وسط المدينة عما وصفه بـ«تغول» مسلحي الجماعة الذين يهددونه يومياً باعتقاله وإغلاق متجره، في حال رفضه دفع مبالغ مالية تقرها الجماعة عليه بشكل غير قانوني.
وذكر التاجر لـ«الشرق الأوسط» أن الاستهداف الذي طال كثيرين منهم بالمحافظة ذاتها يأتي في سياق حملات الميليشيات السابقة التي تستهدف تحت تسميات باطلة التجار بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن لقمة العيش لسد رمق جوع أُسَرهم على وجه الخصوص.
وفي ظل تصاعد حجم التعسفات الحوثية بحق مواطني وسكان صعدة، انتقد ناشطون حقوقيون محليون الصمت المطبق تجاه انتهاكات وجرائم الميليشيات المستمرة بحقهم.
وقال بعض الناشطين، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يحدث في صعدة من جرائم حوثية متنوعة «يندى لها جبين الإنسانية»، لافتين في الصدد ذاته إلى أن سكان صعدة وغيرهم من المدنيين القاطنين فيها من مختلف المحافظات لا يزالون يتعرضون لمختلف أشكال البطش والتنكيل، دون أن تتطرق المنظمات الدولية والمحلية إلى الحديث عن ذلك».
وكان تقرير رسمي سلط الضوء قبل فترة على ما يجري في محافظة صعدة من جرائم ارتكبتها الميليشيات الحوثية بحق سكانها طيلة سنوات ماضية.
ووثق التقرير، ارتكاب الجماعة نحو 463 ألف انتهاك حوثي بحق سكان صعدة خلال الفترة من يونيو (حزيران) 2004 وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2017.
وقال التقرير إن تلك الجملة من الجرائم توزع بعضها ما بين القتل والإصابة والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب، وتجنيد الأطفال، واستحداث السجون والمعتقلات ونقاط التفتيش ومعسكرات التدريب، فضلاً عن تفجير، وتدمير، واقتحام ونهب الممتلكات العامة والخاصة، والتهجير القسري والنزوح، والاعتداءات والسطو المسلح والتهديد، وغيرها من الجرائم الأخرى.
ورصد التقرير، الذي أعدته أسبوعية «26 سبتمبر» التابعة لوزارة الدفاع اليمنية، نحو 8552 جريمة وانتهاكاً، تُعدّ من جرائم الحرب، ارتكبتها الميليشيات بحق الإنسانية في صعدة، خلال 13 عاماً من مسيرتها التدميرية، حيث قتل بسلاح الجماعة نحو 2619 مدنياً، بينهم 171 امرأة، و204 أطفال، إضافة إلى 89 حالة وفاة جراء التعذيب، و265 حالة إعدام ميداني وتصفية جسدية.
وطالب التقرير المنظمات الحقوقية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان القيام بمهامها تجاه ما يتعرض له أبناء صعدة من تنكيل وقتل ودمار، والضغط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.