ظاهرة تصوير الأطباق ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي لم تعد بالشيء الجديد، ولكنها آخذة بالتوسع لتطال أكثر من منصة، والمستفيد الأول منها أصحاب المطاعم والمقاهي التي تستخدم الزبائن كوسيلة إعلانية مجانية دون الحاجة لدفع فلس واحد للإعلان عن افتتاح مطعم جديد أو أي مشروع آخر.
يكفي أن يقوم أحدهم بنشر صورة واحدة على تطبيق «إنستغرام» أو «سناب تشات» أو «فيسبوك» حتى ينتشر اسم المطعم بسرعة البرق.
وهذه الظاهرة دفعت بالكثير من المطاعم للتنبه إلى مسألة الديكور الذي يجذب مدمني شبكات التواصل الاجتماعي، بحيث رأينا في الآونة الأخيرة إقبالاً غير مسبوق على استخدام الورود في الديكورات والتركيز على الإضاءة والاهتمام الزائد بهندسة الأطباق لتكون جذابة من حيث الشكل... وللمذاق وتقييمه قصة أخرى.
ظهرت أخيراً على تطبيق «إنستغرام» صورة طبق جميل للغاية قوامه ثمرة الأفوكادو، ألوانه زاهية جداً لأنه يضم المانغا والطحالب البحرية والسلمون وحبوب الإيدامامي الخضراء ومزيّن بزهرة قابلة للأكل مع رشة من «حبة البركة»، وبمجرد نشر هذه الصورة أصبح المطعم الجديد الذي يحمل اسم «ذا أفوكادو شو The Avocado Show» الذي فتح أبوابه في وسط لندن وتحديداً بالقرب من شارعي «أكسفورد ستريت» و«ريجنتس ستريت» عنوان محبي نشر الصور الجميلة للأكل على الإنترنت ومناهضي المطبخ الصحي والـ«فيغن» والمطبخ النباتي.
حسبما يشير إليه اسم المطعم فهو يرتكز على ثمرة الأفوكادو الخضراء الجذابة التي تدخل في نسبة 99% من الأطباق التي يقدمها بطريقة جمالية رائعة جداً. الفكرة بدأت عام 2017 في أمستردام على يد صديقين هما رون سمسون وجوليان زال اللذين تنبآ بنجاح الفكرة التي تحولت إلى مشروع عالمي يبيع الاستثمارات التجارية.
المطعم يتبع قافلة المطاعم التي تُعرف بتعبير إنجليزي «Instagrammable» والتفسير يعني تداول صوره على «إنستغرام» بسبب ديكوره الجميل الذي يجمع ما بين اللون الأخضر والوردي ويتصدره حائط تكسوه الأوراق الخضراء عليه اسم المطعم وواجهة زجاجية تزينها صور الأفوكادو ومقعد من الخشب باللون الوردي عند المدخل.
الطاولات صغيرة ولائحة الطعام محدودة ولكنها كافية لتغريك بألوانها وطريقة تقديمها.
مشكلة الصورة التي تُنشر لأطباق جميلة على منصات التواصل الاجتماعي أنها قد تكون جميلة ولكنها تفتقر للنكهة والمذاق اللذيذ، ولكن في حالة «ذا أفوكادو شو» الأمر يختلف لأن التركيز هو على الأفوكادو التي تعد ثمرة فاكهة وخضار في نفس الوقت وتستخدم في الأطباق المالحة والحلوة، ولكن الخطورة في تبني مثل هذه الفكرة تكمن في أن هناك من لا يتقبل مذاق الأفوكادو أو من يفضل أكل اللحم والدجاج، ولهذا تكون نوعية الزبائن وعددهم محصوراً بالنباتيين والفيغن والباحثين عن الأكل الصحي ولن يكون المطعم وجهة مفتوحة ومغرية للجميع.
الأطباق التي جربناها يدخل الأفوكادو فيها كلها، ولفتنا طبق البرغر «Avo Smash Burger» المصنوع من قطعة من الأفوكادو المقلية مع الخضار، بالإضافة إلى «أفوكادو فرايز» «Avocado Fries» وهي تحل محل البطاطا المقلية، وهي عبارة عن قطع أفوكادو مقلية تقدم مع صلصة خاصة بـ«الترافل» وطبق الـ«سلمانغو» Salamango ويقدم إلى جانب نوعين من الصلصة، فضلنا صلصة الـ«واسابي مايو» فهي ألذ من صلصة الـ«مانغو مايو»، وهذا الطبق هو الأكثر مبيعاً وانتشاراً على «إنستغرام» وغيرها من المنصات الرقمية.
اللافت في لائحة الطعام أنها تقدم الأفوكادو في الأطباق الأولية والرئيسية والحلوى، حتى المشروب والعصائر مرتكزة على الأفوكادو.
قد تظن بأن هذا النوع من الطعام قد لا يشبع المعدة ولكن الحقيقة عكس ذلك والسبب هو احتواء الأفوكادو على البروتين والزيوت والكربوهيدرات الكافية لمنحك الشعور بالشبع.
أكثر ما أعجنبا في المكان، إلى جانب الديكور الجميل والزاهي والذي يساعد على فتح الشهية، والإنارة الجميلة التي تساعدك على التقاط صور جميلة وواضحة، طريقة تقديم الأطباق، لأنه في بعض الأحيان تسعى المطاعم لنشر صورة لطبق ما بطريقة رائعة ومن دون أي غلطة فيها، لتكون الحقيقة غير ذلك، وعند توجهك إلى المطعم تُفاجأ بطريقة تقديم مختلفة وليست على نفس المستوى المطلوب، وما لاحظناه في «ذا أفوكادو شو» أنه يعتني بتفاصيل التقديم لدرجة أنك تقد تسألك نفسك: «كيف يمكن الحصول على نفس قطع الأفوكادو بنفس السماكة واللون؟»، بالفعل طريقة التقديم رائعة، المذاق لذيذ ولكنه لا يتلاءم مع ذائقة الجميع، فقلي الأفوكادو فكرة جميلة وقد لا تروق لكل الذواقة، كما أنه في البرغر استبدال قطعة من الأفوكادو بقطعة اللحم قد لا يستحوذ على إعجاب الجميع.
في النهاية يمكن القول بأن المجتمع الذي نعيش فيه حالياً يرتكز على العالم الرقمي، وأعتقد أن المطاعم التي استطاعت مواكبة الموجة العصرية وهذا العالم وعرفت كيف تمزج ما بين الديكور والنكهة سيُكتب لها النجاح والبقاء... والبقاء للأفضل في ظل منافسة كبيرة في سوق الطعام في لندن والعالم.
«ذا أفوكادو شو»... عنوان لندني جديد لمحبي نشر صور الطعام على «إنستغرام»
الثمرة الخضراء معشوقة النباتيين والـ«فيغن» والذواقة بشكل عام
«ذا أفوكادو شو»... عنوان لندني جديد لمحبي نشر صور الطعام على «إنستغرام»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة