كان المهاجم الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ قد سافر إلى برشلونة من دون الحصول على إذن من آرسنال، وبالتالي كان هناك احتمال أن يقوم النادي الإنجليزي بفرض غرامة عليه، خصوصاً في ظل العلاقة المتوترة بين الجانبين، وبشكل أكثر تحديداً العلاقة السيئة بين أوباميانغ والمدير الفني للمدفعجية، مايكل أرتيتا. وبالتالي، كان من المفترض أن يشعر أوباميانغ بالقلق بسبب القيام بذلك.
وكان مصدر القلق الأكبر هو أن يتحول أوباميانغ إلى أضحوكة ومصدر للسخرية في حال فشل انتقاله إلى برشلونة في اليوم الأخير من فترة الانتقالات، على غرار ما حدث مع بيتر أوديموينغي. ففي يناير (كانون الثاني) من عام 2013، توجه مهاجم وست بروميتش ألبيون في ذلك الوقت إلى كوينز بارك رينجرز في اليوم الأخير لفترة الانتقالات، معتقداً أنه على وشك إكمال صفقة الانتقال ليتم تجاهله ويبقى في سيارته خارج ملعب «لوفتوس رود»! وبالنسبة لأوباميانغ، كان من الممكن أن يتجه إلى منزل والده في بلدة سيتغيس - على بُعد مسافة قصيرة من الساحل من برشلونة - في حال فشل المفاوضات، لكن الشيء المؤكد أن سمعته كانت ستتضرر كثيراً إذا لم تنجح الأمور. ومع ذلك، لم يكن أوباميانغ ليصل إلى ما هو عليه دون أن يتحلى بالشجاعة والإيمان التام بقناعاته، ودون أن يقاتل من أجل اغتنام الفرص التي تتاح له.
وبينما كان أوباميانغ ينعم بالإثارة والإشادة أثناء إزاحة الستار عن صفقة انتقاله إلى برشلونة على ملعب «كامب نو»، بعد أن اكتملت صفقة انتقاله في اللحظة الأخيرة، كان هناك اعتراف صريح بشأن أرتيتا. فهل كانت المشكلة الأساسية لأوباميانغ في آرسنال تتمثل في أرتيتا بكل بساطة؟ رد المهاجم الغابوني عن ذلك قائلاً: «أعتقد أن المشكلة كانت معه فقط، هو الذي اتخذ هذا القرار. لم يكن سعيداً، وهذا هو كل شيء، أما أنا فكنت هادئاً».
وأجرى أوباميانغ هذه المقابلة الصحافية باللغة الإسبانية - لغته الثانية بعد الفرنسية، وهي اللغة التي تأتي قبل كل من الإيطالية والإنجليزية والألمانية، وهي اللغات التي يتحدثها جميعاً بطلاقة. لقد أثبتت هذه التجربة للمهاجم الغابوني أمرين: أولاً، أنه كان محقاً عندما وثق في حدثه، وثانياً أن كل المعطيات يمكن أن تتغير في غمضة عين بهذه اللعبة المجنونة. وكان أرتيتا قد استبعد أوباميانغ من تشكيلة آرسنال في الحادي عشر من ديسمبر (كانون الأول) لأسباب تأديبية - عودة متأخرة من رحلة إلى فرنسا، ولم تكن هذه أول مشكلة يرتكبها المهاجم الغابوني فيما يتعلق بالالتزام بالمواعيد - ثم جرده من شارة القيادة واستبعده من حساباته تماماً.
وانضم اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً إلى منتخب الغابون للمشاركة في نهائيات كأس الأمم الأفريقية، لكنه لم يشارك في أي مباراة بعد إصابته بفيروس كورونا. عاد أوباميانغ مجدداً إلى آرسنال في 17 يناير (كانون الثاني)، لكنه ظل مستبعداً من تشكيلة الفريق، بل ومُنع من التدريب مع زملائه في الفريق. وكان آرسنال يرغب في بيعه إلى أحد الأندية السعودية، لكنه لم يكن يريد ذلك. وعندما ذهب آرسنال إلى دبي لإقامة معسكره التدريبي في الطقس الدافئ، تركه في لندن.
والآن، انضم أوباميانغ إلى برشلونة، الذي يعد أحد أكبر الأندية في العالم، بعقد يمتد حتى عام 2025، وإن كان يتضمن شرطاً جزائياً يسمح للاعب بالرحيل بعد 18 شهراً. ومن المؤكد أن أوباميانغ يسعى جاهداً للرد على أرتيتا وإثبات أنه كان مخطئاً عندما قرر التخلي عن خدماته. قال أوباميانغ عن ذلك: «أنا أعيش حلماً جميلاً، وسأعمل على البقاء هنا لأطول فترة ممكنة. لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة لعبت فيها، لكنني مستعد للعب ومساعدة النادي. لقد تحدثت إلى المدير الفني لبرشلونة، وهو يرى أنني مهاجم صريح».
وأضاف: «كان اليوم الأخير في سوق الانتقالات يوماً طويلاً للغاية، وكان الأمر جنونياً، ووقعنا العقود في آخر دقيقتين. كنت في منزل والدي، أنتظر أن يكون كل شيء على ما يرام. وفي فترة ما بعد الظهيرة، اتصلوا بي للذهاب والخضوع للكشف الطبي. كان هناك قليل من التوتر في النهاية، لكن كل شيء كان جيداً». وما نعرفه عن مخالفات أوباميانغ في آرسنال أن إحدى هذه المخالفات كانت في شهر مارس (آذار) الماضي، عندما تأخر أوباميانغ عن موعد مباراة الديربي أمام توتنهام وتم استبعاده من قائمة البدلاء. وفي الشهر السابق، تم تذكير أوباميانغ بمسؤولياته من قبل النادي بعد انتهاك قواعد وإجراءات مكافحة فيروس كورونا من أجل رسم وشم على جسده. ثم وصلت الأمور إلى طريق مسدودة عندما تخلف عن الموعد المحدد لعودته من رحلة فرنسا.
كان هناك كثير من المناقشات حول أسباب تأخره دائماً. وعند هذه النقطة، ربما يجدر بنا أن نتذكر كلمات المدير الفني الألماني توماس توخيل، الذي لعب أوباميانغ تحت قيادته في بوروسيا دورتموند، عندما قال في مايو (أيار) الماضي: «عندما كنا نريده في الوقت المحدد، فإذا كان موعد الاجتماع الأصلي هو الحادية عشرة صباحاً فإننا كنا نقول له إن الموعد هو 10.45 صباحاً! إنه لم يتخلف عن حصة تدريبية واحدة خلال عامين. ربما يصل متأخراً خمس دقائق، فهذا يمكن أن يحدث معه. لكن إذا فعل هذا، فإنه يأتي في عجلة من أمره ويعبر عن أسفه والابتسامة على وجهه. هذا هو الأمر بالكامل، ومن الصعب أن تشعر بالغضب من شخصية كهذه. إنه يملك قلباً كبيراً، كما أنه مجنون بعض الشيء، لكنه لطيف للغاية».
ويمكن للمدير الفني الألماني يورغن كلوب، الذي تولى تدريب أوباميانغ في بوروسيا دورتموند، أن يقول الشيء نفسه، وكذلك كريستوف غاليتييه، المدير الفني لنادي نيس، الذي عمل معه في سانت إتيان. لكن هل هناك شيئاً آخر بين أوباميانغ وأرتيتا، شيئاً أكثر حدة وفظاعة! في الحقيقة، يبدو الأمر كذلك! فوفقاً لإيان رايت، لم يكن هناك أي شيء، حيث قال المهاجم السابق لآرسنال: «أتعس شيء بالنسبة لي هو أنني لا أعرف ماذا حدث. أنا لا أعرف حقاً، وأنا على اتصال مع أوباميانغ».
وعندما يُنظر إلى المواقف على أنها خاطئة، وعندما تظهر الخلافات، لا يميل أرتيتا إلى التفاوض، وخير مثال على ذلك ما حدث مع ماتيو غيندوزي وويليام صليبا، اللذين يلعبان الآن مع نادي مارسيليا على سبيل الإعارة. من الممكن أن يكون من الصعب التعامل مع اللاعبين الموهوبين وهم في سن صغيرة، لكن يبدو أن أرتيتا لا يُسامح على الإطلاق، فإما أن تتبع تعليماته وإما أن ترحل.
وأصر أرتيتا على أن تراجع مستوى أوباميانغ هذا الموسم لم يكن أحد أسباب التعامل معه بهذه الطريقة. لكن ما الذي كان سيحدث لو سجل المهاجم الغابوني 14 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز بدلاً من أربعة؟ لم يكن لدى أوباميانغ أي رغبة في الرحيل عن آرسنال؛ على عكس بعض نجوم النادي من الماضي غير البعيد، فلم يتقدم بأي طلب للرحيل، بل على العكس أُجبر على المغادرة، حيث كان أرتيتا يريد التخلص منه بشكل دائم وليس على سبيل الإعارة.
وكان الحل الذي قدمه أوباميانغ هو السفر إلى برشلونة، ليثبت للنادي أنه يعتزم العمل بكل قوة، وهي الخطوة التي لاقت ترحيباً من نادي برشلونة، وكذلك قراره بقبول راتب أقل حتى نهاية الموسم، حيث يسعى برشلونة للخروج من أزمته الاقتصادية. وقال له خوان لابورتا، رئيس برشلونة: «أنت تعلم أنه عندما تكون الأوضاع المالية لبرشلونة جيدة، فإن برشلونة سيظهر امتناناً لأولئك الذين ساعدوا برشلونة». لقد عاد أوباميانغ إلى القمة. وقال عن الفترة الأخيرة له مع آرسنال: «لقد كانت شهوراً صعبة للغاية، وهذه هي كرة القدم في بعض الأحيان. إذا كان يتعين علي أن أقول أي شيء عن ذلك، فأنا من ناحيتي لا أعتقد أنني فعلت شيئاً سيئاً. لكنني نسيت كل ما حدث في الماضي، وأريد أن أفكر فقط في الحاضر».
أوباميانغ: المشكلة كانت مع أرتيتا وليس مع آرسنال
المهاجم الغابوني خاطر بسمعته عندما سافر إلى برشلونة للتعاقد دون إذن من «المدفعجية»
أوباميانغ: المشكلة كانت مع أرتيتا وليس مع آرسنال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة