الدبيبة يهاجم مجلس النواب... ويطلق مشاورات لإجراء الانتخابات الليبية

قوة عسكرية و«حكماء مصراتة» يرفضون تشكيل حكومة موازية

رئيس الحكومة الليبية المؤقتة خلال مشاركته في «ملتقى الساحل الغربي والجبل للمصالحة» (مكتب رئيس الحكومة)
رئيس الحكومة الليبية المؤقتة خلال مشاركته في «ملتقى الساحل الغربي والجبل للمصالحة» (مكتب رئيس الحكومة)
TT

الدبيبة يهاجم مجلس النواب... ويطلق مشاورات لإجراء الانتخابات الليبية

رئيس الحكومة الليبية المؤقتة خلال مشاركته في «ملتقى الساحل الغربي والجبل للمصالحة» (مكتب رئيس الحكومة)
رئيس الحكومة الليبية المؤقتة خلال مشاركته في «ملتقى الساحل الغربي والجبل للمصالحة» (مكتب رئيس الحكومة)

بينما تواصل أمس الانقسام الليبي حول الحكومة الجديدة، التي نصبها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، سجل التأييد الدولي التقليدي لحكومة «الوحدة» الوطنية المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، تراجعاً لافتاً، رغم تعهد هذا الأخير بالوفاء لمبادئ «الثورة»، التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
واستغل الدبيبة حضوره ملتقى محلياً لدعوة جميع الليبيين في كافة أنحاء البلاد للخروج في ذكرى «ثورة 17 فبراير (شباط)» إلى كل الميادين، وإعلان تفعيل القانون الخاص برعاية «أسر الشهداء والمفقودين»، لافتاً إلى أنه بدأ مشاورات مع عدد من الوطنيين لتنفيذ خطة للانتخابات في شهر يونيو (حزيران) المقبل.
وقال الدبيبة إن خطة إجراء الانتخابات، التي تحمل اسم «خطة عودة الأمانة للشعب»، سيعلن عن تفاصيلها من إجراءات قانونية وتنظيمية لاحقاً، موضحاً أن ذلك سيتضمن موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية والاستفتاء على الدستور.
كما اعتبر الدبيبة في «ملتقى أعيان وحكماء وبلديات الساحل الغربي والجبل ببلدية رقدالين» أن ما قام به مجلس النواب «عبث وتدليس وتزوير». وهاجم من وصفها بالطبقة السياسية، التي سيطرت على البلاد، حب تعبيره، وقال إنها «تدرك خطر الانتخابات، وتفتعل الحروب لتمدد لنفسها»، داعياً هؤلاء إلى «مراجعة تاريخهم المليء بالصراعات والحروب».
وكان الدبيبة قد تعهد لدى مشاركته مساء أول من أمس في مظاهرة مؤيدة لحكومته بمسقط رأسه، في مدينة مصراتة بغرب البلاد، بالوفاء لمبادئ «ثورة السابع عشر من فبراير»، فيما تظاهر أنصاره في ميدان الشهداء بوسط العاصمة طرابلس لإعلان رفضهم للحكومة الجديدة، والمطالبة بإسقاط مجلس النواب.
وأكد الناطق باسم حكومة «الوحدة» أنها مستمرة في أداء عملها بشكل اعتيادي، نافياً صحة ما يُشاع عن استقالة بعض الوزراء، وقال في بيان له أمس: «إنهم موجودون في مقراتهم بصورة طبيعية». معتبراً أن الحكومة «تواجه حملة واسعة من الأخبار المزيفة والمضللة، ومنها انتشار بعض المستندات المزورة على مواقع التواصل بشأن استقالة بعض الوزراء».
في إشارة إلى رسالة متداولة منسوبة لعمران القيب، وزير التعليم العالي بحكومة الدبيبة، يعلن فيها استقالته من منصبه، ويحرض زملاءه في الحكومة على الاستقالة أيضاً، حفاظاً على وحدة واستقرار البلاد، وتمكين الحكومة الجديدة من ممارسة مهامها.
وأعلنت القوى العسكرية وحكماء وأعيان من مدينة مصراتة رفضها لقرار مجلس النواب، وما وصفوه بتشكيل حكومة موازية لحكومة الدبيبة، تزامناً مع إعلان مجلسي بلديتي سرت وبنغازي تأييدهما لحكومة باشاغا.
وفي غضون ذلك، استمر أمس التحشيد العسكري لعناصر الميليشيات المسلحة داخل العاصمة طرابلس، حيث أكد عدد من الشهود وبعض وسائل الإعلام المحلية، أن هذا التحرك تم بأمر من الدبيبة، باعتباره وزير الدفاع بهدف تأمين مقار الحكم والمواقع الرئيسية في العاصمة طرابلس.
وتم رصد قافلة لما يعرف باسم «لواء الصمود» من مدينة مصراتة بغرب البلاد، ورتل قادم من مدينة الزاوية، بعد ساعات فقط من بيان مشترك لعشرات من قادة الميليشيات، رفضوا فيه تنصيب باشاغا رئيساً للحكومة الجديدة بدلاً من الدبيبة.
كما ندد القائد الميداني بالكتيبة 166 للحماية والحراسة، بما وصفه بـ«مؤامرة مدسوسة لدخول العاصمة عبر حكومة غير شرعية».
وأظهرت صور مختلفة تجمعاً لسيارات تابعة لبعض الميليشيات المسلحة أمام الفندق، الذي يتخذ منه المجلس مقراً له في وسط العاصمة طرابلس، ومنع أعضائه من الدخول.
في غضون ذلك، اكتفت السفارة الأميركية لدى ليبيا، ببيان مقتضب أعلنت فيه مساء أول من أمس تأييدها لما جاء في بيان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشأن التوافق والاستقرار والانتخابات في ليبيا، فيما يعتبر بمثابة امتناع عن تأييد الطرفين الأميركي والأممي لحكومة «الوحدة» المؤقتة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.