أسلحة أوكرانيا مصممة لحماية حدودها وليس لشن حرب

وحدات عسكرية متطوعة بقوات الدفاع الأوكرانية في كييف (أ.ب)
وحدات عسكرية متطوعة بقوات الدفاع الأوكرانية في كييف (أ.ب)
TT

أسلحة أوكرانيا مصممة لحماية حدودها وليس لشن حرب

وحدات عسكرية متطوعة بقوات الدفاع الأوكرانية في كييف (أ.ب)
وحدات عسكرية متطوعة بقوات الدفاع الأوكرانية في كييف (أ.ب)

يقول خبراء عسكريون إن أوكرانيا لا تمتلك حالياً إلا سفينة حربية واحدة كبرى ونحو عشر قطع للدوريات وحماية السواحل. لكنها تواجه مخاطر غزو أكثر من مائة ألف عسكري روسي لأراضيها التي باتت محاصرة من كل الجوانب. وسلاح البحرية الأوكرانية القديم المتمركز بغالبيته في ميناء سيفاستوبول في القرم، لم يعد عملياً موجوداً منذ أن ضمت روسيا شبه الجزيرة واستولت على كامل سفنه. ونشرت روسيا ست سفن جديدة في المنطقة لإجراء مناورات تستمر أسبوعاً تشارك فيها عشرات السفن التابعة لسلاح البحرية تبدأ في نهاية الأسبوع الحالي.
خلال دورية في بحر آزوف، ينظر القبطان الأوكراني أولكسندر سوركوف إلى المدفع الرشاش لزورقه بحسرة، متسائلاً كيف يمكن لعناصره صد هجوم للسفن الحربية الروسية المنتشرة حالياً في البحر الأسود. ويقول القبطان البالغ 32 عاماً خلال إبحار زورقه وسط ضباب يلف سواحل ميناء ماريوبول التجاري الأوكراني: «أسلحتنا مصممة بغالبيتها لحماية حدود دولتنا وليس لشن حرب». ويضيف: «لكن إذا هاجمونا (الروس) سندافع عن أنفسنا بكل ما لدينا من أسلحة».
ويقول الخبير في شؤون الجيش الأوكراني ميكولا بيليسكوف، كما جاء في تحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية، إن روسيا تنشر حالياً 13 سفينة حربية كبرى في البحر الأسود قبالة السواحل الجنوبية الغربية لأوكرانيا، يمكنها أن تدخل مياه بحر آزوف في أي وقت.
ويقول بيليسكوف إن «الأجواء مشحونة»، ويوافقه سوركوف الرأي، قائلاً إن «انتشار زوارق الدوريات الروسية في ازدياد»، متهماً الروس بـ«تأجيج التوترات». تقع ماريوبول عند أطراف الخط الأمامي الفاصل بين الأراضي الخاضعة لسلطة الحكومة وتلك التي يسيطر عليها انفصاليون تدعمهم روسيا في دونيتسك.
وتعرضت المنطقة لهجمات متكررة في الأشهر الأولى من النزاع مع الانفصاليين الذين حاولوا السيطرة على مينائها وإقامة جسر بري بين روسيا والقرم. ولميناء ماريوبول أهمية كبرى، خصوصاً لناحية تصدير الصلب الأوكراني الذي يدر على كييف أرباحاً كبيرة. وقد تمكنت القوات الأوكرانية من الصمود، لكنها دفعت ثمناً باهظاً. وأوقع النزاع مع الانفصاليين في أوكرانيا أكثر من 14 ألف قتيل وهجر 1.5 مليون شخص، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وتشكك قوات خفر السواحل التي تسير دوريات قبالة ماريوبول في قدرتها على صد هجوم برمائي روسي واسع النطاق قد يترافق مع غزو بري للبلاد من الشرق والشمال. ويقول القبطان في قوات خفر السواحل إيغور سوركوف إن «السفن الروسية الست التي دخلت منطقة البحر الأسود مجهزة بأسلحة يمكن استخدامها في البر والبحر، ومزودة بصواريخ».
ويضيف: «علينا أن نأمل بالتوصل إلى حل دبلوماسي»، ثم يتدارك: «لكن علينا أن نستعد للأسوأ». يقول خبير القوات البحرية في معهد لندن للدراسات الاستراتيجية نيك تشايلدز إن شن هجوم برمائي على أوكرانيا لن يكون سهلاً حتى لروسيا وعظَمتها العسكرية. ويشير تشايلدز، لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى المتابعة الدقيقة لـ«تحركات السفن البرمائية الروسية في البحر الأسود لتعزيز القوات المنتشرة هناك». ويضيف: «لكن العمليات البرمائية قد تنطوي على مخاطر للقوات الروسية، كما أن أوكرانيا تمتلك بعض القدرات للدفاع عن سواحلها، بما في ذلك صواريخ مضادة للسفن في طور التطوير». ويوافقه بيليسكوف الرأي قائلاً إن إنزالاً برمائياً سيكون «من الصعوبة بمكان تنفيذه»، ويضيف: «إذا اقتصرت العمليات على إنزال برمائي، سنتمكن من الصمود». إلا أن الخبير العسكري الروسي المخضرم بافيل فلغنهاور يقول إن الكرملين يعد لهجوم كهذا منذ نحو عام. ويضيف: «لقد أجروا مناورات على إنزال برمائي بميدان رماية في أوبوك بالقرم في أبريل (نيسان) الماضي».
ويوضح فلغنهاور أن «الخطة تقتضي هجوماً برمائياً مركزاً قوامه عشرة آلاف عسكري في الضربة الأولى»، معتبراً أن «الأوكرانيين لن يتمكنوا من صد هذا الهجوم». ويضيف: «بعدها تأتي الضربة الثانية. سيكون صعباً جداً صد إنزال برمائي نظراً لتفوق روسيا ليس في البحر فقط بل في الجو أيضاً». واحتمال اندلاع حرب بهذا النطاق في أي وقت يتسبب لسوروكوف وعائلته بتوتر متزايد.
ويقول إنه أمضى منذ مطلع العام غالبية وقته في البحر بسبب المناورات الروسية. ويضيف القبطان الأوكراني: «زوجتي تشعر بالتوتر لأنني لا أمضي إلا القليل من الوقت في المنزل»، ويتابع: «إنها تسألني دوماً إذا كانت الأمور على ما يرام. لكن الأوضاع تزداد سخونة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».