المعارضة السورية تقترب من السيطرة على كامل محافظة إدلب.. والنظام ينتقم بثلاث مجازر

معسكر القرميد الذي سيطرت عليه المعارضة وأحد أهم قواعد النظام

مقاتلو المعارضة مجتمعون عند «معسكر القرميد» بريف إدلب بعد السيطرة عليه ودحر قوات النظام منه (رويترز)
مقاتلو المعارضة مجتمعون عند «معسكر القرميد» بريف إدلب بعد السيطرة عليه ودحر قوات النظام منه (رويترز)
TT

المعارضة السورية تقترب من السيطرة على كامل محافظة إدلب.. والنظام ينتقم بثلاث مجازر

مقاتلو المعارضة مجتمعون عند «معسكر القرميد» بريف إدلب بعد السيطرة عليه ودحر قوات النظام منه (رويترز)
مقاتلو المعارضة مجتمعون عند «معسكر القرميد» بريف إدلب بعد السيطرة عليه ودحر قوات النظام منه (رويترز)

أوشكت قوى المعارضة السورية على السيطرة على كامل محافظة إدلب بعد نجاحها، يوم أمس، بدخول معسكر «القرميد» شمال غربي البلاد، وذلك بعد أيام قليلة على إحكام سيطرتها على مدينة جسر الشغور، مما دفع النظام السوري إلى شن حملة جوية كبيرة على المنطقة أدّت، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لمقتل 73 شخصا خلال 24 ساعة.
وأفاد المرصد بأن «مقاتلين إسلاميين ومعارضين سيطروا، فجر الاثنين، على معسكر القرميد، أحد أهم المعاقل المتبقية لقوات النظام في محافظة إدلب»، موضحا في بيان، أن «الاشتباكات اندلعت بين الطرفين بعد تفجير مقاتلين اثنين من «جيش الفتح» لنفسيهما بعربتين مفخختين في محيط المعسكر، مما أدى لمقتل ما لا يقل عن 15 عنصرا من قوات الحكومة والمسلحين الموالين لها، إضافة إلى استيلاء مقاتلي «جيش الفتح» على 7 دبابات و6 مدافع هاون وفوزليكا وعدد من راجمات الصواريخ وناقلات الجند المدرعة والرشاشات الثقيلة، بالإضافة لكميات كبيرة من الذخيرة».
وقال الشيخ حسام أبو بكر، وهو قيادي للمقاتلين من «حركة أحرار الشام»، عبر سكايب لوكالة «رويترز»: «دخلت سيارة مفخخة محملة بطنين من المتفجرات أحد مداخل المعسكر مما مكن فيما بعد المجاهدين من السيطرة على المعسكر».
ويضم التحالف المعروف باسم «جيش الفتح» كلا من «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» و«حركة جند الأقصى». وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، عشرات المقاتلين وهم داخل القاعدة العسكرية التي كان الجيش السوري يستخدمها لقصف البلدات والقرى التي تسيطر عليها المعارضة في المحافظة الزراعية الاستراتيجية المتاخمة لتركيا.
وتحدث ناشطون عن «تقارير موثقة تؤكد أن قصف قوات الأسد من معسكر القرميد طوال السنوات الأربع الماضية أدى لاستشهاد أكثر 9866 مدنيًا، وتدمير عشرات المنازل بريف إدلب الشمالي والغربي والشرقي».
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن المعسكر الذي سيطرت عليه المعارضة «واحدة من أهم قواعد النظام في إدلب وكان بها كثير من الأسلحة»، لافتا إلى أن «المقاتلين سيطروا على 7 دبابات على الأقل، بالإضافة إلى مخزون كبير من الذخيرة وعشرات من قاذفات الصواريخ».
وأشار عبد الرحمن في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى «فشل قوات النظام في الاحتفاظ بالمعسكر على الرغم من قصفه العنيف لمواقع مقاتلي النصرة والكتائب الإسلامية المقاتلة».
ونشرت «جبهة النصرة» عبر حساباتها الرسمية على موقعي «فيس بوك» و«تويتر»، صورا عدة ومقاطع فيديو تظهر الدبابات والمدافع التي استولت عليها داخل المعسكر، وأرفقتها بتعليق ورد فيه «جبهة النصرة من داخل معسكر القرميد: غنائم المجاهدين».
وتظهر صور أخرى جثث عدد من عناصر قوات النظام ممددة على الأرض داخل المعسكر وهم بلباسهم العسكري وإلى جانبهم أسلحتهم وخوذهم.
وبعد سيطرة «جيش الفتح» خلال أقل من شهر على مدينتي إدلب وجسر الشغور، وأخيرا معسكر «القرميد»، بات وجود النظام في محافظة إدلب يقتصر على مدينة أريحا (على بعد نحو 25 كيلومترا من جسر الشغور) ومعسكر المسطومة القريب منها، بالإضافة إلى مطار أبو الظهور العسكري وعدد من البلدات.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن «وحدة من الجيش والقوات المسلحة تخوض معارك عنيفة في محيط معمل القرميد، وتمكنت من قتل وإصابة أعداد كبيرة من الإرهابيين».
وأكد ناشط من إدلب لـ«مكتب أخبار سوريا»، أنّ الطيران المروحي النظامي قصف ببرميلين متفجرين يحويان غاز الكلور السام قرية كفرعويد في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، مما أسفر عن إصابة أكثر من 15 شخصًا بحالات اختناق تم نقلهم إلى المشافي الميدانية في بلدة كفرنبل ومدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إنّه «وفي ظل صمت دولي مخيف، ارتكب نظام بشار الأسد 3 مجازر جديدة في إدلب راح ضحيتها 73 مواطنًا بينهم 30 طفلاً ومواطنة».
ولفت المكتب إلى مقتل 51 مدنيًا وإصابة 90 آخرين إثر 3 غارات شنها الطيران الحربي النظامي، على سوق شعبي وسط بلدة دركوش شمال غربي مدينة إدلب. كما قصف الطيران المروحي ببرميل متفجر، قرية اللج جنوب غربي مدينة إدلب، مما أدى إلى سقوط 8 قتلى وعدد من الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى دمار في الأبنية السكنية.
في هذا الوقت، استمر وصول العائلات النازحة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف اللاذقية من المناطق التي تشهد معارك بين القوات السورية النظامية وفصائل المعارضة في قرى سهل الغاب بريف حماه الشمالي، ومدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي.
وأشار «مكتب أخبار سوريا» إلى أنه وصل خلال اﻷيام الماضية أكثر من 500 عائلة إلى ريف اللاذقية تم استقبال بعضهم في منازل المدنيين بقرى جبلي اﻷكراد والتركمان، في حين أنّ الآخرين توجهوا إلى المخيمات على الحدود السورية - التركية بريف المحافظة، حيث يتم بالتعاون مع الدفاع المدني لإنشاء مخيم جديد لهم بالقرب من قرية اليمضية.
وأوضح ناشطون أن أعداد النازحين إلى ريف اللاذقية يزداد بشكل يومي مع توسع رقعة المعارك في ريفي حماه وإدلب، خاصة بأنها تتزامن مع قصف جوي «مكثّف» تشنه القوات النظامية على المباني السكنية في تلك المناطق.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».