قصف شاحنات أسلحة في صعدة بعد تكديس العتاد العسكري في كهوف المحافظة اليمنية

المقاومة في تعز تنشر «قائمة سوداء» للمتعاونين مع صالح والحوثيين

يمنيان يعاينان مبنى تضرر من جراء قتال بين المقاومة ومقاتلين حوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
يمنيان يعاينان مبنى تضرر من جراء قتال بين المقاومة ومقاتلين حوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

قصف شاحنات أسلحة في صعدة بعد تكديس العتاد العسكري في كهوف المحافظة اليمنية

يمنيان يعاينان مبنى تضرر من جراء قتال بين المقاومة ومقاتلين حوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)
يمنيان يعاينان مبنى تضرر من جراء قتال بين المقاومة ومقاتلين حوثيين في تعز أمس (أ.ف.ب)

تستمر المواجهات والاشتباكات التي تدور رحاها في أكثر من محافظة يمنية، في حين اتجهت أنظار اليمنيين إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك في انتظار القرارات التي سيخرج بها، بعد انتهاء المهلة التي أعطاها المجلس للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في ضوء القرار الأخير (2216).
وعاود طيران التحالف العربي أمس، قصف مواقع في أطراف العاصمة اليمنية، حيث قالت مصادر محلية إن طائرات التحالف، التي سمع أزيزها في سماء صنعاء، قصفت مناطق فج عطان وحدة وهمدان. غير أنه لم يسجل سماع انفجارات عنيفة كما كان عليه الحال إبان عملية «عاصفة الحزم». وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن طيران التحالف تمكن أمس من تدمير 9 شاحنات، كانت محملة بالأسلحة والذخائر، وجرى تدميرها بالتحديد في منطقة آل عمار، قرب مدينة صعدة أثناء وصولها من صنعاء. وحسب مصادر قبلية في صعدة، فقد نقل الحوثيون كميات هائلة من الأسلحة والذخائر إلى محافظة صعدة، خلال الأشهر القليلة الماضية. وتشير المصادر إلى تكديس ذلك العتاد العسكري في عدد من كهوف المحافظة.
في هذا الوقت استمرت، أمس، المواجهات في محافظة تعز بين المقاومة الشعبية الموالية لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات العسكرية المتمردة على الشرعية والموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وقال الناشط عصام العريقي، مدير أحد المستشفيات الميدانية في مدينة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن تعز شهدت أمس قصفا مدفعيا وبالدبابات بصورة أكثر مما كان عليه القصف في اليوم السابق. وأشار العريقي إلى انتشار عدد كبير من الجثث في الشوارع لعدم قدرة الوصول إليها، إضافة إلى عدم قدرة المستشفيات على استيعاب جثث القتلى ومعالجة المصابين. وأشار إلى أن هناك جهودا حالية للقيام بافتتاح مستشفى ميداني آخر، بالقرب من مناطق المواجهات.
وأشار الناشط اليمني إلى حالة نزوح كبيرة في أوساط سكان مدينة تعز من الأحياء التي تشهد تلك المواجهات إلى أحياء أخرى يعتقد المواطنون أنها آمنة. وقالت مصادر محلية مطلعة في مدينة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين يقومون برفع أعلام تنظيم داعش وأعلام تنظيم القاعدة فوق بعض البنايات داخل المدينة، وثم تصويرها وتصوير الاشتباكات عبر «الفيديو»، وذلك لتسويق أنهم (الحوثيين) يقاتلون العناصر المتشددة وليس المواطنين، حسبما تقول المصادر. وهناك مخاوف من استغلال الحوثيين لهذه الدعايات الكاذبة لقصف المدنيين من دون محاسبة خارجية.
وعلى صعيد آخر، أصدرت المقاومة في تعز، «قائمة سوداء» أطلقت عليها تسمية «قائمة العار»، وتضم أسماء 24 شخصية من المتعاونين مع الرئيس المخلوع صالح ومع الميليشيات الحوثية. وتضم القائمة أسماء بارزة كالشيخ سلطان عبد الرب السامعي، عضو مجلس النواب اليمني عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، ومحمد منصور الشوافي، وكيل محافظة تعز، وحمود خالد الصوفي، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات) وزير الخدمة المدنية، محافظ تعز سابقا، إضافة إلى بعض الأسماء التي عرفت بعلاقتها بالحوثيين، ومنها سليم مغلس، أحد المتحدثين الحوثيين.
وفي السياق ذاته، قال شهود عيان في مدينة تعز إنه ظهرت مجاميع تقاتل في صفوف الميليشيات الحوثية من خارج المحافظة، في إشارة إلى أن المحافظة تتعرض لما يشبه الغزو من قبل مناطق شمال الشمال، على حد تعبير بعض النشطاء.
وفي موضوع آخر، تتواصل معاناة اليمنيين جراء انعدام المشتقات النفطية وانقطاع التيار الكهربائي. وفي هذا السياق، حذرت المؤسسة العامة للاتصالات من أنها ستضطر إلى وقف خدمات الاتصالات والإنترنت عن المشتركين في البلاد. وذلك نتيجة لانعدام المشتقات النفطية، وترى الكثير من الأوساط السياسية اليمنية أن اتخاذ خطوة كهذه، قد يجعل البلاد في عزلة كاملة عن العالم الخارجي «وسيتيح للميليشيات ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب اليمني»، حسب المصادر التي أكدت أن «منظومة الاتصالات في اليمن العامة والخاصة باتت تحت رقابة شديدة من قبل الميليشيات الحوثية، بصورة تصل إلى خصوصيات المواطنين».
هذا في الوقت الذي تعاني فيه كل المستشفيات في المحافظات اليمنية جراء هذه المشكلة، وتشير مصادر طبية إلى وفاة الكثير من الحالات المرضية لهذه الأسباب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم