أمرت محكمة أونتاريو العليا أمس (الجمعة) بمغادرة المتظاهرين المعارضين للإجراءات الصحية الذين يشلون شرياناً حيوياً حدودياً مع الولايات المتحدة منذ أيام عدة، مما دفع واشنطن إلى التدخل لدى الحكومة الكندية.
وغرد درو ديلكينز رئيس بلدية مدينة ويندسور الواقعة على جسر أمباسادور الذي يربط كندا بالولايات المتحدة والذي أغلقه المحتجون «قرر القاضي بأن على المتظاهرين المغادرة قبل الساعة 19:00» بالتوقيت المحلي (منتصف الليل ت غ)، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
https://twitter.com/drewdilkens/status/1492251669530300416?s=20&t=mkA8wz3yZDKm-jTT75FP8Q
إلا أن المتظاهرين كانوا لا يزالون يعطلون الحركة على الجسر حتى الساعة 23:30 بالتوقيت المحلي من دون تدخل الشرطة.
وكان لإغلاق هذا المحور الحدودي الرئيسي الذي يربط مقاطعة أونتاريو بمدينة ديترويت الأميركية تداعيات على قطاع صناعة السيارات على جانبي الحدود.
وضغطت واشنطن على الحكومة الكندية الخميس، طالبة منها استخدام «الصلاحيات الفيدرالية» لفض الاحتجاج. وأمس، خلال اتصال هاتفي مع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، تناول الرئيس الأميركي جو بايدن مباشرة «العواقب الخطرة» لتعطيل الاقتصاد الأميركي جراء الاحتجاجات الكندية.
وتمر أكثر من 25 في المائة من السلع المصدرة بين الولايات المتحدة وكندا عبر هذا الجسر.
وبعد ساعات على ذلك، أكد ترودو أن الحدود «لن تبقى مغلقة» واعداً بتكثيف تدخل الشرطة ضد المحتجين.
وأكد أن «كل الخيارات واردة» لإنهاء تحرّك المحتجّين، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه غير مستعد لنشر الجيش فوراً، معتبراً أنه «الحل الأخير».
وصباح أمس، أعلن رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو حيث جسر أمباسادور والعاصمة الفيدرالية أوتاوا، حالة الطوارئ.
وقال دوغ فورد خلال مؤتمر صحافي: «سنتّخذ كلّ التدابير الضرورية لضمان إعادة فتح الحدود، وأقول لسكّان أوتاوا المحاصرين: سنحرص على أن تكونوا قادرين على استئناف حياة طبيعية في أسرع وقت».
وإضافة إلى جسر أمباسادور، يغلق المحتجّون طريقين رئيسين آخرين، أولّهما في إيميرسون، ويربط مانيتوبا بداكوتا الشمالية، وثانيهما في مقاطعة ألبرتا.
أتت هذه الضغوط من الجار الأميركي القوي لتضاف إلى تلك التي تمارسها على رئيس الوزراء أحزاب المعارضة التي تتّهمه بالتقاعس في معالجة الأزمة.
وفي حين يعزو كثيرون إحجام ترودو عن التحرّك في هذه القضية إلى حسابات سياسية، خصوصاً أنّه مرشّح لانتخابه مجدّداً في يونيو (حزيران) المقبل، يحاول رئيس الوزراء أن يلقي عن كاهل السلطات الفيدرالية مسؤولية حلّ هذه الأزمة.
لكنّ المعارضة لا تشاطره هذا الرأي وتطالبه بسرعة التحرّك لحلّ الأزمة أو على الأقلّ لطرح مقترحات لحلّها.
وقالت كانديس بيرغن، الزعيمة المؤقتة لحزب المحافظين: «من غير المقبول ألا يتحرك رئيس وزراء دولة من مجموعة السبع إحدى أقوى دول العالم، وألا يبدي حساً قيادياً لتسوية الوضع».
لكن في نظر دانيال بيلان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماكغيل في مونتريال، «تكمن المشكلة في أنّ ترودو ألقى في البدء الوقود على النار بوضعه جميع المتظاهرين في سلّة واحدة، ثم ظلّ صامتاً طوال خمسة أيام، والآن لا يبدو أنه لا يتحمّل مسؤولياته».
وقالت صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية إنّ أعداد المتظاهرين في شوارع أوتاوا زادت في الأيام الأخيرة وقد نُصبت خشبة مسرح أمام البرلمان.
وأوكد مات لينير الذي علق العلم الكندي على هراوة هوكي أنه لا يشعر بالقلق، موضحاً: «ندافع عما نؤمن به ولا نخالف أي قانون» وهو جالس أمام البرلمان بانتظار «آلاف الكنديين» الذين سينضمون إلى المظاهرات خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وقالت جسيكا دوسيو (34 عاماً): «نحن سلميّون. الأمور تسير على ما يرام! لم أرَ أبداً هذا القدر من الحبّ والمساعدة المتبادلة. لسنا هنا بدافع الكراهية، نحن هنا لاستعادة حرية الاختيار».
واختارت هذه المرأة التي تعمل سائقة حافلة، المجيء مع زوجها الذي يعمل سائق شاحنة وطفليهما البالغين ثلاث سنوات وعشرة أشهر، وكلبهم، للاحتجاج تحت نوافذ مكتب رئيس الوزراء.
والخميس، جدّدت شرطة المدينة القول إنّها «غير قادرة» على «إنهاء» هذه المظاهرة من دون تعزيزات.
وتتوقع المدينة تدفق المتظاهرين مجدداً اليوم (السبت).
وانتقلت عدوى هذه الاحتجاجات إلى مدن كندية رئيسية أخرى مثل مونتريال التي يستعدّ رافضو التدابير الصحيّة لإغلاق شوارعها بسياراتهم وشاحناتهم. كذلك وصلت شرارة هذه التحركات إلى أماكن أخرى من العالم.
في فرنسا، انطلق آلاف من معارضي القيود الصحية في قوافل متّجهين إلى باريس التي بلغوا أطرافها مساءً، رغم أنّ السلطات توعّدتهم بمنع أي إغلاق للطرق.
ويطالب منظّمو هذه التعبئة الذين استلهموا تحركهم هذا من أقرانهم الكنديين، بإلغاء إلزامية إبراز بطاقة التطعيم، وهو إجراء دخل حيّز التنفيذ في فرنسا في 24 يناير (كانون الثاني).
ويزعم هؤلاء المحتجون أنّهم ينتمون إلى «السترات الصفر»، حركة الاحتجاج الشعبية التي هزّت فرنسا في 2018 - 2019 وبدأت احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات قبل أن تصبح انتفاضة ضدّ سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون.