قائد «اليونيفيل» يدعو لبنان وإسرائيل لاستئناف محادثات الحدود البرية

TT

قائد «اليونيفيل» يدعو لبنان وإسرائيل لاستئناف محادثات الحدود البرية

دعا رئيس بعثة قوات حفظ السلام المؤقتة العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» الجنرال ستيفانو ديل كول، الجانبين اللبناني والإسرائيلي لـ«استئناف محادثات الخط الأزرق التقنية، بغية الوصول إلى اتفاقات حول عدد من النقاط الخلافية على طول الخط»، وهي نقاط يصل عددها إلى 74 نقطة خلافية تحول دون ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
وأعلن بيان لقيادة «اليونيفيل»، أمس، أن رئيس البعثة وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول ترأس الاجتماع الثلاثي الأول لهذا العام مع ضباط القوات المسلحة اللبنانية الكبار والجيش الإسرائيلي في رأس الناقورة، وكان هذا هو الاجتماع الثلاثي الأخير لرئيس بعثة اليونيفيل المنتهية ولايته.
وتحدث ديل كول عن «التحديات والفرص التي شهدها منذ توليه قيادة اليونيفيل في أوائل أغسطس (آب) 2018، وكذلك عن الطريق إلى الأمام». وقال: «يجب علينا جميعاً، أن نلعب دورنا للانتقال من المستوى التقني إلى الهدف الأسمى المتمثل في تحقيق سلام مستدام. هذا هو التحدي الذي أضعه أمامكم جميعاً وأنا أفارقكم»، في إشارة إلى انتهاء ولايته وتسليم موقعه إلى خلفه اللواء الإسباني أرولدو لازارو ساينز، أواخر الشهر الجاري.
وأشار اللواء ديل كول إلى أن «خط اتصالات اليونيفيل المفتوح مع الأطراف سوف يحافظ على حيويته، رغم بعض التحديات». وقال: «خلال العديد من الحوادث التي وقعت على الخط الأزرق، واصل كل من القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي العمل مع اليونيفيل، مما أتاح لها الوقت والمساحة للتهدئة».
وتابع اللواء ديل كول: «من المشجع أن كل منكما واصل العمل عن كثب مع اليونيفيل خلال كل حادث من هذه الحوادث لاحتواء الوضع واستعادة الاستقرار، وهذا يبين المساهمة الحاسمة لقنوات الارتباط والتنسيق التي نضطلع بها لتهدئة الوضع ونزع فتيل التوتر، وفي صميم هذه القنوات نجد منتدانا الثلاثي».
وشجّع رئيس بعثة اليونيفيل الأطراف على استئناف محادثات الخط الأزرق التقنية، بغية الوصول إلى اتفاقات حول عدد من النقاط الخلافية على طول الخط، واستخدام المنتدى الثلاثي للبناء على الإنجازات التي تحققت في الماضي ولإحراز تقدم نحو بيئة أكثر استقراراً.
وشملت القضايا الأخرى التي نوقشت في الاجتماع الحوادث على طول الخط الأزرق، وخروق المجال الجوي والانتهاكات الخطيرة لوقف الأعمال العدائية في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي 1701.
ودعا اللواء ديل كول الوفدين إلى تقديم دعمهما المعتاد إلى خلفه، اللواء الإسباني أرولدو لازارو ساينز، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على نفس المستوى من الالتزام والبناء على التقدم المحرز حتى الآن وإنهاء النقاط العالقة التي سبق أن اتفق عليها الطرفان، بما يتماشى مع توقعات مجلس الأمن». وقال: «أطلب منكم أن تستمروا في هذا السياق من الانفتاح والحوار مع خلفي».
وعقد ضباط من لبنان وإسرائيل 150 اجتماعاً تضمنت محادثات غير مباشرة برعاية اليونيفيل وبحضورها، منذ نهاية حرب يوليو (تموز) 2006 وحتى الآن. وحسب اليونيفيل، فإن الاجتماع الذي عقد أمس كان رقم 26 برئاسة الجنرال ديل كول منذ تسلمه مهامه. وقالت «اليونيفيل» إن هذه الاجتماعات «أثبتت أنها ضرورية لإدارة النزاع وبناء الثقة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم