العجيري يودع فلك الخليج عن 101 عام

الفلكي الكويتي الدكتور صالح العجيري
الفلكي الكويتي الدكتور صالح العجيري
TT

العجيري يودع فلك الخليج عن 101 عام

الفلكي الكويتي الدكتور صالح العجيري
الفلكي الكويتي الدكتور صالح العجيري

فقدت الكويت أمس الخميس، ‏عالم الفلك الدكتور صالح العجيري، أحد أبرز ‏‏علماء الفلك والرياضيات في العالم العربي، حيث توفي عن عمر ناهز 101 عام.
ونعى مركز العجيري العلمي رئيس مجلس إدارته ومؤسسه، وقال المركز في بيان «إن الراحل يعد مؤسس علم الفلك في الكويت والمنطقة وله العديد من الإسهامات والإنجازات العلمية والمؤلفات التي أثرت المكتبات العلمية»، ومع شيوع اسمه في علم الفلك، فقد كان متميزاً بعلوم الجغرافيا والتاريخ والاجتماع والحساب والرياضيات.
وقدم أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد تعازيه لأسرة الفلكي صالح العجيري، مشيداً بما قدمه الراحل، الذي وصفه بأنه «أحد رجالات الوطن الأوفياء»، مستذكراً «مناقب العالم الفقيد وأعماله الجليلة وإسهاماته المقدرة في خدمة وطنه خلال مسيرته الحافلة بالعطاء في المجال التربوي والرياضيات وعلم الفلك والأهلة، حيث نهل من علمه الوافي العديد من رجالات الكويت». وقال أمير الكويت إن الراحل العجيري كان «قامة علمية شامخة يشار إليها بالبنان على الصعيدين المحلي والخارجي وتجسد ذلك بالاحتفاء به وتكريمه مراراً وحصوله على العديد من الجوائز عرفانا بعطائه الكبير»، مشيراً على نحو خاص، إلى أن «من إسهاماته البارزة إصداره (تقويم العجيري) بشكل متواصل على مدى عشرات السنين، الذي كان معتمدا وموثوقا من قبل مختلف الجهات مؤكدين أن هذه الإسهامات النيرة ستكون نبراسا ملهما للأجيال وستظل خالدة في وجدان الجميع». كما عزى برحيله ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، معتبراً أن «مناقب الفقيد ومآثره وما قدمه للوطن العزيز وأبنائه من خدمات جليلة ستظل شاهدة على إخلاصه وحبه للكويت».
وكان أحد أبرز إنجازات الراحل العجيري هو إصدار «تقويم العجيري» الذي أصدره في العام 1952، ويعد مرجعاً علمياً للتقاويم في العالم العربي والإسلامي، ويتميز بدقة حساباته، وقد اعتمدت دولة الكويت هذا التقويم رسمياً في جميع معاملاتها الرسمية، كما أنشأ مرصداً فلكياً خاصاً به في بداية السبعينيات، واشترى أجهزته من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا من ماله الخاص.
وتقديراً لدوره، منحته جامعة الكويت دكتوراه فخرية في العام 1981، كما منح في العام 1988، قلادة مجلس التعاون الخليجي للعلوم.
ولد الدكتور صالح العجيري ‏في مدينة الكويت (الحي القبلي) عام 1921، وتعلم بداية حياته في الكتاتيب، وفيها أيضاً تعلم الحساب واللغة العربية والفقه، من ثم التحق بمدرسة أسسها والده واستمر فيها حتى العام 1928، انتقل بعدها للدراسة في المدرسة المباركية واستمر فيها حتى الصف الثاني الثانوي، وبعدها عمل مدرساً في دائرة المعارف في المدرسة الشرقية، قبل أن ينتقل إلى المدرسة الأحمدية.
قاده الخوف من الرعد والبرق والمطر، منذ طفولته إلى التعلق بعلوم الفلك، محاولاً سبر أغوار هذه الظواهر الطبيعية، ودفعاً لهذا الخوف انخرط أكثر في دراسة الظواهر الفلكية، وقال في مقابلة متلفزة «ما أدخلني علم الفلك، هو أنني كنت أخاف من الظواهر الطبيعية، أخاف قصف الرعد، وأخاف وميض البرق، وأخاف من الظلام، وأخاف من هبوب الرياح، وأخاف من المطر. فدخلت علم الفلك من باب (اعرف عدوك)». ثمة سبب آخر جعله شغوفاً بعلم الفلك، ذلك أنه كان متميزاً في مادة الرياضيات، حتى أنه بقي لآخر عمره يجري الحسابات الدقيقة من دون الاستعانة بالآلة الحاسبة، وفي صباه أرسله والده إلى البادية لتعلم الفروسية والرماية، وهناك تعرف أكثر على حركة النجوم والقمر والمواقيت.
وفي مراحل مبكرة، قرأ كتاب «المناهج الحميدية في حسابات النتائج السنوية»، لمؤلفه الفلكي المصري عبد الحميد مرسي غيث، الفلكي، وقاده شعفه للسفر إلى مصر في رحلة طويلة ابتدأها من البصرة حتى بغداد ثم دمشق فبيروت، ومنها ركب الباخرة إلى الإسكندرية، وفي مصر راح يفتش عن المؤلف حتى وجده في (ميت النخاس) بمحافظة الشرقية، وكان عبد الحميد مرسي غيث وقتها بلغ الثمانين من عمره. وكان كريماً مع العجيري إذ أعطاه كتبا ومعلومات وراح يدرسه بعض علوم الفلك، من ثم أحاله إلى أستاذ الفلك المصري الشيخ عبد الفتاح وحيد، فدأب على التعلم على يديه، وبعد وفاته حاز العجيري على نحو 70 كتاباً من كتبه النفيسة التي ألفها أو حوتها مكتبته ونقلها إلى الكويت.
خلال دراسته في مصر، التحق بمرصد حلوان، وشهد تأسيس مرصد القطامية، ليبدأ بعدها بالتواصل مع المراصد حول العالم، وكان من أهمها مرصد غرينتش ومرصد البحرية الأميركية، ومنحته مدرسة الآداب والعلوم التابعة لجامعة الملك فؤاد الأول في العام 1946، شهادة مدارس المراسلات المصرية، كما حصل العام 1952 على شهادة من اللجنة الفلكية العليا للاتحاد الفلكي المصري تقديراً لأبحاثه.
ومنذ دراسته الأولى، أنجز العجيري العديد من الدراسات الفلكية، وفي العام 1943، طبع أول تقويم يحمل اسمه على أوراق صغيرة لكل شهر، وفي العام 1944 طبع التقويم الثاني في بغداد.
وقد أثرى العجيري المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات العلمية والفلكية وله أكثر من 18 مؤلفاً، من أهمها: «علم الميقات»، و«كيف تحسب حوادث الكسوف والخسوف»، و«خارطة ألمع نجوم السماء»، و«دورة الهلال»، و«كيف تستدل على الفصول الوجهات الأربع»، و«جدولة الوقت»، بالإضافة لعدد من الأبحاث المهمة منها «الخطوط والدوائر»، و«أهمية ميل الشمس»، و«رصد الكواكب والنجوم»، و«مداخلات الزمن» وغيرها.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2003، فجع صالح العجيري بفقدان زوجته المقعدة وابنه البكر في حريق مروع، كما أصيب هو أيضاً في الحادث حيث أدخل إلى غرفة العناية الفائقة بالمستشفى الأميري إثر تعرضه لحالة اختناق جراء الحريق.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، أدخل العجيري إلى مستشفى جابر بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد، وأدخل إلى العناية المركزة بسبب تدهور وضعه الصحي، حتى تشافى منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2020.


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

سترسل شركة «فايرفلاي آيروسبايس» الأميركية مركبة فضائية إلى القمر في منتصف يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

نجح الذكاء الاصطناعي في تصنيع محرك صاروخي متطور بالطباعة التجسيمية.

جيسوس دياز (واشنطن)
يوميات الشرق رسم توضيحي فني لنجم نيوتروني ينبعث منه شعاع راديوي (إم تي آي نيوز)

كشف مصدر إشارة راديو غامضة سافرت 200 مليون سنة ضوئية لتصل إلى الأرض

اكتشف علماء انفجاراً راديوياً غامضاً من الفضاء عام 2022، وقع في المجال المغناطيسي لنجم نيوتروني فائق الكثافة على بُعد 200 مليون سنة ضوئية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يتم رصد القمر وكوكب الزهرة في السماء فوق المجر (إ.ب.أ)

هواة مراقبة النجوم يشهدون كوكب الزهرة بجانب الهلال

يبدو أن شهر يناير (كانون الثاني) سيكون شهراً مميزاً لرؤية الظواهر السماوية النادرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.