«النواب» الليبي ينصّب باشاغا رئيساً لحكومة جديدة

حفتر يرحب... والدبيبة يتحدث عن تعرضه لمحاولة اغتيال

جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (رويترز)  -  فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (رويترز) - فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
TT

«النواب» الليبي ينصّب باشاغا رئيساً لحكومة جديدة

جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (رويترز)  -  فتحي باشاغا (أ.ف.ب)
جانب من جلسة مجلس النواب الليبي أمس (رويترز) - فتحي باشاغا (أ.ف.ب)

انفتح المشهد الليبي أمس مجددا على واقع انقسام بين حكومتين متنافستين على السلطة، بعدما اختار مجلس النواب بالإجماع فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» السابقة، رئيساً للحكومة الجديدة، بدلا من عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الذي أعلنت وسائل إعلام محلية عن نجاته من محاولة اغتيال، وسط شكوك حول حدوثها.
وفي أول رد فعل على هذا القرار، أعلن «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، ترحيبه باختيار باشاغا، وقال في بيان تلاه الناطق باسمه، اللواء أحمد المسماري، إنه «يؤيد قرار البرلمان بتكليف باشاغا بتشكيل حكومة جديدة، تتولى قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل، وذلك بالعمل مع الجهات النظامية العسكرية والأمنية على فرض هيبة الدولة، والحفاظ على مقدراتها، وحماية المؤسسات السيادية من ابتزاز وهيمنة الخارجين على القانون».
وفي سياق ذلك، أعلن المتحدث باسم الامم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أمس أنّ المنظمة الدولية لا تزال تدعم عبد الحميد الدبيبة بوصفه رئيسا للوزراء في ليبيا، وذلك خلال مؤتمره الصحافي اليومي عندما سئل عما إذا كانت الامم المتحدة لا تزال تعترف بالدبيبة رئيسا للوزراء، فأجاب قائلا: {نعم}.
وكان مقررا أن يصل باشاغا في وقت لاحق من مساء أمس إلى مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، قادما من مقر مجلس النواب بمدينة طبرق (شرق) لإلقاء كلمة، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات بين الميليشيات المسلحة الموالية له، والميليشيات الأخرى المحسوبة على الدبيبة وحكومة «الوحدة»، خاصة بعدما حشدت قوى مسلحة مزيدا من المقاتلين والعتاد في العاصمة مؤخرا، وسط تكهنات بنشوب قتال بسبب الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد.
وطلب عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، من أعضاء المجلس الموافقين على اختيار باشاغا رفع أياديهم للتصويت، وقال وسط تصفيق الأعضاء «هناك إجماع واضح... مبروك»، قبل أن يعلن عبد الله بليحق، المتحدث باسم المجلس، أن الأخير صوت بالإجماع على منح الثقة لباشاغا رئيساً للحكومة الجديدة.
وشهدت جلسة أمس مغادرة عدد من أعضاء المجلس الجلسة، عقب مشادات كلامية حول طريقة التصويت مع رئيسه صالح، وتهديد لهم بالطرد من القاعة. قبل أن يعلن الأخير، قبل تعليق الجلسة إلى موعد لاحق، تلقيه تزكية من مجلس الدولة لصالح ترشيح باشاغا لرئاسة الحكومة، وانسحاب منافسه على المنصب خالد البيباص، الذي نفى لاحقا في تصريحات تلفزيونية سحب ترشحه، واتهم صالح بتوجيه المجلس لصالح باشاغا، الذي احتفل مؤيدوه خارج قاعة المجلس بطبرق، وفي مسقط رأسه بمدينة مصراتة (غرب) بفوزه برئاسة الحكومة.
وفي بداية جلسة أمس طرح التصويت على اختيار خليفة للدبيبة، الذي عُين رئيسا لحكومة «الوحدة» في مارس (آذار) الماضي، وهو ما أثار اعتراض بعض النواب داخل القاعة، ودفع صالح للتصريح بأن هناك «من جاء متعمدًا التخريب».
في غضون ذلك، أعلن صالح الموافقة على اعتماد تعديل الدستور بأغلبية النواب الحاضرين، لافتا إلى تصويت 126 من أعضاء المجلس لصالحه. فيما أعلن بليحق الموافقة على التعديل الدستوري الـ12 بالأغلبية المطلقة (126 صوتا من أصل أكثر من 147 نائبا)، لافتا إلى اتفاق لجنة خريطة الطريق، المكلفة منه، مع اللجنة المختصة من مجلس الدولة خلال اجتماعهما مساء أول أمس في طبرق، على الصيغة النهائية للتعديل الدستوري.
لكن أعضاء في المجلس أبلغوا وسائل إعلام محلية، في المقابل، أن التصويت على التعديل «تم بطريقة مخالفة للائحة الداخلية للمجلس»، وأعربوا عن تحفظهم على طريقة التصويت.
وأصدر 15 نائبًا حضروا الجلسة بيانا مشتركا، قالوا فيه إنه لم يتم التصويت على تعديل للإعلان الدستوري داخل القاعة بنعم أو لا، على الرغم من أنه يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء زائد عضو واحد.
ومن جهته، نفى محمد عبد الناصر، الناطق باسم المجلس الأعلى للدولة، التوصل لاتفاق نهائي فيما يخص المادة الخامسة من التعديل الدستوري، وأوضح أن وفد المجلس رأى ضرورة الاستفتاء على مشروع الدستور بشكل مباشر، في حالة عدم اتفاق اللجنة على أي تعديلات، أو اعتباره قاعدة دستورية لدورة برلمانية.
وكانت مصادر مقربة من الدبيبة، الذي ظهر مساء أول من أمس وسط أنصاره بالعاصمة، قد قالت إنه نجا من محاولة اغتيال فاشلة، دون أن يتعرض لأي أذى، وذلك بعدما أطلق مجهولون النار على سيارته في الساعات الأولى من صباح أمس، بينما كان عائدا إلى منزله بإحدى ضواحي المدينة.
وقال مصدر حكومي إن الحادث هو محاولة اغتيال واضحة، موضحا أن المهاجمين لاذوا بالفرار، بينما أحيلت الواقعة للتحقيق.
ونقلت قناة «ليبيا الأحرار»، المقربة من الدبيبة، عن مصدر حكومي آخر أنه تعرض لمحاولة اغتيال، تعرضت خلالها سيارته لوابل من الرصاص باستهداف مباشر. فيما نشر صهر لعائلة الدبيبة، صورة تجمعهما في منزل الدبيبة، بينما أظهرت لقطات مصورة انتشار سيارات مسلحة ومدرعة وسط العاصمة طرابلس.
ولم يصدر أي بيان رسمي من الحكومة بصوص هذا الحادث، الذي غابت أي صور أو لقطات مصورة له، كما لم يؤكده أي شهود عيان.
في سياق آخر، نفت حكومة «الوحدة» ما أشيع أمس عن استقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش من منصبها، وأكدت أنها «تؤدي عملها بصفة اعتيادية، ولا صحة للإشاعات المتداولة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».