لبنان يقرّ موازنة 2022 برسوم إضافية وبلا ضرائب جديدة

TT

لبنان يقرّ موازنة 2022 برسوم إضافية وبلا ضرائب جديدة

أقرت الحكومة اللبنانية أمس الموازنة العامة لعام 2022، وأكد رئيسها نجيب ميقاتي أنه لم يتم فرض ضرائب مباشرة بل رسوم بدل خدمات، مشيراً إلى أنه سيتم عقد جلسة مخصصة للبحث بملف الكهرباء لإنشاء هيئة ناظمة لوزارة الطاقة، ومشدداً على أن «خطة التعافي ليست سهلة بل هي عملية صعبة جداً، لكن نسعى لإنقاذ الاقتصاد والبلد». وفيما تُحال الموازنة إلى مجلس النواب لدراستها وإقرارها لتصبح نافذة، أعلن صندوق النقد الدولي أنه «من المقرر أن تنتهي مهمة لبنان هذا الأسبوع»، لافتاً إلى أن «الفريق يعمل عن كثب لمساعدة السلطات على تطوير برامج إصلاح». وبعد جلسة للحكومة عقدت برئاسة الرئيس ميشال عون، أعلن ميقاتي عن إقرار مشروع الموازنة، وكشف أنه «أصبح هناك 400 مليار ليرة للشق الاجتماعي تتضمن تعويضات للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت»، لافتاً إلى صرف مساعدة اجتماعية لموظفي القطاع العام لا تقل عن مليوني ليرة ولا تزيد على ستة ملايين ليرة، فضلاً عن إعطاء المتقاعدين راتباً عن كل شهر، ومن الآن حتى إقرار الموازنة وتصديقها في مجلس النواب «نتابع المنح التي أقررناها لموظفي القطاع العام عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)».
وأوضح ميقاتي أن مشروع مرسوم الدولار الجمركي سيكون على منصة سعر «صيرفة» وسيعلنه وزير المالية شهرياً مع الأخذ بعين الاعتبار إلغاء الرسوم الجمركية عن الأدوية وعن أي سلعة غذائية ومن ضمنها البن والشاي، مشيراً إلى أن «الدولار الجمركي يطبق عند إصدار الموازنة في مجلس النواب واقتراحنا هو على سعر منصة صيرفة مع الأخذ بعين الاعتبار إلغاء الرسوم عن السلع الغذائية والأدوية وزيادة سعر السلع ستكون بين 3 و5 في المائة فقط». وشدد ميقاتي على أن «خطة التعافي ليست سهلة على الإطلاق وكل ما نشر عنها غير صحيح ونعتبر أنها عملية صعبة جداً، لكن نسعى لإنقاذ الاقتصاد والبلد». وأكد أنه «ليست هناك ضرائب مباشرة على المواطنين بل هناك رسوم بدل خدمات، فسعر السجل العدلي أصبح 15 ألف ليرة وهي زيادات معقولة نظراً لارتفاع أسعار الورق وما إلى ذلك»، مشيراً إلى «عقد جلسة مخصصة للكهرباء ومن أولى أولوياتها إنشاء هيئة ناظمة لوزارة الطاقة».
وفي مستهل الجلسة طلب رئيس الجمهورية «تركيز الجهود لمعالجة قضايا المواطنين المعيشية والاجتماعية التي تثقل كاهلهم وتسبب معاناة يومية لهم»، مشدداً على وجوب «إيجاد الحلول المستدامة لها». ودعا إلى «مراقبة الأسعار ومكافحة الغلاء وتطبيق القوانين ووضع الضوابط لمراقبة الأنشطة التجارية ومدى الالتزام بالأسس العلمية والقانونية لتحديد الأرباح والأسعار». وأكد عون أن «من المهم، أن يترافق مشروع الموازنة مع خطة التعافي المالي والاقتصادي التي هي قيد المناقشة والتحضير من قبل فريق العمل المكلف برئاسة نائب رئيس الحكومة»، ويجب أن تتضمن خطة التعافي المالي والاقتصادي، تحديد الخسائر وكيفية توزيعها (الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين مع إصراري على عدم المس بصغار المودعين) وإعادة هيكلة المصارف وإعادة رسملة وهيكلة مصرف لبنان والإصلاحات الهيكلية والبنيوية ومكافحة الفساد بدءاً بالتدقيق الجنائي».
وأشار الرئيس عون إلى «طرح صندوق النقد ضرورة إعادة النظر بالنظام الضرائبي ليطال الصحن الضريبي بشكل تصاعدي مما يحقق العدالة الضريبية ويحسن مستوى الإيرادات. أما مشروع الموازنة فلا يطرح أي توجهات إصلاحية بما يخص النظام الضرائبي ويكتفي برفع الإيرادات على بعض الأبواب التقليدية في الموازنة».
وعقدت الجلسة على وقع تحركات شعبية دعا إليها العسكريون المتقاعدون حيث نفذوا اعتصاماً عند مفترق القصر الجمهوري في بعبدا، مطالبين «بعدم إقرار مشروع الموازنة الذي لا يؤمن العدالة والمساواة والحق بالعيش الكريم ولقمة العيش وحبة الدواء».
ووزع العسكريون المتقاعدون بياناً أشاروا فيه إلى أن «السلطة التنفيذية تجتمع اليوم في القصر الجمهوري لإقرار مشروع قانون الموازنة لعام 2022. وكما بات واضحاً، فإن هذا المشروع لا يؤمن العدالة في التشريع أو في دستورية القوانين، كما أنه لا يؤمن الاحتياجات والهموم الحياتية للعسكريين في الخدمة الفعلية وفي التقاعد، لا بل يفرض على كاهلهم ضرائب ورسوما إضافية لا طاقة لهم على تحمل أعبائها». وتوجه العسكريون إلى «السلطة التنفيذية مجتمعة بطلب المساواة في المعاملة وعدم السماح بهدر حقوق وزيادة معاناة من أصبحوا الأكثر فقراً وتهميشاً بين المواطنين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.