مبعوث سوداني يُطَمئن إسرائيل باستمرار العلاقات

الخرطوم تتكتم على زيارة المسؤول الرفيع

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يهاتف نتنياهو بخصوص قرب عقد سلام بين السودان وإسرائيل في أكتوبر 2020 (غيتي)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يهاتف نتنياهو بخصوص قرب عقد سلام بين السودان وإسرائيل في أكتوبر 2020 (غيتي)
TT

مبعوث سوداني يُطَمئن إسرائيل باستمرار العلاقات

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يهاتف نتنياهو بخصوص قرب عقد سلام بين السودان وإسرائيل في أكتوبر 2020 (غيتي)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يهاتف نتنياهو بخصوص قرب عقد سلام بين السودان وإسرائيل في أكتوبر 2020 (غيتي)

على الرغم من رفض تل أبيب التعليق بشكل رسمي على الأنباء التي نُشرت أمس الأربعاء، حول زيارة مسؤول سوداني كبير إلى إسرائيل، أكدت مصادر سياسية الحديث عن أن وفداً من الحكومة الانتقالية في الخرطوم، جاء ليطمئن تل أبيب بأنها ستواصل مسار التطبيع بين البلدين.
وقالت هذه المصادر إن الوفد ضم مسؤولاً رفيعاً وعدداً من المسؤولين العسكريين، وقد وصل في مطلع الأسبوع، وأكد أن القيادة الانتقالية كما المجلس السيادي، معنيان بمواصلة الجهود التي بدأت قبل سنة لتعزيز العلاقات بين السودان وإسرائيل، وأن التغييرات التي تشهدها الخرطوم لن تؤثر سلباً على هذه العلاقات.
وتأخذ الزيارات بين المسؤولين في البلدين طابعاً من السرية والتكتم الشديد، على الرغم من اتفاق سابق على تطبيع العلاقات الذي قادته واشنطن إبان ولاية الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، عام 2020، وكان شرطاً رئيسياً لرفع العقوبات والحصار الاقتصادي عن السودان.
ولم يصدر أي تصريح رسمي أو غير رسمي من الخرطوم، يؤكد أو ينفي هذه الزيارة، بينما أكدت المصادر الإسرائيلية أن الوفد جاء ليكمل الاتصالات التي يقيمها البلدان منذ فترة طويلة، وأن الإدارة الأميركية على اطلاع وثيق، وأن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، طلب من وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، أن يحافظ على هذا التواصل، ويسعى لدفعه إلى الأمام.
وفي الوقت الذي تطالب فيه إسرائيل بتوسيع «اتفاقيات إبراهيم»، طلبت إدارة الرئيس جو بايدن منها الحرص على التواصل الدائم مع الخرطوم. وفي المقابل، تسعى الخرطوم لإقناع واشنطن بأنها متمسكة بالتطبيع مع إسرائيل، ولا تفكر في التراجع عنه، رغم أنها لم تتقدم في خطوات عملية بعد لتوقيع اتفاق للتطبيع.
وكان مسؤولون في الإدارة الأميركية قد طالبوا أكثر من مرة، قادة إسرائيل، بالتدخل والضغط على الجيش السوداني، لإنهاء الانقلاب والعودة لمسار الانتقال في البلاد.
يُذكر أن كلاً من إسرائيل والسودان يقيمان علاقات وثيقة ويتبادلان الزيارات بين وفود من الطرفين، كان آخرها الشهر الماضي؛ حيث كشفت قناة التلفزيون الرسمي في إسرائيل (كان 11)، أن طائرة خاصة أقلَّت بعثة إسرائيلية إلى العاصمة السودانية الخرطوم، ونفذت «توقفاً دبلوماسياً» في شرم الشيخ في مصر، للحصول على مسار رحلة، ومن ثم واصلت طريقها إلى السودان، وذكرت التقارير أنها اجتمعت مع القيادة العسكرية في السودان.
وتواجَه تل أبيب بمزاعم واتهامات دعم قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، لتنفيذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والإطاحة برئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، من السلطة، للحفاظ على مسار تطبيع العلاقات الذي كان يواجَه بمعارضة واسعة في الحكومة الانتقالية المستقيلة. وأفادت مصادر في حينها بأن مسؤولاً سودانياً رفيع المستوى التقى بمسؤولين إسرائيليين في دولة مجاورة، قبيل ساعات من الانقلاب العسكري.
وفي أكتوبر الماضي، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن زيارة وفد عسكري سوداني، يقوده شقيق قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو الذي سبق أن سجل زيارة خاطفة لتل أبيب برفقة قائد رفيع في الجيش السوداني، قبيل أسبوعين من الانقلاب العسكري.
ويُنظر إلى الجيش السوداني على أنه قاد التحرك للتطبيع مع إسرائيل، بينما كانت الجماعات المدنية أكثر تردداً حيال ذلك. وفجَّر لقاء رئيس مجلس الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في العاصمة الكينية (نيروبي) في فبراير (شباط) 2020، خلافات حادة كادت أن تعصف بالسلطة الانتقالية الأولى التي أعقبت الاتفاق بين قادة الجيش والمدنيين.
وعارض رئيس الوزراء السوداني المستقيل، عبد الله حمدوك، بشدة، الشروط الأميركية، بربط رفع العقوبات والحصار الاقتصادي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أنه رضخ بسبب الضغوط داخل مؤسسات السلطة الانتقالية؛ مشترطاً المصادقة عليها من قبل البرلمان.
وفي أكتوبر العام الماضي، استضافت الإمارات لقاء بين مسؤولين سودانيين وإسرائيليين، لبحث تسريع التطبيع، وإقامة علاقات طبيعية بين البلدين.
وسيطر الجيش السوداني على السلطة في 25 أكتوبر، منهياً شراكة مع الأحزاب السياسية المدنية، بدأت بعد أن أطاح الجيش بالرئيس السابق عمر البشير في 2019.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.