دمشق تغمر السويداء بـ«الوعود» لتهدئة الاحتجاجات

احتجاجات في الساحة الرئيسية في السويداء جنوب سوريا (السويداء 24)
احتجاجات في الساحة الرئيسية في السويداء جنوب سوريا (السويداء 24)
TT

دمشق تغمر السويداء بـ«الوعود» لتهدئة الاحتجاجات

احتجاجات في الساحة الرئيسية في السويداء جنوب سوريا (السويداء 24)
احتجاجات في الساحة الرئيسية في السويداء جنوب سوريا (السويداء 24)

غمرت دمشق السويداء بـ«الوعود»، لاحتواء الاحتجاجات لليوم الثالث في جنوب سوريا؛ حيث أغلق محتجون عدة طرق فرعية ورئيسية في المحافظة، منها الطريق الواصل من دمشق إلى السويداء، كما تجمعت أعداد من المحتجين وسط مدينة السويداء عند ساحة السير، من المدنيين ورجال الدين، وندد المحتجون بتدهور الأوضاع المعيشية، محمِّلين السلطة السورية المسؤولية.
وقالت مصادر محلية من السويداء، إن الدوائر الحكومية في مدينة السويداء، منها مجلس مدينة السويداء، ومبنى مالية السويداء، وبعض المراكز القريبة من مناطق الاحتجاجات، قد أُغلقت يوم الثلاثاء، بعد أن طالب محتجون بذلك خلال احتجاجات يوم الاثنين.
وعمل المحتجون في الريف الشرقي لمحافظة السويداء على قطع الطريق، وسمحوا للحالات الإسعافية والطلاب وعمال القطاع الخاص فقط بالعبور. وأطلق المحتجون في ساحة السير دعوات لجميع أهالي السويداء للمشاركة في الاحتجاجات الشعبية، والتجمع في مركز المدينة، صباح يوم الجمعة القادم.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر محلية، أن شخصيات دينية لدى الطائفة تلقت اتصالات مكثفة من مسؤولين في السلطة السورية بمحافظة السويداء ودمشق، طالبوا بتهدئة الشارع، وتقديم ورقة مطالب واضحة، وأنه بالتوازي مع تعهدات قدمها محافظ السويداء نمير مخلوف خلال اليومين الماضيين لتحسين الواقع الخدمي، تلقى عدد من أهالي السويداء الرسائل المتأخرة لتسلم حصص المازوت (50 لتراً للعائلة بالسعر المدعوم)، ورسائل بإمكانية الحصول على الكميات المخصصة من المازوت بالسعر الحر بواسطة البطاقة الذكية، كما جرت إعادة تشغيل 5 آبار مياه بعد إصلاحها؛ لكن كثيرين من الذين تلقوا رسائل تسلُّم المازوت «تفاجأوا بإغلاق محطة الوقود لعدم توفر المحروقات فيها، وانتظرت الطوابير لساعات طويلة في الشارع كما حصل في بلدة رساس بريف السويداء الغربي، صباح الثلاثاء، أما الآبار التي أعيد تشغيلها فهي 5 من 25 بئراً معطلة منذ شهور، بينما أزمة المياه تشتد»؛ ما دفع الأهالي الذين تسلموا رسائل الحصول على المحروقات إلى التعبير عن عدم جدية التعهدات بتلبية عاجلة للاحتياجات الخدمية؛ إذ إن معظمها غير كافية أو «وهمية»، بحسب ما نشر أحد أبناء بلدة رساس على صفحته الشخصية، بعد أن تلقى رسالة للحصول على المازوت بالسعر المدعوم، وتفاجأ بإغلاق محطة الوقود، وإعلانها عدم وصول أي مازوت مدعوم من الحكومة، وتبرير مسؤول لجنة المحروقات والتموين بالسويداء بأن بعض الرسائل وصلت المواطنين بطريق الخطأ بالنظام الإلكتروني للبطاقة الذكية.
وقال شادي العلي، مدير تحرير «شبكة درعا 24» لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات النظام السوري اعتقلت مؤخراً في مناطق التسويات بريف درعا، عدداً من عناصر ما يعرف بفصائل التسويات، وهم الذين انضموا لتشكيلات تابعة للنظام، بعد اتفاق التسوية الذي جرى في عام 2018؛ حيث شهدت مدينة خربة غزالة بريف درعا الشرقي حالة من التوتر، صباح يوم الثلاثاء، بعد أقدم عدد من أبناء المدينة على إغلاق الطرق الرئيسية، وإشعال النيران في الشوارع، رداً على اقتحام قوات النظام السوري منازل في منطقة الكتيبة شمالي بلدة خربة غزالة، واعتقال 4 أشقاء من أبناء البلدة، أحدهم مدني، والبقية من عناصر فصائل التسويات في درعا جنوب سوريا، يعملون ضمن مجموعات تابعة للواء الثامن في الفيلق الخامس المدعوم من حميميم. وطالب الأهالي من وسطاء وشخصيات اجتماعية في المدينة توضيح أسباب اقتحام منطقة الكتيبة، وتوضيح مصير الأشقاء الذين اعتقلتهم قوات النظام، مع تداعيات باستمرار التوتر في المدينة إذا لم تحقق مطالبهم.
وقطع شبان من بلدة صيدا بريف درعا الشرقي الأوتوستراد الدولي (درعا- دمشق) مساء الاثنين، على أثر اعتقال 3 أشخاص من أبناء البلدة في مدينة درعا، وهم أيضاً من فصائل التسويات التي انضمت لتشكيلات النظام السوري في درعا، عقب اتفاق التسوية عام 2018.
كما أطلق مجهولون النار ليلة الاثنين- الثلاثاء، على حاجز عسكري تابع لجهاز المخابرات الجوية، يقع على الأوتوستراد الدولي (دمشق– عمَّان) بالقرب من بلدة الغارية الغربية.
وبحسب المصدر، فقد بلغ عدد المعتقلين من أبناء محافظة درعا بحسب الإحصائيات المسجلة لديهم منذ مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي، 15 معتقلاً.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.