أنس بوخش يُبكي باسل خياط بأسئلة تُنقّب في الروح

الإعلامي الإماراتي يُبحر في أعماق النجم السوري البشرية

الإعلامي الإماراتي أنس بوخش والنجم السوري باسل خياط
الإعلامي الإماراتي أنس بوخش والنجم السوري باسل خياط
TT

أنس بوخش يُبكي باسل خياط بأسئلة تُنقّب في الروح

الإعلامي الإماراتي أنس بوخش والنجم السوري باسل خياط
الإعلامي الإماراتي أنس بوخش والنجم السوري باسل خياط

يرفع الإعلامي الإماراتي أنس بوخش في حواراته مع مشاهير، شعاراً يثبت أنّه جدير بتبنّيه: «الإنسان خلف الألقاب». فالشاب الأربعيني يُبحر في الأعماق البشرية ويُخرج من الضيف ما يخبّئه خلف السطور. يساعده باسل خياط في لعبة الغوص. فالنجم السوري الذي استضافه أخيراً، فنان في الإبحار، يجرف نفسه إلى البعيد حيث لا يصل كثيرون.
يُشعره محاوره بأنّه مرآته، ولا أحد سواهما في استوديو أبيض يحرّض على فلش الأوراق، فيكون اللقاء جلسة علاج، يحضرها النجم بانفعالاته كافة؛ الضحك، الصمت، الارتباك، الاندفاع، والبكاء أمام واحد من أخطر الأسئلة: «لو قُدّر لك أن تنزع قلبكَ وتضعه على الطاولة، ماذا كان ليقول لك؟». سؤال يهبط عليه ككفّ، يؤلمه فينهمر دمعه. «44 عاماً عمرُ هذا القلب، فكيف أواجهه نيابةً عن السنوات كلها؟ لو أستطيع، لوضعتُه في صندوق فولاذي وجنّبته عذاباته».
تمرّ الساعتان، مدة حلقة «#ABtalks» («يوتيوب» و«نتفليكس»)، مرور النسائم اللطيفة. لا تشعر إلا بالأعماق تخرج إلى السطح؛ وأنت في الوسط، بين مُحاوِر يرمي السؤال كسهم، وضيف يتلقى الأسهم كما تتلقى أرض عطشى مطر السماء: بتوق إلى الارتواء، برغبة في إسقاط الأحمال، بسعادة البوح وبالامتنان إلى وجود بشر لا يزالون ينقّبون في الروح.
يطرح عليه سؤالاً يبدو تافهاً لمشاغل الأيام وتلاشي القدرة على الاستماع للآخرين: «كيف حالك؟ بصراحة، كيف حالك؟». لباسل خياط فكرة كاملة عن البرنامج وأسلوب الحوار. يأتي ليقول كل شيء وليخبر حكايات للمرة الأولى. يأتي ليكون المتكلّم في زمن برودة العلاقات الإنسانية، فيُخرج من داخله ما لا يُقال لكل الناس، خصوصاً للمستلقين على قشور الحياة. يقول لمحاوره إنّه يقرأ جيداً لغة عينيه، وحين لمح أبوابهما مفتوحة، فتح قلبه. يستمدّ صفاء داخلياً من البياض المسيطر على استوديو فارغ إلا من كرسيين. يحضر بـ«ستيل» شبابي، جينز وقبعة سوداء إلى الخلف. يريد لقاء من دون ضغوط، لا تطارده فيه أضواء زائفة ولا مجاملات. كان له ما أراد، فأخرج باسل الإنسان وقدّمه للناس، بأفكاره وآرائه ومفاهيمه حيال الحب والأبوة والماضي والخوف والاكتئاب.يكرر السؤال بشكل آخر: «باسل خارج الكاميرا، كيف حاله؟». يجيبه بأنّه يحاول تفادي الوقوع في ازدواجية الشخصية. فالأضواء تترك تشوّهات، ورغم جمالها تصبح مرضاً، وعلى الفنان اليقظة حيال مخاطرها وأثمانها. يتلقّف أنس بوخش أجوبة ضيفه ليكوّن فكرة واضحة عن شخصيته. مُحاور يبني حلقاته على التفاصيل النفسية، فيقدّم للناس لقاءات مع مشاهير ليسوا بالضرورة سعداء طوال الوقت، بل لديهم هواجس ومخاوف وربما اضطرابات وانكسارات، وما هو أبعد من صورهم «المثالية» التي تحصد مئات الإعجابات في «السوشيال ميديا». لذا، أَحبّ باسل خياط اللعبة بكامل شروطها، الوضوح والصراحة وري بذور الوعي.
يتوقف الحوار عند صحة الضيف النفسية وتلبّسه الكاركترات في يومياته. تبدو الأسئلة بسيطة، وفي عمقها أليمة تستفز المواجع: «هل أنت مستقر؟ مضطرب؟ قلق أم سعيد؟». كأنّ باسل خياط ينتظر فرصة ليكون الإنسان الذي يريد إخبار الجميع عنه. كأنه ينتظر أحداً يحاكيه بلغة مشتركة، هي العمق. فيتكلم ولا يشاء للقاء أن ينتهي. يتحدث عن قلقه وسعيه في عمر الـ44 إلى التعامل مع القلق وبلوغ الاستقرار الذهني. ويتوقف طويلاً أمام استفهام بألف استفهام: «أين أنا اليوم؟». لا يستسهل أسئلة قد تبدو هيّنة، «هل باسل سعيد؟ هل باسل مرتاح نفسياً؟»، يتمهّل قبل الإجابة ويخشى التسرّع. يختصر خصال الحياة، «تسديد الكفوف، بوكس وراء بوكس، وضربات من اليمين والشمال. لكنني أصدّها بالدروع».
يكمل أنس بوخش الحفر في ضيفه. يعيده إلى يوم كان صبياً في حي شعبي «يشبه الروايات» بقرية الديوانية السورية. ضيفه محكوم بالماضي المتجذّر في ذاكرته، لا تفارقه صورة الصبي الذي كان في الكشافة، والشارع، والمدرسة، ووسط الأم والأب. كبُر قبل الأوان، منذ أن «فتح بسطة» يبيع فيها «حلاوة السميد» من إعداد والدته في الصيف لكسب المال. يخبره عن «الدعك»، أو عجن الإنسان ليشتدّ عوده. «أتُكرر الأمر مع ابنك؟»، يردّ بأنْ لا شيء في الحياة يُدعى «Cut - Paste»، ويسعى لينال ابنه طفولة سعيدة.
كان كتاباً مفتوحاً، حروفه محفورة بالتجارب والتعلّم منها. كثيرون يمرّون على برنامج أنس بوخش، لكن كم ضيفاً حقيقياً يقدّم حواراً حقيقياً؟ كم ضيفاً حقيقياً مع نفسه، قبل أن يكون حقيقياً أمام الكاميرا؟ باسل خياط من القلة المتصالحة مع الذات، بلغ مرتبة إدراك النفس بعد قراءات وتأمّل في لوحات وطرْح أسئلة ونقْد مفاهيم قديمة.
يعترف بعُقد نقص تترسب في المرء، تتعلق بحاجته إلى أي دليل لتأكيد وجوده. ويتحدث عن المقارنة بكونها مرضاً، والإحساس الرهيب بالوحدة وسط كل شيء. وعن سعيه إلى حياة مجرّدة من الإكسسوارات. لا يخجل من حساسيته، يراها من مزاياه وإن أقلقته أحياناً. «مم تخاف؟»، «من الأنا التي لا أعرفها»، يجيب رجل يفلسف وجوده ويربط الحب به. لقاء يخاطب العقل ويشبّعه.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.