الآلاف يشيعون الطفل المغربي ريان الذي هزت وفاته العالم

جانب من تشييع الطفل ريان (وسائل إعلام مغربية)
جانب من تشييع الطفل ريان (وسائل إعلام مغربية)
TT

الآلاف يشيعون الطفل المغربي ريان الذي هزت وفاته العالم

جانب من تشييع الطفل ريان (وسائل إعلام مغربية)
جانب من تشييع الطفل ريان (وسائل إعلام مغربية)

جرت بعد ظهر اليوم الاثنين مراسم تشييع جثمان الطفل المغربي «ريان» الذي هزت وفاته المغرب والعالم. وأدت حشود كبيرة صلاة الجنازة على الطفل، وسط حضور إعلامي واسع.
وكانت حادثة الطفل أثارت تعاطفا عربيا وعالميا واسعا بعدما ظل عالقا لأيام على عمق عشرات الأمتار في بئر بقرية إغران بمدينة شفشاون الواقعة شمال المغرب.
https://twitter.com/AlArabiya/status/1490677271828520965
وقامت السلطات بجهود حثيثة لانتشال الطفل حيا، إلا أنه تم الإعلان فور انتشاله مساء أمس الأول السبت عن وفاته.
وأجرت السلطات تشريحا للجثمان للوقوف على السبب الدقيق للوفاة، إلا أنه لم يتم بعد الكشف عنه.
وكان جثمان الطفل نُقل إلى المستشفى العسكري بالرباط بعد إخراجه من البئر وفق أحد أقاربه، ويحتمل أن يكون خضع لتشريح طبي.
بعدما حبست مأساة ريان البالغ خمسة أعوام، الأنفاس خلال الأيام التي استغرقتها عملية معقّدة للوصول إليه، خلّفَ انتشاله ميتاً موجة من الحزن والأسى في المغرب والعالم.
ولخّص موقع القناة التلفزيونية المغربية الأولى الحال معلّقاً: «العالم يبكي ريان (...) سقطة طفل ذكّرت الملايين بالإنسانية».
ووصفه معلق مغربي على منصة «فيسبوك» بالطفل الذي «فجّر مشاعر المودّة والتعاطف بين الشعوب».
https://twitter.com/AlArabiya/status/1490684711487877123
وصدرت منذ إعلان النبأ الحزين رسائل تضامن ومواساة عن قادة دول ومسؤولين رسميين في عدة بلدان وعن بابا الفاتيكان، فضلاً عن سيل من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي لمدونين ومشاهير رياضيين وفنانين من العالم العربي وخارجه.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1490647779634384896
وفي مؤشر إلى التأثر الكبير بهذه المأساة، صدر إعلان وفاة الطفل عن الديوان الملكي مساء أول من أمس (السبت). وقال الديوان في بيان إن العاهل المغربي الملك محمد السادس قدم تعازيه لوالدي الطفل ريان في اتصال هاتفي: «بعد الحادث المفجع الذي أودى بحياته».
وحرص والداه في تصريحين مقتضبين للإعلام على شكر جميع من وقف بجانبهما، معزيين نفسيهما «الحمد لله، هذا قدرنا»، منذ سقوط ريان في البئر: «لم يقويا على أكل أي شيء تحت هول الصدمة»، بحسب ما قال قريبهما هشام أجعوك للوكالة.
وأضاف: «صمت رهيب عمّ القرية هذا الصباح (...) انتظرت إخراجه بفارغ الصبر والكل كان يصلي لأجله».
بدوره قال جار العائلة منير أضبيب: «لم أقو على النوم طيلة خمسة أيام، لدي ابن بعمر ريان كلما رأيته أتذكره (...) وكلما حاولت إغماض عيني تداهمني صورته عالقاً في البئر. أنا حزين جداً».
في تلك الأثناء بدأت السلطات الأحد أشغال ردم البئر التي سقط فيها الطفل عرضاً، وكذا النفق الذي تطلّب تشييده جهداً مضنياً للوصول إليه، بحسب مراسلي الوكالة.
استغرقت فرق الإنقاذ خمسة أيام للوصول إلى الطفل لأنه كان عليها أولاً حفر شق عميق ثم نفق أفقي. وتباطأ تقدّمها بشكل كبير بسبب طبيعة التربة، إذ إن بعض الطبقات صخرية وأخرى رملية.
وكان ريان سقط الثلاثاء الماضي عرضاً في بئر جافة يبلغ عمقها 32 متراً وضيقة يصعب الوصول إلى قعرها، حفرت قرب منزل العائلة.
ودخلت فرق الإسعاف من ثغرة أفقية بعد ظهر السبت تم حفرها سنتيمتراً تلو الآخر، وحفرَ عناصرها بأيديهم لتجنب أي انهيار أرضي.
وقال علي صحراوي الذي شارك في الحفر: «كانت مغامرة محفوفة بالمخاطر لكن ظل لدي أمل بالعثور عليه حياً».
كما عملت فرق الإنقاذ على إرسال الأكسجين والماء عبر أنابيب وزجاجات إلى ريان من دون التأكد من قدرته على استخدامها.
واندفع آلاف المتعاطفين إلى الموقع للتعبير عن تضامنهم، وبقوا لأيام في هذا القطاع الجبلي من منطقة الريف على ارتفاع نحو 700 متر تقريباً.
ويذكّر هذا الحادث بمأساة مماثلة وقعت مطلع 2019 في إسبانيا حيث توفي الطفل جولين البالغ عامين إثر سقوطه في بئر قطره 25 سنتيمتراً وعمقه أكثر من مائة متر. وانتشلت جثته بعد عملية استثنائية استغرقت 13 يوماً.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.