«بيت من ألوان» رواية فلسطينية للفتيان

القاص محمود شقير يتناول مقطعاً من سيرة الفنان التشكيلي إسماعيل شموط

«بيت من ألوان» رواية فلسطينية للفتيان
TT
20

«بيت من ألوان» رواية فلسطينية للفتيان

«بيت من ألوان» رواية فلسطينية للفتيان

«بيت من ألوان» رواية للقاص الفلسطيني محمود شقير، موجهة للفتيات والفتيان، تتناول مقطعاً من سيرة الفنان التشكيلي إسماعيل شموط، وزوجته الفنانة تمام الأكحل، كما وردت في كتابها «اليد ترى والقلب يرسم».
تتناول الرواية، العلاقة التي ربطت إسماعيل وتمام بفنانين وشعراء ورجال سياسة ونساء بارزات، للتذكير بما قدمه الاثنان عبر فنهما الراقي لفلسطين ولشعبها، وتوثيق مسيرتهما في الحياة والفن.
يقول شقير على الغلاف الأخير من الكتاب: «حينَ استيقَظْتُ في الصَباحِ تذكَرْتُ حُلمي الغَريب، وعَلَى الفورِ بحثتُ عَنْ حِذائي فوجدتُهُ مُستقِراً قريباً مِنْ سَريري، دقَقْتُ في لونِ الحِذاء، وكانَ بُنياً مِنْ دونِ لُبْسٍ أو إبهام.
ذلكَ أنَني في المَنام رأيتُني أنتعلُ حِذاءً بلوْنين وأنا أدخُلُ غرفة الصَفِ التي أُعلِمُ الطُلابَ فيها دروسَ اللُغة. نعم، حذاء بلوْنين؛ بحيثُ بَدَتِ الفردة اليُمنى زرقاء والفردة اليُسرى بيضاء. شعرْتُ بارتباكٍ والطُلابُ يُشاهِدونَ حِذائي المُثيرَ للاستغراب. لكنَهم لمْ يستَغربوا الأمر، وحينَ وقفُوا احتراماً لي (وهي عادَة مُتَبَعة في مدارِسنا)، وقَعَتْ عَيناي على أحذِيتِهم فَإذا هِي شَبيهة بحِذائي، ظَلَ هذا اللُغزُ يُحيِرني إلى أنِ استيقظْتُ في الصَباح.
كُنْتُ قبلَ أنْ أنامَ قرأتُ كِتابَ تمام الأكحل: «اليَدُ ترى والقَلْبُ يرسُم»، فأُعجبتُ بما كتبتْهُ عنها وعن زوجِها إسماعيل، عنْ رحلة عذابِها وعذابِه، وعن عذاباتِ الناسِ الذين شُرِدوا من بيوتهم، أُعجبتُ كذلكَ بحِذاءِ إسماعيلَ ذي اللَونين، بحيثُ كانَتِ الفَردة اليُمنى زرقاءَ والفَردة اليُسرى بيضاء، ثمَ تواردَتْ على ذِهني أحذِية كثيرة في مواقِفَ شتَى وفي ظُروفٍ مُتباينة.
وقَد أعادَني كِتابُ تَمامَ سنواتٍ كثيرة إلى الورَاء؛ حينَ رأيتُهُما هِي وإسماعيلَ أوَلَ مرَة في القُدْس».
حمل غلاف الرواية لوحة الفنانة تمام الأكحل بعنوان «بيت في يافا»، من تصميم أيمن حرب. وتقع الرواية في 95 صفحة من القطع الكبير وصدرت عن «دار طباق» للنشر والتوزيع في فلسطين.



جمعة اللامي... خرج من السجن أديباً وصحافياً متميزاً

جمعة اللامي
جمعة اللامي
TT
20

جمعة اللامي... خرج من السجن أديباً وصحافياً متميزاً

جمعة اللامي
جمعة اللامي

لم يأتِ رحيل المبدع العراقي جمعة اللامي في السابع عشر من هذا الشهر مفاجئاً لمعارفه ومحبيه. إذ لم تحمل السنوات الأخيرة الراحة له: فقد سكنه المرض، وتلبدت الذاكرة بضغوطه، فضاع كثير من الوهج الذي تميزت به كتاباته. وتجربة جمعة اللامي فريدة؛ لأنه لم يكن يألف الكتابة قبل أن يقضي سنواتٍ عدة سجيناً في عصور مضت. لكنه خرج من هذه أديباً، وصحافياً متميزاً.

ربما لا يعرف القراء أنه شغل مدير تحرير لصحف ومجلات، وكان حريصاً على أن يحرر الصحافة من «تقريرية» الكتابة التي يراها تأملاً بديعاً في التواصل بين الذهن واللغة. خرج من تلك السنوات وهو يكتب الرواية والقصة. وكانت روايته «من قتل حكمت الشامي» فناً في الرواية التي يتآلف فيها المؤلف مع القتيل والقاتل. ومثل هذه المغامرة الروائية المبكرة قادت إلى التندر. فكان الناقد الراحل الدكتور علي عباس علوان يجيب عن تساؤل عنوان الرواية: من قتل حكمت الشامي؟ جمعة اللامي. لكن الرواية كانت خروجاً على الرواية البوليسية وإمعاناً في المزاوجة ما بين ماورائية القص وواقعتيه (ما بعد الكولونيالية). وسكنته روح المغامرة مبكراً. وكان أن كتب مسرحية بعنوان «انهض أيها القرمطي: فهذا يومك»، التي قادته أيضاً إلى محنة أخرى، لولا تدخل بعض معارفه من الأدباء والمفكرين. وجاء إلى القصة القصيرة بطاقة مختلفة جزئياً عن جيله. إذ كان جيل ما بعد الستينات مبتكراً مجدداً باستمرار. وكان أن ظهرت أسماء أدبية أصبحت معروفة بعد حين وهي تبني على ما قدمه جيلان من الكتاب: جيل ذو النون أيوب، وما اختطه من واقعية مبكرة انتعشت كثيراً بكتابات غائب طعمة فرمان، وعيسى مهدي الصقر وشاكر خصباك، وجيل عبد الملك نوري وفؤاد التكرلي، والذين بنوا عليه وافترقوا عنه كمحمد خضير، وموسى كريدي، وأحمد خلف، وعبد الستار ناصر، وعدد آخر. وكان جمعة اللامي ينتمي إلى هذا الجيل، لكنه استعان بهندسة القصة لتكون بنية أولاً تتلمس فيها الكلمات مساحات ضيقة تنوء تحت وقع أي ثقل لغوي. ولهذا جاءت قصصه القصيرة بمزاوجة غريبة ما بين الألفة والتوحش، يتصادم فيها الاثنان، ويلتقيان في الأثر العام الذي هو مآل القص.

وعندما قرر اللامي التغرب وسكن المنفى، كان يدرك أنه لن يجد راحة البال والجسد. لكنه وجد في الإمارات ورعاية الشيخ زايد حاكم الدولة، وبعده عناية الشيخ الدكتور سلطان القاسمي ما يتيح له أن يستأنف الكتابة في الإبداع الأدبي وكذلك في العمود الصحافي. ولمرحلة ليست قصيرة كان «عموده» الصحافي مثيراً لأنه خروج على المألوف، ومزاوجة ما بين العام والشخصي، اليقظة والحلم، المادية والروحانية. وعندما ينظر المرء إلى مسيرة طويلة من الكد الذهني والجسدي فيها الدراية والعطاء، يقول إن الراحل حقق ذكراً لا تقل عنه شدة انتمائه لمجايليه وأساتذته وصحبه الذين لم يغيبوا لحظة عن خاطره وذهنه، كما لم يغب بلده الذي قيَّده بحب عميق يدركه من ألِفَ المنافي وسكن الغربة.

سيبقى ذكر جمعة اللامي علامة بارزة في أرشيف الذاكرة العراقية والعربية الحيّة.

 كانت روايته «مَن قتل حكمة الشامي؟» خروجاً على الرواية البوليسية وإمعاناً في المزاوجة ما بين ما ورائية القص وواقعتيه (ما بعد الكولونيالية)