«مؤسسة النفط الليبية» تتهم ديوان المحاسبة بتعطيل الإنتاج

مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
TT

«مؤسسة النفط الليبية» تتهم ديوان المحاسبة بتعطيل الإنتاج

مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المكتب الإعلامي للمؤسسة)

ألقت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا على ديوان المحاسبة باللائمة لـ«تعطيله تنفيذ مشاريع تتعلق بصيانة خزانات الخام، وزيادة القدرة الإنتاجية»، ما تسبب في تخفيض استخراج النفط بمعدل 100 ألف برميل في اليوم.
ودائماً ما تتهم مؤسسة النفط الديوان، الذي يعد أكبر مؤسسة رقابية في ليبيا، والمصرف المركزي بتعطيل مشاريع زيادة الإنتاج، من خلال فرض «قيود غير قانونية» على عملية تنفيذ المشاريع، أو حجب الميزانية المخصصة للصيانة.
وقالت مؤسسة النفط، أمس، إن الصادرات النفطية من ميناء السدرة، الذي يعد أكبر الموانئ الليبية توقفت، ما أدى إلى تراجع الإنتاجية بمعدل 100 ألف برميل. موضحة أنها اضطرت إلى تخفيض الإنتاج «نتيجة عدم القدرة على تنفيذ مشروعات صيانة الخزانات، التي دمرتها الحروب، وتعطل تنفيذ بعض من المخططات الطارئة، وخصوصاً فيما يتعلق ببناء الخزانات وصيانة المتاح منها».
ومطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، اندلع خلاف بين المؤسستين الليبيتين، ومقرهما العاصمة طرابلس، وذلك عندما اتهمت مؤسسة النفط الرئيس الحالي للديون بالإنابة، علاء المسلاتي، بأنه «حاد عن دور وأهداف الديوان المبينة في القانون بشأن إعادة تنظيم ديوان المحاسبة»، ورأت أنه «يستهدف قطاع النفط الحيوي بشكل ممنهج لأغراض مجهولة».
وجاء اتهام المؤسسة رداً على خطاب وجهه المسلاتي لعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، طالبه فيه بوقف قرارات المؤسسة بإنشاء مصفاة لتكرير النفط، واستخلاص غاز الطهي من الغازات المحروقة بحقل الشرارة النفطي جنوب ليبيا.
وقال مصطفى صنع الله إن شركة الواحة للنفط «اضطرت لخفض إنتاجها بنحو 100 ألف برميل يومياً، بسبب عدم وجود سعات تخزينية إثر توقف حركة الملاحة البحرية في موانئ خليج سرت، بالإضافة إلى عدم القدرة على ربط النواقل وشحنها لتفادي ارتفاع المخزون، وبالتالي تخفيض الإنتاج».
وأوضح صنع الله أن عدد الخزانات الخارجة عن الخدمة بميناء السدرة النفطي تقدر بـ11 من أصل 19 خزاناً، مبرزاً أن «محدودية الخزانات المتاحة حال دون قدرتنا على الاستمرار بمعدلات الإنتاج المتاحة، فضلاً عن التسريبات في شبكة الأنابيب والتسهيلات السطحية بين خزانات الإنتاج وخزانات الشحن». كما أعلنت المؤسسة أن ما سمته «القيود غير القانونية»، التي يفرضها ديوان المحاسبة، أطالت زمن تنفيذ المشاريع ما زاد من هشاشة البنية التحتية، وعرقلة الاتجاه لزيادة القدرة الإنتاجية، مبرزة أن «رأي الإدارة القانونية بالمؤسسة إزاء القيود التي يفرضها ديوان المحاسبة كان واضحاً بعدم خضوع عقود الشركات النفطية، التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، للمراجعة المسبقة».
وزاد صنع الله من رفضه قرارات الديوان، بقوله: «إن خطايا وكيل ديوان المحاسبة مميتة؛ لكنها لن تثني عزمنا في قطاع النفط على مواصلة الجهود لتجاوز هذه القيود، التي تكبل المؤسسة الوطنية للنفط، والشركات التابعة لها، وتحاصر نهضة الاقتصاد الوطني وتطوره. ونحن مستمرون في النهوض بمسؤولياتنا».
وسبق أن توقفت عمليات الشحن في غالبية الموانئ النفطية بخليج سرت، بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع الأمواج، وتوقف الملاحة البحرية، ولفتت المؤسسة إلى أنه «كان بالإمكان الاستمرار في الإنتاج، وعدم اللجوء إلى تخفيضه، لكن هشاشة البنية التحتية في القطاع حالت دون استمرار الانتهاج بالمعدلات المتاحة».
وتقع المنشآت النفطية في عموم ليبيا رهينة، من وقت لآخر خلافات المسؤولين بمؤسسات الدولة، أو تقع في قبضة المحتجين، الذين يطالبون السلطات بمطالب بعضها فئوية، تتمثل في زيادة الاستحقاقات المالية، أو الرعاية الطبية لهم ولأسرهم، وذلك بتعمدهم تعطيل العمل في بعض المنشآت النفطية، وهو ما يسبب تراجع معدلات الإنتاج اليومي.
وانخفض إنتاج النفط الليبي من قرابة 1.3 مليون برميل يومياً في العام الماضي، إلى 729 ألف برميل يومياً، قبل أن يعاود الصعود إلى أكثر من مليون برميل يومياً، بعد استئناف الإنتاج في الحقول المغلقة، بحسب المكتب الإعلامي للمؤسسة.
واضطر صنع الله إلى إعلان حالة «القوة القاهرة» مرات عدة، كان آخرها بعد إيقاف حرس المنشآت النفطية العمل بالحقول، معرباً حينها عن أسفه «لضلوع أفراد، وجهات غير مختصة خارج إطار القانون بإغلاق ضخ الخام من حقول الشرارة والفيل والوفاء والحمادة في فصل جديد من مسلسل الإغلاقات، كلما تحسنت أسعار النفط».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.