كلوديا مرشيليان لـ«الشرق الأوسط»: المجتمع المدني يهتم بالدراما المحلية

مسلسل «بكير» هو أحدث كتاباتها وتعرضه «إل بي سي آي»

تثني مرشيليان على اهتمام المجتمع المدني بالدراما المحلية
تثني مرشيليان على اهتمام المجتمع المدني بالدراما المحلية
TT

كلوديا مرشيليان لـ«الشرق الأوسط»: المجتمع المدني يهتم بالدراما المحلية

تثني مرشيليان على اهتمام المجتمع المدني بالدراما المحلية
تثني مرشيليان على اهتمام المجتمع المدني بالدراما المحلية

تشتهر كلوديا مرشيليان بقلمها الواقعي النابع من حالات إنسانية واجتماعية نصادفها في مجتمعاتنا. من أعمالها الأخيرة التي تابعها المشاهد العربي «خرزة زرقا» من إخراج جوليان معلوف.
اليوم تعود مرشيليان إلى الشاشة الصغيرة من خلال مسلسل محلي بعنوان «بكير» وبدأت محطة «إل بي سي آي» في عرضه أخيراً. وهو من بطولة كارول الحاج وعمار شلق ورندة كعدي وسينتيا كرم ودوري السمراني وغيرهم. أما الإخراج فيعود إلى سمير حبشي الذي سبق وتعاونت معه الكاتبة اللبنانية في أكثر من عمل.
يحكي «بكير» وهو من إنتاج شركة «داي تو بيكتشرز» عن عائلة مفككة تهرب الأم من الزوج، وتترك منزلها بعد معاملته السيئة لها، فتستقل عنه بعد مزاولتها العمل بهدف تأمين حياة كريمة لأولادها الثلاثة. فوالدهم كان يجبرهم على العمل في سن صغيرة ويحرمهم من حقهم في التعليم، كذلك أجبر ابنته القاصر على الزواج باكراً.
وتعلق مرشيليان لـ«الشرق الأوسط»: «مسلسل «بكير» يقرأ من عنوانه، إذ يتناول موضوعات تدور حول الاستعجال في حصول الأشياء قبل نضوجها. فيعرج على حالات اجتماعية نافرة عديدة نشاهدها في يومياتنا».
منذ أن بدأ الترويج الإعلاني للمسلسل الجديد تحمس اللبنانيون لمتابعته. فغالبية القنوات المحلية تكتفي حالياً بعرض مسلسلات تركية أو إعادات لأعمال درامية سبق وعرضت عبر شاشات أو قنوات فضائية. وتقول مرشيليان: «بالفعل هناك حالة عطش عند المشاهد للدراما المحلية، وهو ما لمسته عن قرب منذ انطلاق الحملة الإعلانية للعمل. لقد وردني كم من الاتصالات يستوضحوني عن المسلسل. فحالة تلفزيوناتنا أصبحت محزنة في ظل تراجع مردودها المادي، وبالتالي إنتاجاتها الدرامية وغيرها من البرامج». ولكن ألا تعتقدين أن المنصات أسهمت في تردي حالة المحطات التلفزيونية؟ ترد: «لا شك أن المنصات لها جمهورها، ولكن هناك شريحة لا يستهان بها تهوى مشاهدة قنوات التلفزة. فالشاشة الثالثة هي ضرورة تماما كغيرها من سينما ومنصات. وجميع الدول في العالم من أوروبية وأميركية لا تزال تعير اهتمامها للشاشة الصغيرة ومتابعيها. مشكلتنا هنا تكمن في تردي وضعنا الاقتصادي، وهو ما انعكس سلباً، حتى أن بعض المحطات اضطرت إلى الإقفال. فالتلفزيون كان ولا يزال حاجة لمن هم قبلنا ولنا ولمن هم بعدنا. وبرأي هذه المحطات ستجد حلاً لتوسيع بيكار نسب مشاهديها لتؤمن مهمتها الترفيهية المعروفة بها».
بحماس تتحدث مرشيليان عن مسلسلها الجديد والنابعة موضوعاته من واقع معيش. وتخبرنا من ناحية ثانية أن المجتمع المدني الممثل بمنظمات غير حكومية تعرف بالأجنبية بـ«NGO» يهتم اليوم بالدراما المحلية. «سبق وكان لي تجربة معهم في فيلم «مهيريت» الذي عرضته قناة «إم تي في» ويتناول موضوع العاملة الأجنبية. يومها جمعية «كفى» طلبته مني ومولته لأنها كغيرها من الجمعيات التي تعنى بالمجتمع ومشكلاته تجد في الدراما وسيلة فعالة لإيصال رسالتها».
وترى مرشيليان أن حماس هذه المنظمات لدخول معترك الدراما أدرجته على برمجتها السنوية. فالدراما تعكس واقعاً نعيشه، ويمكن أن توعي لدى المشاهد معرفته بالقوانين وبحقوقه الإنسانية. تستشهد مرشيليان بمسلسل «بردانة أنا» الذي عرض في موسم رمضان الفائت وتناول العنف ضد المرأة. يومها حصد نسبة مشاهدة عالية ونافس أعمالاً درامية عربية مختلطة كانت تعرض على الشاشة نفسها. فبحسب مرشيليان المسلسل ولد نوعاً من الوعي لدى المشاهد «حتى أنه وضع النقاط على الحروف، وبفضله جرى سجن كثيرين يتعرضون لنسائهم بالضرب والعنف، وأحياناً لا يتوانون عن قتلهم. فلقد صورنا مشاهد منه في مكاتب جمعية «كفى» كما ساعدتنا في الاطلاع على القوانين الخاصة بحالات نتناولها في المسلسل». ويبرز التعاون بين تلك الجمعيات وعالم الدراما من خلال تسهيل المهمات أمام الإنتاج المحلي. «هذا التعاون يترجم في مواضيع تتعلق بالأمور اللوجيستية والمعنوية وتعريفنا على حالات تشكل نماذج حية عن الشخصيات التي نتحدث عنها في مسلسلات اجتماعية».
تتلقى مرشيليان كما ذكرت لـ«الشرق الأوسط» اتصالات كثيرة من بعض هذه المنظمات تطالبها بتناول قضية أو مشكلة ولو بحلقات تلفزيونية قليلة. «إن جمعية «كفى» كانت السباقة في هذا الموضوع ومعها نفذنا أعمالاً مصورة تحكي عن العبودية ومخالفة القوانين وغيرها، ولاقت آذاناً صاغية كما في «مهيريت».
أما مسلسل «بكير» فهو من توقيع المخرج سمير حبشي، علاقة مرشيليان المهنية به تعود إلى تاريخ طويل. ولكن ألا تغامرين اليوم في هذا التعاون بعد إخفاق حبشي في مسلسل «أسود»؟ ترد: «المسلسل بحد ذاته أحاطت به ظروف سيئة كثيرة ولا أعلم ماذا كانت طبيعة ظروف سمير يومها حتى جاءت ترجمة القصة أمام الكاميرا مغايرة عن الورق إلى حد ما. ولكن هذه الأمور تحصل وجميعنا معرضون للوقوع في الخطأ. وهذا الأمر لا يمكنه أن يمحو كل النجاحات التي حققناها معاً، حبشي وأنا، إن في مسلسل «لونا» و«باب إدريس» و«ثواني» وغيرها الكثير. فسمير حبشي أستاذ في الإخراج، ويملك خبرة طويلة وعيناً ثاقبة، وأنا سعيدة بتعاوني معه أيضاً هذه المرة في «بكير»».
وفي ظل كثافة موضوعات درامية تنتج مؤخراً، ومحورها حالات نفسية وأخرى بوليسية تدور في علم الجريمة وغيرها، ترى مرشيليان أن الحكايات الاجتماعية لا تزال تستقطب نسب مشاهدة كبيرة. «في الفترة الأخيرة، الأعمال الدرامية كـ«صالون زهرة» و«شتي يا بيروت» حققت نجاحاً ملحوظاً. صحيح أنه في المقابل حضرنا إنتاجات رائعة كـ«الزيارة» وغيرها، ولكن هواة الدراما الإنسانية موجودون وبقوة. فتنوع الموضوعات أمر جيد ولكن الرائج منها لا يمكنه أن يختصر الدراما بشكل عام. الأمر لا يعني، تعالوا نكتب رعباً وإثارة فقط للمنصات. وما يشفع بهذه الأخيرة أنها تملك مروحة مشاهدة واسعة. وما يصلح على المنصة لا يجوز مرات على الشاشة الصغيرة، وهنا يكمن الفرق. فلا الجرأة الزائدة ولا الرعب ولا الجريمة تستقطب نسب مشاهدة مرتفعة على التلفزيون، بل الدراما العائلية والاجتماعية».
تجد مرشيليان أن هناك تقدماً في طريقة معالجة الموضوعات الدرامية، «لقد تطرقنا إلى قصص درامية مشابهة في السابق كما في مسلسل «مدام كارمن» فقامت الدنيا ولم تقعد. ولكن الدراما في حالة تطور دائم، وما يميزها اليوم أنها مباشرة أكثر. فأنا مع التقدم ومع تنويع المواضيع لأن المشاهد متعطش لذلك».
ولكن أخذ البعض على «بكير» بأنه يعيدنا إلى زمن الأعمال التقليدية «أولد فاشن» سيما وأنه يدور في القرية فما هو تعليقك؟ «إنها قصص موجودة في حياتنا والقرية تأتي ضمن نمط عيشنا. أحياناً يتم تداول قصة تاريخية تعرف بـ«Epoque» باللغة الدرامية وتعالج موضوعا آنيا، فالزمن لا يتحكم بالدراما ولا يشكل لها عائقا».
ومن ناحية ثانية تجد الكاتبة اللبنانية أن فيلم «أصحاب ولا أعز» جرى تنفيذه بشكل ممتاز، إن من ناحية النص أو من ناحية التمثيل والإخراج. وتضيف: «سبق وحضرته في عدد من نسخاته الأجنبية والنسخة العربية لا تقل مستوى أبداً عن الأخرى. ثم إننا لم نخترع الفكرة ولا القصة، فلا أعرف لماذا حصل كل هذا الضجيج حوله. ففي مجتمعاتنا أيضاً نصادف الخبث والخيانة والكذب، فلماذا يريدون أن يختبئوا وراء أصابعهم؟ هذا الفيلم سلط الضوء على حالة اللاوعي التي ندفنها في أعماقنا. وأعتبر النسخة العربية واحدة من أهم النسخ التي أنتجت لهذا الفيلم».
وتحضر مرشيليان لأعمال خاصة بالمنصات، ستفرج عن أسمائها وعناوينها قريباً، ولكنها في المقابل لن يكون لها أي مشاركة في موسم رمضان المقبل.


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».