تحذير من قصر «فترة الاختراق» النووي الإيراني مقارنة بـ 2015

ماكينزي يتهم إيران بالاعتماد على ميليشياتها لتنفيذ «الأعمال القذرة»

منشأة نطنز النووية في إيران (أ.ب)
منشأة نطنز النووية في إيران (أ.ب)
TT

تحذير من قصر «فترة الاختراق» النووي الإيراني مقارنة بـ 2015

منشأة نطنز النووية في إيران (أ.ب)
منشأة نطنز النووية في إيران (أ.ب)

حذر مسؤولون أميركيون من أن البرنامج النووي الإيراني أصبح «متقدماً للغاية»، مقارنة بما كان عليه عند إبرام الاتفاق النووي معها عام 2015. وصرح مسؤولون أميركيون بأنه بإمكان إيران إنتاج ما يكفي من الوقود لصنع قنبلة نووية في غضون أسابيع فقط، كما أنها قد تمتلك قنبلة يمكن بناؤها في أقل من عام. ويقدر مسؤولون أميركيون أن البرنامج النووي الإيراني على وشك إنتاج ما يكفي من الوقود لصنع قنبلة نووية في غضون أسابيع، ويمكن أن تنتج قنبلة خلال أقل من عام.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين لم تفصح عن أسمائهم، قولهم إن «وقت الاختراق» الإيراني - أي الوقت اللازم لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة لأجل سلاح نووي واحد - قد تقدم بشكل كبير بعد أن سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق مع إيران في 2018. ويختلف وقت الاختراق عن الوقت الذي قد تستغرقه إيران لبناء السلاح النووي. ويعتقد المسؤولون الغربيون أن إيران لم تتوصل بعد إلى كيفية بناء قلب القنبلة وتوصيل الرأس الحربي بالصاروخ، لكن وقت الاختراق المخفض أقل كثيراً من فترة 12 شهراً التي شكلت أساس الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس باراك أوباما في عام 2015.
- نفاد الوقت
وقال تقرير الصحيفة إن إدارة بايدن تتوقع أن يؤدي التوصل إلى اتفاق على عودة طهران إلى الالتزام بالاتفاق النووي، إلى تمكين إيران من تكديس ما يكفي من الوقود لصنع قنبلة نووية في غضون أقل من عام، وهو نطاق زمني أقصر من ذلك الذي ترتب على اتفاق 2015، بحسب مسؤولين أميركيين. وأشار المسؤولون إلى أنهم «توصلوا إلى هذه النتيجة في أواخر عام 2021، مقارنة بالاتفاق الأصلي الذي كان يتيح فترة عام على الأقل لتصنيع السلاح النووي».
- اتفاق معدل
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين أنه «يجب التوصل قريباً إلى اتفاق معدل لإعطاء الولايات المتحدة وحلفائها وقتاً كافياً للرد على التعزيزات النووية الإيرانية». وأضافت أن «فترة الاختراق» ستعتمد على الخطوات التي توافق عليها طهران «لتفكيك مخزونها من اليورانيوم المخصب، وشحنه للخارج أو تدميره، والحد من إنتاج الوقود النووي، وقدرتها على تصنيع أجهزة الطرد المركزي».
وتثير هذه المخاوف شكوكاً جديدة حول قدرة إدارة بايدن على التفاوض على «صفقة أطول وأقوى من شأنها تقييد مسار إيران لتصنيع سلاح نووي». وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن «واشنطن سترفع الجزء الأكبر من العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب، إذا عادت إيران للالتزام بالاتفاق، وهناك مفاوضات جارية في فيينا حول الضمانات التي ستقدمها واشنطن لمساعدة إيران بمزايا اقتصادية».
وغني عن القول إن هذا المسار يثير حفيظة، ليس فقط الدول العربية ولكن أيضاً حفيظة إسرائيل. وفيما رفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق للصحيفة حول هذا التقرير، مؤكداً أن «إدارة بايدن واثقة من أن الصفقة ستعالج مخاوفنا الملحة بشأن منع الانتشار النووي»، قال جوناثان شانزر نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن إسرائيل لا تزال حريصة للغاية على الحفاظ على علاقة مهنية مع الولايات المتحدة، رغم اشتداد الخلاف بينهما على ملف إيران.
وقال شانزر في رسالة إلكترونية إلى «الشرق الأوسط»، إن الطرفين يواصلان العمل على استكشاف «الخيارات البديلة»، في حال فشلت المفاوضات، على الرغم من إصرار إدارة الرئيس الأميركي على التوصل إلى مثل هذا الاتفاق مع طهران، لأن وجود خيارات بديلة، ولو كانت غير محتملة حتى الآن، فإنها تبقى جزءاً من استراتيجية المشاركة طويلة المدى بينهما. وأعرب عن اعتقاده بأن خروج المفاوضين من الفريق الأميركي، أعطى إسرائيل مؤشراً على أن الاستراتيجية الأميركية المعتمدة في هذه المفاوضات، قد تتفكك، وهو ما قد يفتح فرصة لمناقشة «الخيارات الأخرى».
- محادثات مباشرة
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد نقلت عن مسؤول أميركي رفيع، رفض الكشف عن هويته، قوله إن «الوقت بدأ ينفد أمام المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي»، داعياً طهران إلى الموافقة على إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن للمساعدة في إبرام اتفاق. وأضاف أن البرنامج النووي الإيراني يقترب من «تحقيق اختراق» نحو امتلاك قدرات لصنع أسلحة نووية، ما يترك مهلة «أسابيع» أمام المفاوضين للتوصل إلى اتفاق يجمد هذا البرنامج ويخفف من العقوبات المفروضة على طهران. وأضاف: «أعتقد أننا وصلنا إلى النقطة التي يتعين فيها اتخاذ بعض القرارات السياسية الأكثر حساسية من قبل جميع الأطراف المنخرطة في المفاوضات».
- اتهامات ماكينزي
من جهة أخرى، قال قائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى (سينتكوم)، فرنك ماكينزي، إن النظام الإيراني يعتمد على الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنه لتنفيذ «عملياته القذرة» في المنطقة، وذلك وسط تصريحات بدت أنها تأتي في سياق احتفاظ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بـ«مساحة للتقييمات المختلفة من دوائرها»، عن العلاقة مع إيران، ومحاولتها إرضاء حلفائها، عبر رفع التحذيرات من سلوكيات طهران الإقليمية. وبعدما تم استبعاد ملف سياسات طهران الإقليمية المزعزعة وملف صواريخها الباليستية، من جدول أعمال المفاوضات الجارية في فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي، بدا واضحاً أن إدارة بايدن تسعى إلى محاولة استرضاء حلفائها وشركائها، عبر تكرار الانتقادات التي توجه لسياسات طهران، فيما تستمر المفاوضات في فيينا رغم التحذيرات من أن إيران اقتربت من إنتاج القنبلة النووية، وهو ما يثير حفيظة إسرائيل التي تطالب واشنطن بالإعداد جدياً «لخيارات أخرى» في حال فشل المفاوضات مع طهران.
وفي ندوة افتراضية مع «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، قال ماكينزي إن تلك العمليات تعرض أرواح البشر للخطر من خلال نقل الأسلحة والموارد الأخرى إلى تلك الميليشيات، خصوصاً أن القائد الجديد لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، لا تمكنه السيطرة على تلك الميليشيات بالدرجة نفسها التي كان القائد السابق قاسم سليماني، يفعل.
وأضاف ماكينزي أن قاآني يكافح للسيطرة على تلك الميليشيات التي تعمل بالوكالة في المنطقة، لكنه لم يستطع ممارسة سيطرة مماثلة لسليماني، وهو ما تظهر نتائجه بشكل متزايد في أماكن مثل العراق. وأوضح ماكينزي أن «إيران تدرك جيداً خطوطنا الحمراء، لكن الأدلة تظهر أن الجماعات المسلحة تحاول بجدية قتل القوات الأميركية عبر الهجمات التي تنفذها».
- الخطوط الحمراء
وأكد ماكينزي أن سبب استمرار الحرب في اليمن لأكثر من 7 سنوات، يعود إلى حد كبير إلى دعم إيران لميليشيات الحوثي. وفي إشارة إلى هجمات الحوثيين الأخيرة على الإمارات، قال ماكينزي إن الحوثيين مقارنة بإيران، لديهم رغبة أقل للدخول في حرب محدودة، لكن وبغض النظر عن الخطر الذي يهدد البشر، فإنهم يستخدمون بطريقة متهورة أي قدرة تسليحية تقدمها لهم إيران. وأضاف أنهم وإيران يستخدمون الناس في الحرب اليمنية كفئران تجارب، وهي ممارسات غير إنسانية في الحروب، ووصف «التهدئة والتطبيع» بالخيار الأفضل لإيران.



ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
TT

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».

إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.

الأكراد «الحلفاء الأوفياء»

قوات من «قسد» في تدريب مشترك مع القوات الأميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.

وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.

وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».

ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».

وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».

وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.

الدور الإيراني

قاآني يستقبل الرئيس مسعود بزشكيان خلال مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران الخميس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».

وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.

وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.

حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.

غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.

يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.

وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.

لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.

لبنان

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.

ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.

وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».

الاعتراف بدولة فلسطين

الدمار والخراب في قطاع غزة بعد أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المتواصل (أ.ف.ب)

كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».

وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».

ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».

وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».

ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».