الأزهر والفاتيكان يحتفيان باليوم الدولي لـ«الأخوة الإنسانية»

بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر خلال لقاء سابق على هامش توقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية» (مشيخة الأزهر)
بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر خلال لقاء سابق على هامش توقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية» (مشيخة الأزهر)
TT

الأزهر والفاتيكان يحتفيان باليوم الدولي لـ«الأخوة الإنسانية»

بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر خلال لقاء سابق على هامش توقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية» (مشيخة الأزهر)
بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر خلال لقاء سابق على هامش توقيع وثيقة «الأخوة الإنسانية» (مشيخة الأزهر)

حثّ الرئيس الأميركي جو بايدن جميع الشعوب على «العمل معاً، وتجاوز الانقسامات كافة، والتعاون فيما بينهم للتغلب على التحديات العالمية، بما في ذلك جائحة فيروس (كورونا) وأزمة (تغير المناخ)، من أجل بناء عالم أفضل يحترم حقوق الإنسان العالمية، وينهض بالأمن والسلام». جاء ذلك خلال رسالة للرئيس الأميركي بمناسبة اليوم الدولي لـ«الأخوة الإنسانية».
في حين احتفى الأزهر والفاتيكان وقادة دينيون وشخصيات عالمية، أمس، باليوم الدولي لـ«الأخوة الإنسانية»، الذي يصادف ذكرى توقيع بابا الفاتيكان فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب وثيقة «الأخوة الإنسانية» في أبوظبي، فبراير (شباط) عام 2019، وأكد الطيب وفرنسيس، أمس، «مواصلة العمل لتحقيق السلام ومواجهة (الكراهية)».
ووفق إفادة لمشيخة الأزهر في القاهرة أمس، فقد قال بايدن إن «ما نراه الآن من تحديات كالتهديد المستمر لجائحة (كورونا)، والأزمة الوجودية لـ(تغير المناخ)، وارتفاع وتيرة العنف حول العالم، يجعل التعاون مطلباً رئيسياً بين الناس من جميع الخلفيات، والثقافات والعقائد والأديان، وتتطلب منا هذه التحديات أن نتحدث مع بعضنا في حوار مفتوح، ونعزز قيم التسامح والاندماج والتفاهم». وأضاف بايدن: «في هذا اليوم (أي يوم الأخوة) نؤكد مجددًا – بالأقوال والأفعال – القيم الإنسانية التي توحدنا جميعاً».
ووقع شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس، الوثيقة في الإمارات، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي... وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2020 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع ليكون 4 فبراير «يوماً دولياً للأخوة الإنسانية».
وقال شيخ الأزهر إن «احتفاء العالم بهذه المناسبة، هو احتفال بإنسانية الدين الإلهي، ودعوته للتعارف والتفاهم بين أتباع الرسالات السماوية وغير السماوية، واحترامه لخصوصية الأديان والعقائد، من أجل عالم أفضل تسوده روح التسامح والإخاء والتضامن والتكافل»، مضيفاً، في كلمته بمناسبة اليوم الدولي لـ«الأخوة الإنسانية»، أن «الوثيقة كتبت تحت قباب الأزهر الشريف، وبين جنبات حاضرة الفاتيكان، إيماناً من الجميع بضرورة التفاهم بين المؤمنين بالأديان؛ بل وغير المؤمنين بها، من أجل التخلص من الأحكام الخاطئة، والصراعات التي تفضي إلى إراقة الدماء، وإشعال الحروب بين الناس، حتى بين أبناء الدين الواحد، والمؤمنين بعقيدة واحدة».
وأشار شيخ الأزهر إلى أنه «سيواصل مع قادة الأديان ومحبي الخير حول العالم، ما بدأه من عمل في سبيل تحقيق السلام والأخوة، وإزالة كل مبررات (الكراهية) والتناحر والاقتتال».
من جهته، أكد البابا فرنسيس أن «الأخوة الإنسانية، إحدى القيم الأساسية والعالمية التي ينبغي أن تستند إليها العلاقات بين الشعوب، لئلا يشعر المحرومون أو أولئك الذين يعانون بأنهم مستبعدون ومنسيون؛ بل إنهم محتضنون ومدعومون كجزء من الأسرة البشرية الواحدة، ويتعين علينا جميعاً، أن نشاطر مشاعر الأخوة المتبادلة بيننا، وأن نعمل على تعزيز ثقافة السلام، التي تشجع بدورها التنمية المستدامة والتسامح والاندماج والتفاهم المتبادل والتضامن».
وحسب بيان مشيخة الأزهر، فقد أوضح البابا فرنسيس أننا «جميعاً نعيش تحت قبة السماء الواحدة، بغض النظر عن مكان إقامتنا وطريقة عيشنا، وبمعزل عن لون البشرة والدين والطبقة الاجتماعية والجنس والعمر والظروف الصحية والاقتصادية، فجميعنا مختلفون؛ لكننا جميعاً متشابهون كما أثبته لنا زمن الجائحة»، مؤكداً أن «الأخوة الإنسانية تقودنا إلى الانفتاح على الجميع، وأن نتبين في الآخر أننا كلنا أخوة، لنتشارك الحياة ونمد يد العون لبعضنا، ولنحب الآخرين ونتعرف عليهم، وأنه قد حان الوقت (اليوم) للسير معاً، دون الإحالة إلى الغد أو إلى مستقبل قد لا يكون»، مشيراً إلى أن «الأخوة هي الحل للقضاء على الحروب، وتدمير الشعوب، وحرمان الأطفال من الغذاء، وتراجع مستوى التعليم». وأوضح فرنسيس أن «طريق الأخوة، طريق طويل وصعب؛ لكنه (قارب النجاة) للإنسانية جمعاء، فنحن نواجه صفارات الإنذار العديدة والأوقات المظلمة ومنطق الصراع براية الأخوة، التي تحتضن الآخر وتحترم هويته وتحثه على درب مشترك، لسنا سيان؛ بل نحن أخوة، ولكل منا شخصيته وفرديته».
في غضون ذلك، قال الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية محمد عبد السلام إن «هذا اليوم (أي يوم الأخوة) يمثل لحظة فارقة في تاريخ الإنسانية، الذي اجتمع فيه قائدا أكبر مؤسستين في العالمين المسيحي والإسلامي عام 2019 للتوقيع على وثيقة (الأخوة الإنسانية)».
فيما أكد وكيل الأزهر محمد الضويني، على هامش مشاركته في احتفالات اليوم الدولي لـ«الأخوة» بأبوظبي، أن «الأخوة الإنسانية تنادي على الناس بقيم التعارف والتعايش، والتواصل والحوار، وإقرار هذه المبادئ لا يعني أبداً التفريط في الحقوق، ولا الاعتداء على الخصوصيات، ولا مسخ الهويات، ولا الإساءة إلى المعتقدات، كما يظن البعض، فالعقيدة ليست مجالاً للمساومات ولا المفاوضات».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.