الولايات المتحدة تكشف «مؤامرة» روسية لتبرير غزو أوكرانيا

بوتين وشي يرفضان توسع «الناتو» شرقاً ويتهمان الغرب بزعزعة الاستقرار

الولايات المتحدة تكشف «مؤامرة» روسية لتبرير غزو أوكرانيا
TT

الولايات المتحدة تكشف «مؤامرة» روسية لتبرير غزو أوكرانيا

الولايات المتحدة تكشف «مؤامرة» روسية لتبرير غزو أوكرانيا

غداة اتهام إدارة الرئيس جو بايدن للكرملين بإعداد مؤامرة تتضمن تلفيق «هجوم» أوكراني مصوَّر ضد مصالح روسيا ليكون بمثابة ذريعة لغزو أوكرانيا، الأمر الذي نفته موسكو على لسان وزير خارجيتها، اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جينبينغ، خلال اجتماع بينهما قبيل إطلاق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، على رفض توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقاً، واتهما الغرب والولايات المتحدة بزعزعة الاستقرار في مناطق واسعة من العالم. وخلال لقاء شخصي هو الأول له مع زعيم أجنبي منذ بدء جائحة «كوفيد - 19» قبيل عامين، قدم الرئيس الصيني دعماً ثميناً لنظيره الروسي الذي يواجه ضغوطاً متصاعدة من الغرب في شأن حشد أكثر من مائة ألف من قواته على الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية لأوكرانيا، مما أثار المخاوف لدى دول «الناتو» من أن يكون ذلك مقدمة لبدء غزو.
وفي ظل هذا الاستعراض الاستثنائي المتقن للتضامن بين البلدين على هامش الألعاب الأولمبية التي قاطع افتتاحها الرسمي الكثير من الزعماء الغربيين، أصدر الزعيمان بياناً مشتركاً طويلاً تضمن اتهاماً من الصين للولايات المتحدة بأنها تُذكي الاحتجاجات في هونغ كونغ وتشجع الاستقلال في تايوان، بالإضافة إلى اتهام من روسيا للولايات المتحدة بأنها تلعب دوراً مشابهاً في زعزعة الاستقرار في أوكرانيا. وأكدا أن «روسيا والصين تقفان ضد محاولات القوى الخارجية لتقويض الأمن والاستقرار في المناطق المتاخمة المشتركة بينهما». وأضافا أن البلدين «يعتزمان مواجهة تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة تحت أي ذريعة، ومعارضة الثورات الملونة وزيادة التعاون (بينهما) في (هذه) المجالات». وفي انحياز واضح من الصين إلى جانب روسيا في أحد مطالبها الأمنية الرئيسية، شدد البيان على أن الطرفين «يعارضان المزيد من توسيع (الناتو) ويدعوان حلف شمال الأطلسي إلى التخلي عن مقارباته الآيديولوجية للحرب الباردة». وأشار بوتين وشي في بيانهما إلى أن بلديهما سيعملان على إقامة علاقات أوثق في التجارة والدبلوماسية والأمن. وأكدا أن «الصداقة بين الدولتين ليس لها حدود». وقال شي إن الجانبين «يدعم بعضهما بعضاً بقوة في حماية مصالحهما الأساسية». وأعلن بوتين اتفاقاً لتزويد الصين بمزيد من الغاز عبر خط أنابيب جديد.

ذريعة جديدة للغزو
في المقابل، سعت إدارة الرئيس جو بايدن إلى تجريد موسكو من ذريعة جديدة لغزو أوكرانيا، إذ كشف مسؤولون أميركيون تفاصيل ما قالوا إنها مؤامرة لتلفيق «هجوم» مفصل ومجهز بكاميرات على المصالح الروسية ثم نشر الفيديو. وأكدوا أن هذه المؤامرة بلغت مرحل متقدمة في إعدادها. وجرى وصف خطة الهجوم الوهمي على الأراضي الروسية أو الأشخاص الناطقين بالروسية في معلومات استخبارية رُفعت عنها السريّة وجرى تقاسمها مع مسؤولين أوكرانيين وحلفاء أوروبيين في الأيام الأخيرة. وكان هذا أحدث مثال على كشف إدارة بايدن لمعلومات استخبارية كتكتيك لمحاولة وقف جهود التضليل الروسية وإحباط ما تقول إنه جهود الرئيس بوتين لوضع الأساس لعمل عسكري. وإذا قامت روسيا بالغزو، يقول مسؤولو الإدارة إنهم يريدون توضيح أن روسيا سعت دائماً إلى اختلاق ذريعة. وفي الأسابيع الأخيرة، أكد البيت الأبيض أن الاستخبارات الأميركية كشفت أن روسيا شنت حملة تضليل خبيثة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد أوكرانيا وأرسلت نشطاء مدربين على المتفجرات لتنفيذ أعمال تخريبية ضد القوات الروسية. ورفض المسؤولون الأميركيون تقديم تفاصيل عن الأدلة التي تستند إليها. وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، بأن الإدارة بحاجة لحماية المصادر الحساسة وطرق جمع المعلومات الاستخبارية. وقال: «نرفع السرية عن المعلومات فقط عندما نكون واثقين من تلك المعلومات». وأفاد الناطق باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جون كيربي، بأن المخطط يشمل إنتاج فيديو دعائي مصوَّر يُظهر انفجارات مدبّرة ويستخدم جثثاً وممثلين يصورون المعزين حزينين. وقال: «رأينا هذه الأنواع من النشاطات من الروس في الماضي».
وتشير المعلومات الاستخبارية إلى أن الروس سيقدمون معدات عسكرية تستخدمها أوكرانيا، بما في ذلك سلاح رئيسي قدمته تركيا، وهي عضو في «الناتو»، لتعزيز صدقية الهجوم المزيف. ويُحتمل أن تستخدم روسيا طائرات مسيّرة تركية الصنع من طراز «بيرقدار» كجزء من العملية المزيفة.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، في إفادة صحافية أمس (الجمعة)، إن الولايات المتحدة أبلغت بلاده بأن روسيا ربما تنشر تسجيل فيديو دعائياً كاذباً كذريعة لتنفيذ هجوم عسكري، لكن أوكرانيا تنتظر مزيداً من التفاصيل. وشبّه كوليبا الوضع الحالي بذلك الذي كان عليه عام 2014 عندما ضمّت روسيا القرم ودعمت انفصاليين في شرق أوكرانيا. وقال الوزير: «مبدئياً، ما تم إعلانه ليس مفاجأة لنا... منذ 2014 ونحن نرى الكثير من الأفعال الماكرة من جانب روسيا الاتحادية». من جانبها وصفت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، التصريحات الأميركية بأنها «دليل واضح وصادم على عدوانية روسيا غير المبررة وعلى أنشطة سرية (لموسكو) لزعزعة استقرار أوكرانيا». وكتبت على «تويتر»: «المَخرج الوحيد لموسكو هو وقف التصعيد والانسحاب والالتزام بإيجاد مسار دبلوماسي».
ونفى وزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس (الجمعة)، مزاعم الولايات المتحدة بأن موسكو تلفق تسجيل فيديو كذريعة لشن حرب في أوكرانيا، ووصف الأمر بأنه «هراء». وحشدت روسيا أكثر من 100 جندي بالقرب من حدودها مع أوكرانيا لكنها تنفي التخطيط لغزو، وطالبت واشنطن وحلف شمال الأطلسي بضمانات بعدم السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الحلف العسكري.

تعزيز دفاعات سلوفاكيا
وإلى ذلك، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، محادثات أول من أمس (الخميس)، واشنطن مع وزير الخارجية السلوفاكي إيفان كوركوك، ووزير الدفاع السلوفاكى ياروسلاف ناد. وفي احتفال لاحق، وقع الدبلوماسيون الثلاثة على وثائق تهدف إلى تعزيز التحالف بين دولتي «الناتو» مع تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا. وتسمح الاتفاقية للولايات المتحدة بتوسيع وجودها العسكري في سلوفاكيا، التي تمتلك حدوداً مع أوكرانيا، من خلال تطوير مطاري «سلياك» و«كوشينا» العسكريين. وينقسم السلوفاكيون بشأن المعاهدة، حيث يرى المنتقدون أنها يمكن أن تؤدي إلى فقدان سيادة البلاد. وقال بلينكن إن «هذا الاتفاق يسهّل على جيوشنا تنسيق جهود دفاعية غير مألوفة مثل إجراء تدريبات مشتركة. وسيوجد المزيد من المشاورات المنتظمة بين بلدينا في شأن التهديدات التي يتعرض لها شعبنا والسلام والأمن الدوليين». وبعد التوقيع، لا يزال يتعين على البرلمان السلوفاكي منح موافقته -وليس هناك ضمان لتمرير الموافقة، حيث أثارت أحزاب المعارضة الثلاثة في البرلمان، وممثلو النقابات العمالية، والمنتقدون العسكريون، اعتراضات على الاتفاقية.
كما أوصى مكتب المدعي العام السلوفاكي نواب البرلمان برفض المعاهدة، بدافع أن اتفاقية الشراكة تقوض الدستور السلوفاكي. وبموجب بنود المعاهدة، ستموّل الولايات المتحدة إعادة تطوير المطارين العسكريين، اللذين سيظلان ملكاً للحكومة السلوفاكية، لكن سيكون بإمكان الجيش الأميركي استخدامهما مجاناً.

واشنطن تحذّر بكين
وقبيل ساعات فقط من اجتماع بوتين وشي، حذرت الولايات المتحدة الصين من مساعدة روسيا على تفادي العقوبات المحتملة المتعلقة بالأزمة في أوكرانيا. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن واشنطن وحلفاءها «لديها مجموعة من الأدوات» التي يمكن نشرها ضد «الشركات الأجنبية، بما في ذلك تلك الموجودة في الصين» التي تحاول التهرب من الإجراءات العقابية المحتملة ضد روسيا. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لصحيفتين ألمانية وفرنسية، إن الاتحاد الأوروبي أعدّ «حزمة قوية وشاملة من العقوبات المالية والاقتصادية» في حال غزت روسيا أوكرانيا. وتابعت فون دير لاين لصحيفة «هاندلسبلات» الألمانية و«ليزيكو» الفرنسية: «هذا يتراوح من تقييد الوصول لرؤوس الأموال الأجنبية إلى ضوابط على الصادرات خصوصاً على السلع التقنية»، مضيفةً أن الإجراءات يجب أن تجعل الاقتصاد الروسي «أكثر ضعفاً». وأشارت المسؤولة الأوروبية إلى «أنه من الجليّ تماماً» أنه لا يمكن استبعاد مشروع خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» المثير للجدل بين ألمانيا وروسيا كهدف للعقوبات. وفي هلسنكي، أجرى القادة الفنلنديون محادثات مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حول رسالة أرسلها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى عدة دول حول «عدم قابلية الأمن للتجزئة» في أوروبا.
وفي بروكسل، رجح الأمين العام لحلف «الناتو» ينس ستولتنبرغ، زيادة عدد القوات الروسية في بيلاروسيا إلى 30 ألفاً، بدعم من القوات الخاصة والطائرات المقاتلة المتقدمة وصواريخ «إسكندر» الباليستية قصيرة المدى وأنظمة صواريخ «إس 400» للدفاع الجوي. وقال: «هذا أكبر انتشار لروسيا هناك منذ الحرب الباردة». وأكد أن «الناتو» لا توجد لديه أي نية لنشر قوات في أوكرانيا في حالة غزو روسيا له، لكنه أشار إلى أن الحلف بدأ في تعزيز دفاعات الدول الأعضاء المجاورة، ولا سيما إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا. كما يخطط التحالف العسكري الذي يضم 30 دولة لتعزيز دفاعاته في منطقة البحر الأسود قرب بلغاريا ورومانيا.

ماكرون يجتمع مع بوتين وزيلينسكي
سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، في موسكو، بعد غد (الاثنين)، ومع الزعيم الأوكراني في كييف يوم الثلاثاء، لمناقشة الوضع في أوكرانيا إذ يحاول زعماء الغرب تجنب صراع كبير مع روسيا بشأن أوكرانيا. وأفاد مكتب ماكرون بأنه سيلتقي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في كييف، في اليوم التالي لاجتماعه مع بوتين في موسكو. وقال الرئيس الفرنسي ماكرون إن إيجاد مسار تفاوضي لتهدئة التوتر بشأن أوكرانيا يمثل أولوية حتى مع إعلان الولايات المتحدة إرسال ثلاثة آلاف جندي إضافي إلى بولندا ورومانيا مع حشد روسيا لقواتها بالقرب من أوكرانيا.
وأوضح مكتب ماكرون في بيان أنه أجرى مكالمتين هاتفيتين مع الزعيمين الروسي والأوكراني أمس (الخميس)، لمحاولة إحراز تقدم بشأن وضع منطقة دونباس الانفصالية في شرق أوكرانيا في إطار جهود لنزع فتيل التوتر. وقال البيان أيضاً إن ماكرون أكد للرئيسين أهمية مناقشة شروط التوصل إلى توازن استراتيجي في أوروبا من شأنه أن يمكّن من خفض التوتر على الأرض ويضمن الأمن في القارة.



أستراليا تحظر وصول منصات التواصل الاجتماعي للأطفال

جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)
جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تحظر وصول منصات التواصل الاجتماعي للأطفال

جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)
جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)

أقرّت أستراليا، أمس، قراراً يحظر وصول وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً، في سابقة عالمية.

ويمنع القرار منصات كـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«يوتيوب» و«تيك توك» و«سناب تشات» و«إكس» من فتح حسابات لمستخدمين دون السادسة عشرة، ويُلزمها إغلاق الحسابات المفتوحة حالياً. وتواجه المنصات المعنية بالقرار، في حال عدم اتخاذها تدابير «معقولة» لضمان تطبيقه، غرامات تصل إلى 32.9 مليون دولار أميركي.


قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا يبحثون مع ترمب جهود السلام في أوكرانيا

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
TT

قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا يبحثون مع ترمب جهود السلام في أوكرانيا

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (أ.ب)

قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الأربعاء، إن قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا ناقشوا مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ملف محادثات السلام الجارية بقيادة الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، ورحبوا بالجهود المبذولة للوصول إلى تسوية عادلة ودائمة للوضع هناك.

وقال متحدث باسم مكتب ستارمر: «ناقش الزعماء آخر المستجدات بشأن محادثات السلام الجارية بقيادة الولايات المتحدة، ورحبوا بالمساعي الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم لأوكرانيا وإنهاء إزهاق الأرواح».

واتفق الزعماء على أن هذه لحظة حاسمة بالنسبة لأوكرانيا، وقالوا إن العمل المكثف على خطة السلام سيستمر في الأيام المقبلة.

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه أجرى اتصالاً هاتفياً في وقت سابق من اليوم مع نظيره الأميركي لمناقشة الوضع في أوكرانيا. وأضاف: «كنت في قاعة بلدية سان مالو لإجراء مكالمة هاتفية مع بعض الزملاء والرئيس ترمب بشأن قضية أوكرانيا». وتابع: «أجرينا نقاشاً استمر نحو 40 دقيقة لإحراز تقدّم في موضوع يهمّنا جميعاً».


في سابقة عالمية... أستراليا تحظر وصول القُصّر إلى وسائل التواصل الاجتماعي

رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
TT

في سابقة عالمية... أستراليا تحظر وصول القُصّر إلى وسائل التواصل الاجتماعي

رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
رفع شعار «دَعُوهم يبقوا أطفالاً» ضمن حملة تقييد استخدام التواصل الاجتماعي للقُصّر على جسر ميناء سيدني في أستراليا يوم 10 ديسمبر (إ.ب.أ)

رحّب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً، في خطوة رائدة عالمياً تهدف إلى «حمايتهم من الإدمان» على منصات «إنستغرام» و«تيك توك» و«سناب تشات».

ويطول هذا القرار مئات الآلاف من المراهقين الذين كانوا يقضون يومياً ساعات طويلة على هذه المنصات، كما يختبر قدرة الدول على فرض قيود شديدة الصرامة على شركات التكنولوجيا العملاقة، كالأميركيتين «ميتا» و«غوغل». ويمنع القرار منصات كـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«يوتيوب» و«تيك توك» و«سناب تشات» و«ريديت» و«إكس» من فتح حسابات لمستخدمين دون السادسة عشرة، ويُلزمها إغلاق الحسابات المفتوحة حالياً. ويشمل أيضاً منصتي البث التدفقي «كيك» و«تويتش». وتواجه المنصات المعنية بالقرار، في حال عدم اتخاذها تدابير «معقولة» لضمان تطبيقه، غرامات تصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (32.9 مليون دولار أميركي).

«سلاح للمتحرّشين والمحتالين»

وعشية بدء تطبيق القرار، شرح رئيس الوزراء العمالي أنتوني ألبانيزي، أسباب اتخاذه القرار، وقال إن «وسائل التواصل الاجتماعي يستعملها المتحرشون سلاحاً (...)، وهي أيضاً مصدر للقلق، وأداة للمحتالين، والأسوأ من ذلك أنها أداة للمتحرشين (جنسياً) عبر الإنترنت».

تفرض منصات التواصل الاجتماعي في أستراليا قيوداً على المستخدمين القُصّر ممن تقل أعمارهم عن 16 عاماً (أ.ف.ب)

وقال ألبانيزي لهيئة الإذاعة الأسترالية: «هذا هو اليوم الذي تستعيد فيه العائلات الأسترالية القوة من شركات التكنولوجيا الكبرى، وتؤكد حق الأطفال في أن يكونوا أطفالاً، وحقّ الآباء في مزيد من راحة البال». وأضاف ألبانيزي في اجتماع لأسر تضررت من وسائل التواصل الاجتماعي: «هذا الإصلاح سيغيّر الحياة للأطفال الأستراليين... سيسمح لهم بعيش طفولتهم. وسيمنح الآباء الأستراليين راحة بال أكبر. وأيضاً للمجتمع العالمي الذي ينظر إلى أستراليا ويقول: حسناً، إذا استطاعت أستراليا فعل ذلك، فلماذا لا نستطيع نحن كذلك؟».

وأعرب كثير من أولياء الأمور عن ارتياحهم لهذا الإجراء، آملين أن يسهم في الحد من إدمان الشاشات ومخاطر التحرش على الإنترنت والتعرض للعنف أو المحتويات الجنسية.

في المقابل، نشر العديد من الأطفال «رسائل وداع» على حساباتهم قبل دخول القرار حيّز التنفيذ. فيما عمد آخرون إلى «خداع» تقنية تقدير العمر لدى المنصات برسم شعر على الوجه. ومن المتوقع أيضاً أن يساعد بعض الآباء والأشقاء الأكبر سناً بعض الأطفال على الالتفاف على القيود الجديدة.

مراقبة الامتثال

وأقرّ ألبانيزي بصعوبة التنفيذ وقال إنه «لن يكون مثالياً»، موضّحاً أن هذا الإجراء يتعلق «بمواجهة شركات التكنولوجيا الكبرى»، وبتحميل منصات التواصل الاجتماعي «مسؤولية اجتماعية».

جانب من لقاء ألبانيزي أهالي متضررين من استخدام أطفالهم وسائل التواصل الاجتماعي في سيدني يوم 10 ديسمبر (أ.ف.ب)

وستتولى مفوضة السلامة الإلكترونية في أستراليا، جولي إنمان غرانت، تنفيذ الحظر. وقالت إن المنصات لديها بالفعل التكنولوجيا والبيانات الشخصية حول مستخدميها لفرض قيود العمر بدقة. وقالت إنها سترسل الخميس، إشعارات إلى المنصات العشر المستهدفة تطلب فيها معلومات حول كيفية تنفيذ قيود العمر، وعدد الحسابات التي أُغلقت.

وقالت إنمان غرانت: «سنقدم معلومات للجمهور قبل عيد الميلاد حول كيفية تنفيذ هذه القيود، وما إذا كنا نرى مبدئياً أنها تعمل». وأضافت: «ستشكّل الردود على هذه الإشعارات خط الأساس الذي سنقيس عليه الامتثال».

بدورها، قالت وزيرة الاتصالات أنيكا ويلز، إن المنصات الخاضعة لقيود العمر «قد لا توافق على القانون، وهذا حقها. نحن لا نتوقع دعماً عالمياً بنسبة 100 في المائة»، لكنها أوضحت أن جميعها تعهّدت بالامتثال للقانون الأسترالي. وقالت إن أكثر من 200 ألف حساب على «تيك توك» في أستراليا قد تم إلغاؤه بالفعل بحلول الأربعاء.

وحذّرت ويلز أيضاً الأطفال الصغار الذين أفلتوا من الرصد حتى الآن من أنهم سيُكتشفون في النهاية، كما نقلت عنها وكالة «أسوشييتد برس». وضربت مثالاً بطفل يستخدم «شبكة افتراضية خاصة ليبدو كأنه في النرويج»، قائلةً إنه «سيُكشَف إذا كان ينشر صوراً لشواطئ أستراليا بانتظام». وتابعت: «مجرد أنهم ربما تجنبوا الرصد اليوم لا يعني أنهم سيتمكنون من تجنبه بعد أسبوع أو شهر، لأن المنصات يجب أن تعود وتتحقق بشكل روتيني من حسابات من هم دون 16 عاماً».

أما عن الأطفال الذي يعتمدون على مساعدة أقاربهم الأكبر سناً لتجاوز الحظر عبر «مسحات الوجه»، فقالت الوزيرة: «قد (...) يمنحك ذلك بعض الوقت الإضافي، إلا أن ذلك لا يعني أن هذه الحسابات لن تراك تتحدث مع أطفال آخرين في عمر 14 عاماً عن بطولة كرة القدم للناشئين في عطلة نهاية الأسبوع، أو عن عطلتك المدرسية المقبلة، أو عن معلم الصف العاشر العام القادم».

آراء متباينة

واين هولدسوورث، الذي تحوَّل إلى مدافع عن فرض قيود على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن انتحر ابنه ماك إثر تعرضه لابتزاز جنسي عبر الإنترنت، قال إن القانون الجديد مجرد بداية، وإنه يجب تثقيف الأطفال بشأن مخاطر الإنترنت قبل سن 16 عاماً. وقال خلال لقاء مع رئيس الوزراء الأسترالي وأهالي متضررين من هذه المنصات: «أطفالنا الذين فقدناهم لم يذهبوا هدراً، لأنهم اليوم ينظرون بفخر إلى ما قمنا به».

أثار القرار الأسترالي ردود فعل متباينة بين المستخدمين (أ.ف.ب)

من جهتها، قالت فلاوسي برودريب، البالغة 12 عاماً، للحضور إنها تأمل أن تحذو دول أخرى حذو أستراليا، وهو ما لمّحت إليه بالفعل نيوزيلندا وماليزيا. وأضافت: «هذا الحظر جريء وشجاع، وأعتقد أنه سيساعد أطفالاً مثلي على أن ينشأوا أكثر صحة وأماناً ولطفاً وارتباطاً بالعالم الحقيقي».

ولا يلقى هذا الحظر نفس الدعم لدى سيمون كليمنتس، التي قالت إنه سيشكل خسارة مالية لتوأميها البالغين 15 عاماً، كارلي وهايدن كليمنتس. فكارلي ممثلة وعارضة وراقصة ومغنية ومؤثرة، وشقيقها ممثل وعارض أزياء. وأوضحت: «أعلم أن وضعنا فريد، لأن أطفالنا يعملون في مجال الترفيه، ووسائل التواصل الاجتماعي مرتبطة تماماً بهذه الصناعة. لقد استخدمنا وسائل التواصل بطريقة إيجابية جداً، وهي منصة لعرض أعمالهم... كما أنها مصدر دخل لهما». وفي هذا الصدد، تقدّمت مجموعة تدافع عن الحق في استعمال الإنترنت أمام المحكمة العليا في أستراليا بطعن في القرار.

وانتقدت شركات التكنولوجيا العملاقة كـ«ميتا» و«يوتيوب» هذا القانون الذي سيحرمها أعداداً كبيرة من المستعملين. لكنّ معظمها وافقت مع ذلك على احترامه، مثل «ميتا» التي أفادت بأنها ستبدأ إغلاق حسابات مشتركيها البالغين أقل من 16 عاماً.