صنعاء تغرق بالمتسولين... وسخط شعبي من بذخ قيادات انقلابية

TT

صنعاء تغرق بالمتسولين... وسخط شعبي من بذخ قيادات انقلابية

خلفت سبع سنوات من انقلاب الميليشيات الحوثية مأساة إنسانية دمرت مقومات الحياة، وصار المتسولون يغرقون شوارع صنعاء، وعلى الجانب الآخر لاحظ سكان صنعاء نموا في السيارات التي يستقلها المسؤولون الحوثيون والمشرفون وأقاربهم، وهو ما يخلق وفق سكان تحدثت معهم «الشرق الأوسط» حالة من السخط التي تزداد كل يوم.
يقول طبيب يمني اكتفى بأول اسم له وهو محمد: «نعيش تناقضات الجوع والغنى الفاحش، ففي حين تغرق شوارع العاصمة بالمتسولين وأغلبهم من الأطفال والنساء، فإن أسعار العقارات ارتفعت بشكل غير مسبوق خلال هذه السنوات وظهرت قصور فخمة في شمال غربي المدينة وفي جنوبها، كما يتم كل فترة افتتاح مراكز تجارية جديدة كلفتها عالية جدا، وحين نسأل عن ملاكها نعرف أنها لأحد القادة أو المشرفين أو شركائهم من التجار الذين ظهروا حديثا».
أما عبد الله وهو صاحب متجر في شارع الزبيري وسط المدينة فيتحدث بسخرية، ويقول إن المتسولين أكثر بكثير من الزبائن، ويملأون التقاطعات وبالقرب من المطاعم وأبواب المحلات، مؤكدا أن التجار التقليديين أصبحوا غير قادرين على العمل بسبب الجبايات المضاعفة والقيود المتعددة التي تفرض عليهم، بخلاف المجموعة الطارئة من التجار الحوثيين الذين يتمتعون بامتيازات كبيرة، وصولا إلى المشاريع التي تمول من قبل المؤسسات الدولية حيث تكون من نصيب هذه المجموعة على حساب طبقة رجال الأعمال المعروفين الذين بدأوا بالتلاشي.
القصور الفخمة في جنوبي العاصمة وفي شمالها الغربي والمراكز التجارية في جنوبي المدينة، أصبح حديث السكان الذين يعانون من انعدام الوقود وغاز الطهي، ومن انقطاع الرواتب منذ خمسة أعوام، فيما يتنافس المشرفون الحوثيون على شراء المنازل الفاخرة، وأحدث السيارات.
ويقول أمين وهو معلم منقطعة رواتبه: «اضطررت للعمل في مجال البناء كي أنفق على أسرتي».
ورغم حديث الناس الواسع عن فساد ميليشيات الحوثي، إلا أن الانتقادات العلنية التي أطلقها عضو مجلس حكم الانقلاب سلطان السامعي، فتحت الباب أمام الناشطين لرصد الثراء الفاحش لقادة الميليشيات، حيث اتهم «لصاً من اللصوص الجدد يشتري فلتين بستة ملايين ومائتي ألف دولار مع أنه عامل نفسه ضد الفساد» متسائلا من أين له «هذا المبلغ الخيالي بعد أن كان حافي القدمين».
السامعي وهو أحد المخلصين للميليشيات ويخوض مواجهة مع القيادي أحمد حامد مدير رئيس مجلس حكم الانقلاب، كان تحدث عن تسخير هذا الرجل للأموال العامة لشراء الولاءات والناشطين لمهاجمة وقمع المعارضين لممارساتهم وفسادهم وقال «لا نعير الحملة التي مولها اللصوص الجدد بمبلغ 23 مليون ريال ضدنا من مال الشعب لأن نهايتهم ستكون إلى السجون».
ووفق ما ذكره ناشطون فإن القيادي محمد علي الحوثي اشترى أكبر فيلا في صنعاء تقع في حي المباحث خلف منطقة «جولة عمران» شمالي العاصمة، إلى جانب عمارة مكونة من سبعة طوابق في شارع عمان المتفرع من شارع الجزائر وسط صنعاء، حيث بلغت قيمتها مليار ريال يمني، إلى جانب قادة آخرين يواصلون شراء العقارات والأراضي بمبالغ خيالية (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
ويأتي هذا البذخ في وقت تظهر البيانات الأممية أن 80‎ في المائة من سكان البلاد يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات وأن خمسة ملايين منهم يعيشون أوضاعا شبيهة بالمجاعة.
وبحسب تقارير محلية فإن الميليشيات الحوثية ارتكبت 1400 انتهاك بحق أفراد ومؤسسات وعاملين ومديرين ومالكين من القطاع الخاص في صنعاء حيث تعرض 16 بنكاً للنهب والسطو والاعتداء، إلى جانب أكثر من 120 شركة صرافة، و95 شركة تجارية، و214 مولاً ومركزا تجاريا، و23 مستشفى، و11 جامعة ومعهدا، و120 مطعماً.
وأوردت التقارير معلومات عن تعرض أكثر من 383 محلاً صغيراً، و120 مخبزاً، و14 محطة كهرباء خاصة، و400 محل تجاري لعمليات نهب نفذها عناصر مسلحون يتبعون الميليشيات الحوثية، كما امتدت عمليات النهب إلى 117 مؤسسة، و250 عاملاً في المحال التجارية. إلى جانب فرض الجبايات على المطاعم والمقاهي والمخابز لتمويل «المجهود الحربي» والاحتفالات الطائفية، وكذا جباية الخُمس من أموال اليمنيين لمصلحة سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.