تستعد المفوضية الأوروبية للموافقة على تدبير تشريعي يمدد العمل حتى الصيف المقبل بشهادة «كورونا» الرقمية التي كانت استحدثتها من أجل تيسير تنقل المواطنين الأوروبيين داخل بلدان الاتحاد وعبر حدوده الداخلية، بدءاً من يوليو (تموز) الماضي.
وقال مصدر مسؤول إن هذه الوثيقة التي تُعطى لمن تناول الدورة الكاملة من اللقاح أو تعافى من المرض، والتي كان من المقرر أن ينتهي العمل بها صيف العام الجاري، سوف تمدد فترة استخدامها عاماً إضافياً لاعتبارها وسيلة مفيدة في الظروف الراهنة للجائحة. وأضاف المصدر أن التطورات الوبائية الجارية تستدعي، من باب الحذر، تمديد العمل ببعض التدابير الصحية التي يعود القرار النهائي بشأنها إلى البلدان الأعضاء في الاتحاد.
يذكر أن هذه الوثيقة الأوروبية، التي بدأت دول أخرى مثل الولايات المتحدة وكندا واليابان وأستراليا تدرس تبنيها، قرر الاتحاد اعتمادها أداة أساسية لاستراتيجية التطعيم وتنظيم التدابير الوقائية المفروضة على السفر، من الحجر الصحي إلى العزل والاختبارات قبل التنقل وبعده، التي كانت تفرضها الدول الأوروبية من غير أي تنسيق بينها. وكان الغرض منها أن يتمكن المواطن الأوروبي بوثيقة واحدة وموحدة بين الدول الأعضاء، من إبراز وضعه الصحي وعبور الحدود الداخلية. لكن رغم ذلك، حافظت الحكومات الأوروبية على صلاحية فرض القيود على المسافرين داخل الاتحاد، كما حصل مؤخراً مع الموجة الناجمة عن متحور «أوميكرون».
وتجدر الإشارة إلى أن تحديد صلاحية الشهادة الصحية لسنة واحدة كان بإصرار من البرلمان الأوروبي الذي اعتبر أن هذا التدبير الاستثنائي يمسّ حقوقاً أساسية وحساسة، مثل حرية التنقل والحياة الشخصية والعائلية وحماية سرية البيانات، التي يمكن أن يؤدي تقييدها أو انتهاكها إلى تعقيدات قانونية. وكانت هذه الشهادة خضعت لتعديل آخر اعتباراً من مطلع هذا الشهر، حيث أصبح تجديدها مشروطاً بتناول الجرعة المنشطة من اللقاح، وذلك بعد أن خفضت فترة صلاحيتها من عام واحد إلى تسعة أشهر. ويقول المسؤولون في المفوضية إن هذه الشهادة ساعدت على دفع حملات التلقيح، وإنه بعد مرور ستة أشهر فقط على اعتمادها كانت السلطات الصحية الأوروبية أصدرت ما يزيد على 800 مليون شهادة، وأن أكثر من 60 دولة قررت القبول بها كوثيقة صحية للسفر.
وفيما تواصل ألمانيا تحطيم المزيد من الأرقام القياسية بعدد الإصابات اليومية التي زادت، أمس (الأربعاء)، على 208 آلاف، بعد أن تجاوزت الإصابات التراكمية خلال أسبوع واحد 1227 إصابة لكل مائة ألف مواطن، قال وزير الصحة الألماني إن الحكومة تعتزم تخفيف القيود اعتباراً من منتصف الشهر المقبل، رغم التوقعات التي تشير إلى أن الإصابات اليومية قد تتجاوز عتبة النصف مليون أواسط هذا الشهر. وتتوقف الأوساط العلمية منذ أيام عند بعض الحالات «الغريبة»، كما وصفها أحد خبراء منظمة الصحة العالمية، التي رصدت في جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، وهي إصابات بكوفيد تعرض لها مرضى يعانون من الإيدز لم يتلقوا اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد. وقد بيّنت التحاليل الأولى لهذه الإصابات أن فيروس كورونا تمكن، بسبب من ضعف المناعة لدى المصابين، من التطور ليراكم 21 تحوراً، بعضها يحمل قدرة عالية على التهرب من الدفاعات المناعية المتوطنة.
ويحذر الخبراء من أن فيروس كوفيد ما زال قادراً على المفاجأة، ويذكّرون بأن متحور «أوميكرون» الذي يحمل أكثر من خمسين تحوراً وأصبح سائداً على الصعيد العالمي بعد شهرين من ظهوره، يتراجع أمام متحور فرعي أسرع سرياناً هو «BA.2». ويرجح البعض أن هذا ما دفع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إلى التنبيه، أول من أمس (الثلاثاء)، إلى أنه من السابق لأوانه إعلان نهاية جائحة «كوفيد – 19»، لا سيما أن عدد الوفيات الأسبوعية المؤكدة في العالم يتجاوز خمسين ألفاً منذ أربعة أشهر على التوالي.
ويقول الخبراء الذين يتابعون هذه الحالات «الغريبة» إن تدني مستويات التغطية اللقاحية في البلدان التي تسجل معدلات عالية من الإصابات بفيروس الإيدز (متلازمة نقص المناعة المكتسبة)، من شأنه أن يساعد على ظهور متحورات جديدة لفيروس «كوفيد – 19»، أسرع سرياناً وأشد فتكاً وقدرة على التهرب من المناعة اللقاحية. وكانت دراسة نشرت منتصف الشهر الماضي أفادت بأن 80 ألف مصاب بالإيدز في جنوب أفريقيا، تتوفر لديهم الشروط للتعرض لإصابات مزمنة بفيروس كورونا تساعد على تسريع وتيرة تطوره وتحوره.
ويشير العالم البيولوجي ألكس سيغال، الذي أشرف على هذه الدراسة، إلى أنه تابع حالة امرأة في العقد الثالث من عمرها ومصابة بالإيدز، تعرضت لإصابة بـ«كوفيد – 19» استمرت معها ستة أشهر، طور الفيروس خلالها مجموعة من التحورات القادرة على التهرب من الحماية المناعية.
وتقول الخبيرة الفيروسية المكسيكية، تيريزا كوتينيو، إن ظهور متحورات جديدة مثيرة للقلق من فيروس كورونا سوف يصبح «أمراً مألوفاً» في البلدان التي تسجل معدلات عالية من الإصابة بالإيدز.
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 25 مليون شخص في أفريقيا مصابون حالياً بمرض الإيدز، وأن بعض البلدان الأفريقية مثل بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية لا تتجاوز نسبة السكان الذين تلقوا اللقاح ضد «كوفيد – 19»، 0.5 في المائة، فيما بدأت بعض الدول الغربية بتوزيع الجرعات الرابعة من اللقاح على مواطنيها.
أوروبا لتخفيف قيود «كورونا» رغم موجة «أوميكرون»
علماء يحذّرون من تحور الفيروس لدى المصابين بـ«الإيدز»
أوروبا لتخفيف قيود «كورونا» رغم موجة «أوميكرون»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة