ساد ارتباك كبير في أسواق التعاملات النقدية، نتج عن تحول كبير في سعر الدولار في الأسواق الموازية، حيث ارتفع سعر صرف الليرة بصورة مفاجئة ومتدرجة بنحو 10 في المائة، وبفارق بلغ ظهرا ألفي ليرة عن المتوسط المعتمد على منصة البنك المركزي، بالتزامن مع استحقاق صرف الرواتب الشهرية لموظفي الإدارات العامة عبر ردهات المصارف.
وفيما تعاود الحكومة جلساتها اليوم (الأربعاء) لاستكمال مناقشة بنود مشروع قانون الموازنة العامة وسط توقعات بإقراره في نهاية الأسبوع وإحالته إلى المجلس النيابي، طغى المشهد النقدي المستجد على الاهتمامات العامة بالنظر إلى انقلاب الأدوار بين الأسواق الموازية ومصرف لبنان، مع تسجيل تحول إيجابي جديد تمثل بهبوط قوي لسعر صرف الدولار دون عتبة 20 ألف ليرة ضمن مسار النزول المستمر من مستوى 34 ألف ليرة في الشهر الماضي.
وشهدت المبادلات النقدية تطورات لافتة في فحواها ودلالاتها، حيث لوحظ أن سعر الدولار انحدر ظهرا إلى حدود 19.5 ألف ليرة لدى الصرافين وشركات تحويل الأموال، بينما اعتمدت البنوك سعر منصة «صيرفة» البالغ 21.5 ألف ليرة لصرف مستحقات الرواتب للقطاع العام وبدلات الحصص الشهرية للسحوبات الخاصة بالمودعين، والتي يتم تسليمها بالدولار النقدي عوضا عن الليرة التزاما بمندرجات التعميم رقم 161 الصادر عن البنك المركزي منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ووفق اتصالات أجرتها «الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين في البنك المركزي والبنوك فوجئوا بمنحى المبادلات في الأسواق الموازية، وظهور طلب كثيف على العملة الوطنية من دون إمكانية ربطه بحدث نقدي أو سياسي مستجد. وفي تحرك فوري أبلغ «مصرف لبنان» أن بإمكان المصارف التي تحتاج إلى سيولة نقدية بالليرة اللبنانية أن تحصل عليها مقابل بيع دولاراتها الورقية على سعر المنصة.
وجرت مشاورات عاجلة بين الطرفين سعياً إلى مواكبة تبدلات اتجاهات الأسواق وما رافقها من تحولات مفاجئة في سعر صرف الليرة. وذلك وسط تحسب من مضاربات عكسية يمكن أن تفضي إلى استعادة مشاهد الفوضى النقدية التي أوصلت سعر الدولار إلى مستويات قياسية لا تزال تلقي بتبعاتها على أسواق الاستهلاك، حيث شهد سعر الليرة تحسنا كبيرا تعدت نسبته 35 في المائة خلال الشهر الماضي، بينما لم يطرأ انخفاض مقابل سوى بنسب ضئيلة تراوحت بين 5 و15 في المائة في أسعار السلع والمواد، وبما يشمل المواد المحلية.
وبدا مثيرا في سياق هذه المعطيات، تسلم الأسواق الموازية لدفة قيادة تحسن سعر الليرة، بخلاف النمط المعتاد في العمليات اليومية للمبادلات النقدية، حيث إن سعر الدولار على منصة «صيرفة» كان يقل بما بين 5 و10 في المائة عن السعر الرائج في الأسواق الموازية، وهو ما حقق فارقا إيجابيا في بدلات تصريف الرواتب والسحوبات خلال الشهر السابق، حيث كان أصحاب الحقوق يتسلمون مستحقاتهم بالدولار النقدي من البنوك بسعر «صيرفة»، ويكفي أن يتوجهوا إلى أقرب صراف لإعادة تسييلها بالليرة والاستفادة من فارق التسعير بما يتراوح بين 100 و200 ألف ليرة لكل مائة دولار.
وشكل اعتكاف الكثير من الموظفين وأصحاب الحصص من المودعين عن صرف مستحقاتهم بسعر دولار المنصة المعتمد لدى البنوك، حافزاً إضافياً لمبادرة مرتقبة من البنك المركزي تفضي إلى التماهي مع منحى وفرة عرض الدولار وزيادة الطلب على الليرة، ولا سيما مع تسجيل تراجع ملموس في حجم التدخل اليومي من مخزون العملات الصعبة، وهو ما يحقق «التهدئة النقدية» سندا إلى التوازن في حركتي العرض والطلب على الدولار من خلال مرجعية التسعير عبر المنصة.
ووفق أحدث البيانات التي رصدتها «الشرق الأوسط»، فقد تدنى إجمالي احتياطي العملات لدى مصرف لبنان إلى نحو 12.3 مليار دولار مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي، ما يعكس إنفاق نحو 500 مليون دولار خلال الشهر الماضي، يعود جزء أساسي منها لضخ الدولار في الأسواق وكبح المضاربات ضد الليرة من خلال تعزيز دور المنصة كمرجعية رئيسية في تنفيذ المبادلات النقدية اليومية، وبالأخص لصالح المستوردين وشركات النفط.
تحسن عكسي لسعر الليرة اللبنانية يربك السحوبات وصرف الرواتب
تحسن عكسي لسعر الليرة اللبنانية يربك السحوبات وصرف الرواتب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة