واشنطن تحدد سقفاً زمنياً لنهاية المحادثات مع ايران

«أسابيع بعدد أصابع اليد الواحدة ومستعدون لكل الاحتمالات»

إحدى جلسات المحادثات النووية في فيينا (أرشيف - رويترز)
إحدى جلسات المحادثات النووية في فيينا (أرشيف - رويترز)
TT

واشنطن تحدد سقفاً زمنياً لنهاية المحادثات مع ايران

إحدى جلسات المحادثات النووية في فيينا (أرشيف - رويترز)
إحدى جلسات المحادثات النووية في فيينا (أرشيف - رويترز)

طالب مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية النظام الإيراني بأن يتخذ «قراراً سياسياً الآن» في شأن العودة المحتملة من كل من الولايات المتحدة وإيران إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. وإذ حض طهران على الموافقة على إجراء محادثات مباشرة لإنجاز اتفاق، أوضح أن واشنطن تعتقد أن الفسحة المتبقية من المفاوضات لا تتجاوز أسابيع بعدد أصابع اليد الواحدة.
وكان المسؤول الرفيع الذي كان يتحدث عبر الهاتف مع مجموعة من الصحافيين طالباً عدم نشر اسمه إذ عرض لمستجدات الجولة الثامنة من محادثات فيينا الهادفة لإعادة كل من الولايات المتحدة وإيران إلى «الامتثال التام» المتبادل للاتفاق النووي المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015. وقال إن «المحادثات باتت في المرحلة النهائية (…) ونحن ندخل في نهاية اللعبة» مع إيران، مؤكداً أن «هذا ليس تهديداً». وإذ عزا ذلك إلى التقدم الكبير والسريع الذي أحرزته إيران في تطوير برنامجها النووي، لفت إلى أن «هناك أسابيع بعدد أصابع اليد الواحدة» حتى تبقى الفوائد المرجوة من الخطة. ورأى أن «الوقت حان لاتخاذ قرار سياسي» من النظام الإيراني إذا كان يريد العودة إلى الامتثال المتبادل للاتفاق النووي. وإذ كرر أن «عليهم أن يتخذوا قراراً الآن» حيال ذلك، أوضح أن محادثات فيينا «من المحادثات الأكثر كثافة التي أجريناها حتى الآن» في شأن العودة إلى الصفقة التي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2018، واصفاً تلك الخطوة بأنها «خطأ كارثي». وأضاف: «أحرزنا تقدماً في تضييق قائمة الاختلافات إلى الأولويات الرئيسية فقط من جميع الأطراف»، ولذلك «هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ قرارات سياسية». وقال إنه «إذا كان هدفنا هو التوصل إلى تفاهم سريع، فإن الطريقة المثلى للقيام بذلك، في أي مفاوضات، هي أن تلتقي الأطراف التي لديها أكبر قدر من المخاطرة بشكل مباشر». وكرر: «نحن مستعدون للقاء إيران إذا كانوا مستعدين للقائنا».
ونبه إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن مستعدة لكل الاحتمالات، بما في ذلك أن تتخذ إيران قراراً بعدم العودة إلى الاتفاق النووي، مشدداً على أن هناك «فرصة جدية» للامتثال، لأن واشنطن أوضحت بالفعل ما كانت مستعدة للقيام به فيما يتعلق برفع العقوبات التي تتعارض مع الاتفاق النووي وأن الكرة كانت في ملعب طهران. وقال: «حان الوقت الآن... لكي تقرر إيران، ما إذا كانت مستعدة لاتخاذ تلك القرارات اللازمة للعودة المتبادلة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة»، مضيفاً: «نحن في المرحلة النهائية (…) بالنظر إلى وتيرة تقدم إيران، وتطوراتها النووية، لم يتبق لدينا سوى بضعة أسابيع للتوصل إلى اتفاق».
وكرر استعداد واشنطن للتواصل مع إيران من خلال المحادثات المباشرة، قائلا إن ذلك سيكون في مصلحة العملية إلى حد كبير نظرا للإطار الزمني المحدود. لكنه أضاف أنه لا توجد مؤشرات على قربهما من القيام بذلك. وقال: «لم نلتق مباشرة بعد»، علماً أنه «ليس لدينا ما يشير إلى أن هذا سيكون هو الحال عندما نعاود الاجتماع». وحذر من أن برنامج التخصيب الإيراني قريب جداً من إنتاج مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي. وأضاف أنه سيكون «من المؤسف للغاية» إذا لم يجر الجانبان محادثات مباشرة «نظراً لضيق الوقت المتبقي نظراً لمدى أهمية القرارات التي يتعين اتخاذها».
وفيما يتعلق بملف الأميركيين المحتجزين في إيران، تمنى المسؤول الأميركي الرفيع أن «يؤخذ أي خبر فيما يتعلق بالمحتجزين، من الإدارة نفسها وليس من الجانب الإيراني الذي يحاول إعطاء آمال ربما لا تكون صحيحة» حول مصير هؤلاء.
 



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.