محافظ الأنبار لـ {الشرق الأوسط}: قواتنا الأمنية تسيطر على الرمادي

النازحون يعودون إلى المدينة في ظل غياب الخدمات

عودة الحياة تدريجيًا لمركز مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)
عودة الحياة تدريجيًا لمركز مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

محافظ الأنبار لـ {الشرق الأوسط}: قواتنا الأمنية تسيطر على الرمادي

عودة الحياة تدريجيًا لمركز مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)
عودة الحياة تدريجيًا لمركز مدينة الرمادي أمس («الشرق الأوسط»)

عادت الحياة في معظم المناطق داخل مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، إلى وضعها الطبيعي بعد أن تمكنت القوات الأمنية العراقية، وبجهد كبير لطيران التحالف الدولي، من انتزاع المدينة من فك مسلحي تنظيم داعش.
المشهد هنا داخل الرمادي يبدو في طريقه إلى حالة الاستقرار الأمني التام، خصوصًا مع عودة الأهالي بشكل ملحوظ رغم أن المدينة تعاني من انعدام تام في الخدمات، خصوصًا بعد الأحداث الأمنية الأخيرة ومخلفات المعارك التي دارت وسط المدينة وبين أحيائها السكنية.
محافظ الأنبار، صهيب الراوي، قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «بعد استعادة السيطرة على معظم المناطق التي سيطر عليها مسلحي تنظيم داعش في الأسبوع الماضي، فإن قواتنا الآن تشن سلسلة من الهجمات ومن كل المحاور انطلاقًا من وسط مدينة الرمادي وباتجاه محيطها من المحاور الشرقية والشمالية والغربية للمدينة».
وأضاف الراوي أن «قوات من الجيش والشرطة، وبقية صنوف الأجهزة الأمنية، وبمساندة مقاتلي العشائر، وبغطاء جوي من قبل طائرات التحالف الدولي نفذت حملة أمنية استباقية في منطقة الحوز القريبة من المجمع الحكومي، تمكنت من خلالها استعادة السيطرة وتطهير شارع النهر الاستراتيجي الذي يعد نقطة ارتكاز لمسلحي تنظيم داعش في تنفيذ هجماتهم الإرهابية على المجمع الحكومي والأحياء السكنية وسط المدينة».
وقال الراوي إن «استعادة السيطرة على تلك المناطق ستكون نقطة انطلاق لتحرير مناطق مدينة الرمادي كاملة وإلى المضي إلى تحرير كل مدن المحافظة من سيطرة داعش».
يذكر أن كثيرا من الأحياء السكنية داخل مدينة الرمادي تمت استعادة السيطرة عليها وعودة الأهالي الذين نزحوا منها نتيجة دخول المسلحين، ومن هذه المناطق منطقة حي الأندلس وحي الشركة وحي الجمعية ومنطقة الكطانة وبعض المناطق الأخرى وسط المدينة.
وقال قائمّقام مدينة الرمادي، دلف الكبيسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أكثر من 4 عائلة من أهالي مدينة الرمادي، عادت إلى مناطقها السكنية بعد أن تمكنت قواتنا الأمنية من طرد مسلحي داعش وتطهير الأحياء السكنية من المسلحين».
وأضاف الكبيسي: «شكلنا لجانا أمنية وبالتعاون مع مديرية شرطة الرمادي من أجل عودة الأهالي، كلٌ حسب منطقته، وبتدقيق أمني حسب إحصائية المعلومات المتوفرة لدينا في نظام بطاقة السكن، هذا الأمر الذي منع دخول الغرباء إلى الأحياء المحررة من سيطرة مسلحي داعش، وإن هذا الإجراء ساهم في الاستقرار الأمني الذي تشهدها المناطق الآن، حيث أقيم بالأمس كثير من حفلات الزفاف في مناطق سكنية مختلفة، وهذا دليل علة الاستقرار الأمني التي يعيشها أهالي مدينة الرمادي».
وأشار الكبيسي إلى الواقع الخدمي للمدينة بالقول: «مدينة الرمادي تشكو من نقص هائل في الخدمات الأساسية التي يطلبها المواطن فهناك انقطاع مستمر للتيار الكهربائي وشحة في الوقود الذي من شأنه أن يعيد الطاقة الكهربائية عبر المولدات الأهلية المنتشرة بين الأحياء السكنية، كما أن هناك إهمالا وتقصيرا واضحا في دوائر البلدية والمجاري وبعض الدوائر الخدمية الأخرى التي لم يلتحق موظفوها بالعمل لحد الآن، رغم الاستقرار الأمني، مما شوه منظر المدينة التي تتراكم فيها النفايات هنا وهناك».
من جانب آخر، تواصل قيادة عمليات الأنبار سلسلة هجماتها في طرد مسلحي تنظيم داعش من مدينة الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار، وأكد مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار لـ«الشرق الأوسط»، أن القوات العراقية المشتركة تحرز تقدمًا كبيرا في الحملة الأمنية التي تشهدها منطقة الحوز»، مبينا أن «طيران الجيش والتحالف الدولي تمكن من قتل كثير من عناصر التنظيم وقطع إمداداته».
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «العملية شهدت أيضا تفكيك أكثر من 50 عبوة ناسفة، إضافة إلى البراميل المفخخة التي زرعت داخل مسجد الحسن وسط الرمادي مع ضبط مخبأ كبير للأسلحة والصواريخ والرمانات اليدوية في منطقة الحوز وسط الرمادي».
وأوضح المصدر أن «معارك التطهير مستمرة بغطاء جوي من طيران التحالف الذي يقصف مواقع التنظيم ويقطع خطوط تمويلهم في مناطق الرمادي ومحيطها الشمالي والجنوبي»، مبينًا أن «قوات الجيش والشرطة مستمرة في عملية تطهير مناطق الرمادي ومسك الأرض».
من جهته، كشف صباح كرحوت، رئيس مجلس محافظة الأنبار، أمسن أن المئات من عناصر تنظيم (داعش) يصلون إلى الرمادي بشكل يومي للمشاركة في العمليات المسلحة ضد القوات العراقية ورجال العشائر.
وقال كرحوت في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، إن «المئات من (داعش) يصلون بشكل يومي من أجل المشاركة في تعزيز عناصرهم بمناطق الرمادي وتنفيذ عملياتهم الإرهابية ضد المدنيين والقوات الأمنية، وإن هؤلاء يصلون من مدينة الرقة السورية والمناطق الغربية من الأنبار».
وأضاف: «هناك إسناد يومي من أسلحة متطورة ومؤن متنوعة وذخيرة تفوق الأسلحة التي يمتلكها الجيش العراقي تصل إلى الإرهابيين وعلى القوات العسكرية قطع خطوط إمداد التنظيم الإرهابي للحيلولة دون إسناد عناصره في الرمادي من الأسلحة والعناصر الإرهابية بغية الإسراع في تحريرها من (داعش) وضمان عودة النازحين إلى ديارهم».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.