الراعي ينتقد موقف لبنان حول سلاح «حزب الله»: لا يحق للمسؤولين تبرير تعدديته

«الإفتاء الشيعي» تعلن التمسك به

الراعي مستقبلاً الخازن أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي مستقبلاً الخازن أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي ينتقد موقف لبنان حول سلاح «حزب الله»: لا يحق للمسؤولين تبرير تعدديته

الراعي مستقبلاً الخازن أمس (الوكالة الوطنية)
الراعي مستقبلاً الخازن أمس (الوكالة الوطنية)

انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، موقف السلطة اللبنانية حيال مسألة سلاح «حزب الله»، مؤكداً أنه «لا يحق للمسؤولين أن يبرروا تعددية السلاح»، في مقابل إعلان «دار الإفتاء الشيعي» أن «خيار الشيعة يبدأ وينتهي بالمقاومة».
وأثار موقف الدولة اللبنانية في الإجابة عن المبادرة التي حملها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح حول تجنب مناقشة مسألة سلاح «حزب الله»، أو البحث في أي خطوات نحو تنفيذ القرار الدولي رقم «1559» القاضي بنزع سلاح «الحزب»، انقساماً لبنانياً جديداً.
وقال الراعي في عظة الأحد: «من غير المسموح أن يتذرع البعض بالواقع المستجد ويروج لإرجاء الانتخابات النيابية»، مشدداً على أنه «من واجب الدولة اتخاذ القرارات الجريئة والصحيحة، والتجاوب فعلياً مع كل مسعى حميد لانتشال البلاد من الانهيار ووضعها على مسار الإنقاذ الحقيقي».
وأضاف: «لا يحق للمسؤولين فيها تحت ألف ذريعة وذريعة أن يرفضوا الأيادي الممدودة لمساعدتها، وأن يحجبوا الحقائق ويموهوا الوقائع ويغطوا تعددية السلاح ويبرروا التجاوزات والممارسات، ويتنصلوا من إعطاء أجوبة على المواضيع الأساسية». وتابع: «لأن الدولة اللبنانية عاجزة اليوم عن الاتفاق على موقف موحد حيال ما يقدم إليها من اقتراحات ومبادرات، اقترحنا مؤتمراً دولياً برعاية الأمم المتحدة يضع آلية تنفيذية للقرارات الدولية، بحيث لا يظل تنفيذ جميع مندرجات هذه القرارات على عاتق الدولة اللبنانية المنقسمة والضعيفة». وقال إن «الذين أصدروا هذه القرارات في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، معنيون أيضاً بمصيرها والسهر على تنفيذها، وهم الأعلم بواقع لبنان وهشاشة أمنه وسلمه وتركيبته».
وأمل الراعي بأن تفرز الانتخابات النيابية المقبلة في مايو (أيار) المقبل «نواباً أحراراً يتحلون بروح الحوار ومؤمنين به»، داعياً اللبنانيين جميعاً إلى المشاركة فيها. وقال إن الانتخابات «هي استحقاق ديمقراطي لتعزيز النظام، ولممارسة حق الشعب في التعبير عن رأيه وفي المساءلة والمحاسبة، وهي هذه المرة مناسبة لاختيار وجهة لبنان المقبلة»، موضحاً أن «المجلس النيابي المنتخب هو من سينتخب رئيس الجمهورية الجديد، ومن سيشرع الإصلاحات، ومن سيشارك في حوار وطني ينعقد بعد انبثاق السلطة الجديدة برعاية دولية».
ونظراً لأهمية هذا الاستحقاق النيابي، قال الراعي: «يجب علينا جميعاً أن نواجه محاولات الالتفاف عليه، وأن نعالج معاً بروح ميثاقية ووطنية أي طارئ يمكن أن يؤثر عليه وعلى الأمل بالتغيير وعلى انتظام (اتفاق الطائف)»، مضيفاً: «هذا مطلوب بنوع أخص من القوى المناضلة، الرافضة للأمر الواقع والهيمنة والانحياز والإساءة إلى الدول الشقيقة والصديقة، والمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية».
وآثار موقف الراعي من مسألة تعددية السلاح، رداً من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي أكد إصرار الشيعة على موقفهم تجاه سلاح «حزب الله». وقال في احتفال تأبيني إن «خيار الشيعة وكل وطني حر يبدأ وينتهي بالمقاومة»، مضيفاً: «إننا سنخوض معارك لبنان الانتخابية والسياسية بنفس وطني مقاوم على قاعدة لبنان الحر السيد، لبنان العيش المشترك، لبنان المسيحي والمسلم؛ لأن المسيحية والإسلام عقيدة فخر الأنبياء بعيداً من سم البغاة الأدعياء الذين عاشوا على الدم والمذابح والتقسيم، وموعد لبنان الانتخابي السياسي قريب».
وإثر الجدل الذي أثاره موقف الراعي، دعا عميد المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن بعد لقائه البطريرك الماروني، أمس، إلى «عدم تحميل البطريرك أكثر مما يجب أن يحمل، بعد الكلام الذي ورد في عظته حول مقولة الحياد وموضوع سلاح (حزب الله)، خصوصاً في ظل التجاذب الإقليمي والدولي في المنطقة».
وقال الخازن إن «لبنان هو أحوج ما يكون إلى دعم من جميع المكونات اللبنانية، فضلاً عن إخوانه العرب جميعاً، والعواصم الدولية التي بإمكانها أن تنقذه من غرقه حتى الخناق»، وشدد على أن «خلاص لبنان لا يكون إلا بتحرك (بكركي)، رافعة شعار الحياد المنقذ باعتبارها صخرة الخلاص»، مشيراً إلى أن «لبنان محكوم بالتوافق بين الجميع في نهاية الأمر».
وتراوحت الانتقادات للموقف الرسمي اللبناني حول أمرين؛ أولهما تحضير الرد عبر رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ثانيهما مضمونه. وأوضح الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان حول تجاهل مجلس الوزراء أن «المشكلة في الإجابة على الرسالة العربية الخليجية ليست في الصلاحيات؛ فالمادة (52) من الدستور واضحة وتنص على تولي رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة المفاوضة لعقد المعاهدات الدولية… والإجابات المطلوبة هي أقل من معاهدة كما أنها تحت سقف البيان الوزاري».
وأضاف: «أما في المشكلة الأساس أن دول العالم والعرب والخليج لا ينحصر همهم بالصلاحيات، بل يطالبون لبنان بالإيفاء بالتزاماته التي توصل إليها في (حوار 2012) والذي جرى بمواكبة الجامعة العربية وتبنت نتائجه الأمم المتحدة»، في إشارة إلى إعلان سياسة «النأي بالنفس» عن أحداث المنطقة. وذكر المعنيين بأن «أبرز هذه النتائج هي تحييد لبنان وضبط الحدود مع سوريا ومناقشة استراتيجية دفاعية والتي أصبحت اليوم تختصر بجدول زمني للتخلي عن السلاح خارج الشرعية».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.