تقرير الخبراء الأمميين يعزز الدعوات لتصنيف الحوثيين على لائحة الإرهاب

تدمير طائرة بدون طيار «مفخخة» أطلقتها ميليشيات الحوثي من الأراضي اليمنية (أرشيفية)
تدمير طائرة بدون طيار «مفخخة» أطلقتها ميليشيات الحوثي من الأراضي اليمنية (أرشيفية)
TT

تقرير الخبراء الأمميين يعزز الدعوات لتصنيف الحوثيين على لائحة الإرهاب

تدمير طائرة بدون طيار «مفخخة» أطلقتها ميليشيات الحوثي من الأراضي اليمنية (أرشيفية)
تدمير طائرة بدون طيار «مفخخة» أطلقتها ميليشيات الحوثي من الأراضي اليمنية (أرشيفية)

عزز التقرير الأحدث لفريق الخبراء الأمميين التابعين لمجلس الأمن الدولي، بالنظر إلى ما أورده في أثنائه، الدعوات اليمنية والعربية لتصنيف الميليشيات الحوثية على لوائح الإرهاب العالمي، بخاصة في ظل تأكيده استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية المهرَّبة إلى الجماعة، إضافةً إلى تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين وتنامي قدرة الجماعة على تهديد الملاحة في البحر الأحمر، وعدم رغبة قادتها في الانخراط في أي مساعٍ للسلام.
ويرى الكثير من المراقبين اليمنيين أن التقرير الأحدث للفريق الأممي وإن شابه بعض القصور أو تخلله بعض المزاعم إلا أنه يفتح الباب أمام المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي للبناء عليه من أجل اتخاذ تدابير رادعة للسلوك الإرهابي للميليشيات الحوثية، التي واصلت -وفق التقرير- تجريف الهوية المجتمعية لليمنيين إلى جانب قيامها بشحن أدمغة الأطفال بأفكارها المتطرفة والعدائية والزج بهم للقتال.
أكثر موضوعية
في هذا السياق، يرى الباحث السياسي والأكاديمي اليمني الدكتور فارس البيل، أن التقرير جاء هذه المرة «أكثر موضوعية من تقارير سابقة بعد انتقادات كثيرة لأداء ولغة الفريق الأممي».
ويتابع البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أياً يكن مدى موضوعية التقرير أو محاولته الإمساك بالعصا من المنتصف فإنه يعد وثيقة جنائية تُدين ميليشيا الحوثي بشكل تام، ويعد وثيقة تاريخية لإجرام هذه الميليشيا، كما أن التقرير من جهة أخرى يُدين تقاعس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إزاء التخلي عن مسؤوليتهم لإيقاف انتهاكات الميليشيات أو الحد منها أو اتخاذ التدابير والعقوبات المناسبة بحق من أجل سلامة المجتمع اليمني».
وينتقد الدكتور البيل عدم التعاطي مع مثل هذه التقارير «إذ لا يمكن أن تظل هذه التقارير تتردد على مسامع هيئات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بكل ما تسجله من وحشية ومعاناة كثيفة ولا تتحرك هذه الجهات لإيقاف هذا النزيف الهائل للحياة في اليمن»، حسب تعبيره.
ويعتقد البيل أن ما في التقرير يعدّ «إدانة كاملة للنظام الإيراني بوصفه يخالف كل قرارات الأمم المتحدة بوقف تسليح الحوثي أو الاستمرار في دعم زعزعة أمن اليمن واستقراره وجرّه إلى مربعات الاحتراب الدائم والتفكك والانهيار الشامل».
ولذلك –والحديث للبيل- «فإن عدم اتخاذ خطوات عملية عاجلة وملموسة من مجلس الأمن إزاء طهران والحوثي، يعني حالة من العجز الأممي واختلالاً في معايير الإنسانية والعدالة الدولية، فكيف يتحدث هذا المجتمع عن سلام في اليمن ولا يتخذ عقوبات ضد من يعيق جهوده للسلام أو على الأقل لا يتحدث عنه بوضوح».
ويرى الباحث السياسي اليمني أن «على الأمم المتحدة أن تدرك أن أولى خطوات السلام هي الوضوح ووضع كل خطيئة أمام الشمس، أما التستر على الجريمة فهو أولى خطوات عرقلة السلام وخذلان اليمنيين». مشيراً إلى أنه يجب بعد التقرير «على الأقل الإسراع بتصنيف الميليشيات جماعة إرهابية، حيث ثبت إرهابها العابر للحدود بهذه الضخامة والفجاجة».
كشف انتهاكات الحوثيين
من جهته يرى الكاتب والصحافي اليمني وضاح الجليل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التقرير الأممي الجديد «لم يأتِ بالكثير من الأشياء الجديدة أو غير المتوقعة، لكنّ الملاحَظ أن فريق خبراء الأمم المتحدة بات أكثر مصداقية ومنطقية في كشف انتهاكات وجرائم الحوثيين بحق اليمنيين، والتركيز على ممارساتهم التي أدت وتؤدي إلى تعميق المأساة الإنسانية في اليمن، وتدمير البلد ومؤسساته، وتوسعة الشرخ الاجتماعي، وخلق المزيد من أسباب الانقسام والصراع، وعزل المجتمع عن المحيط الإقليمي وعن العالم».
ويتابع الجليل: «هذا التقرير يشير بصراحة أكثر من سابقيه إلى الانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون بحق اليمنيين، وسعيهم إلى تلغيم المستقبل من خلال تزييف وعي الأطفال والناشئة، وتحويلهم إلى تابعين ومقاتلين لصالح المشروع الحوثي الطائفي، ومعاقبة أفراد المجتمع وفئاته في حال رفض هذه الممارسات أو مناهضتها، وتسخير المساعدات الإنسانية لدعم هذا السلوك، وإجبار المنظمات والهيئات الإغاثية على تجيير أنشطتها ومساهماتها في خدمة مخططات الميليشيات ومشروعها».
أما على صعيد تهريب الأسلحة والمعدات إلى الحوثيين؛ يقول الجليل: «وجدنا التقرير أكثر جرأة أيضاً في الإشارة إلى إيران والدول المتعاونة معها، وتحميلها المسؤولية عن هذا الانتهاك الصارخ لقرارات الشرعية الدولية، وتحدي المجتمع الدولي وتجاوز كل الاعتبارات، وتمكين جماعة عصبية طائفية من أسلحة نوعية لاستخدامها في أعمال عدائية ضد المدنيين والمنشآت الحيوية والأعيان المدنية محلياً وفي دول الجوار والبحر الأحمر، وهي ما يمكن وصفها بالعمليات الإرهابية التي تتهدد الأمن والسلام الدوليين».
ويشدد الجليل على أنه «ينبغي ألا يتوقف المجتمع الدولي عند قراءة التقرير فقط وإصدار بعض التصريحات أو الإدانات، لأن الحوثيين ومن خلفهم إيران والدول المتعاونة معها في دعم الحوثيين لن تتوقف بسبب إدانات عابرة». ويضيف: «يبدو ملحّاً هنا الوقوف بحزم أمام هذه الأعمال، والتوجه إلى إجراءات عملية جادة وصارمة، وأن يبدأ ذلك بعقوبات قاسية ورادعة».
دليل إضافي
الباحث السياسي والصحافي اليمني محمود الطاهر، يرى في التقرير دليلاً إضافياً وجدّياً على إرهاب الميليشيات الحوثية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من أنه لم يشمل جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الجماعة الحوثية، لكنني أؤكد أنه دليل إضافي ومهم، إلى جانب بياني الأمم المتحدة الأخير والجامعة العربية، اللذين وصفا الأعمال الحوثية بالإرهابية».
وينتقد الطاهر توصية التقرير بمعاقبة بعض الشخصيات من الميليشيات الحوثية فقط، ويقول: «الخبراء الأمميون لا يزالون يعتقدون أن ما يجري في اليمن صراع سياسي على الكرسي، في تجاهل واضح لحقيقة ما يجري في اليمن، حيث إن هناك جماعة إرهابية استولت على السلطة بالقوة، وتمارس إرهابها وتفرض أفكارها بالقوة المميتة».
ويقترح الطاهر أن يتم البناء على التقرير الأممي لاتخاذ خطوات دولية رادعة، سواء على صعيد وقف الانتهاكات الحوثية أو معاقبة إيران بسبب تهريب الأسلحة التي خالفت القرارات الأممية، لكنه يرى «أن الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي بشكل عام، يسعى للتهدئة مع إيران، ويتماهى مع دورها التخريبي في اليمن».
كما يشير الطاهر إلى أهمية «القرار العربي، ودوره الدبلوماسي في الضغط على المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن ومطالبته بالضغط على إيران والحوثيين بإنهاء الحرب في اليمن، من خلال الإجراءات التي تقوم بها الدول وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب».
كما لم يغفل عمّا يتعلق بالدور المطلوب من الحكومة اليمنية، إذ يقول: «لا بد أن نجد هناك حراكاً من الحكومة اليمنية بمختلف مؤسساتها، للتعريف بالخطر الإرهابي الحوثي، واستخدام تقرير فريق الخبراء دليلاً على أن الحوثي جماعة إرهابية».



الجيش الأميركي يدمر 3 مسيّرات حوثية ومركبة دعم

مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي يدمر 3 مسيّرات حوثية ومركبة دعم

مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لهاجمة أهداف حوثية (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن الجيش الأميركي تدمير 3 طائرات حوثية من دون طيار ومركبة دعم في مناطق يمنية تُسيطر عليها الجماعة المدعومة من إيران، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن لحماية السفن من الهجمات المستمرة للشهر العاشر في البحر الأحمر وخليج عدن.

الضربات الأميركية ضد قدرات الحوثيين تزامنت مع استمرار الجهود التي تدعمها قوة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر (أسبيدس) من أجل إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون»، وقَطْرها إلى مكان آمن لتجنب كارثة بيئية غير مسبوقة عالمياً في حال انفجارها أو غرقها في البحر الأحمر.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، السبت، أن قواتها نجحت خلال الـ24 ساعة الماضية، في تدمير 3 طائرات مسيرة ومركبة دعم في المناطق التي يُسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

وطبقاً للبيان، تبيّن أن هذه الأنظمة الحوثية تُشكل تهديداً وشيكاً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه قد جرى اتخاذ هذه الإجراءات (تدمير الأهداف) لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

ولم تُشر الجماعة الحوثية إلى تلقي أي ضربات غربية في اليومين الأخيرين، كما لم تتبنَّ أي هجوم جديد ضد السفن في البحر الأحمر، منذ الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي؛ إذ كانت قد هاجمت في ذلك التاريخ ناقلة نفط تحمل علم بنما من دون التسبب في أضرار كبيرة.

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

مسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في شن هجماتها ضد السفن (رويترز)

وأطلقت واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمّته «تحالف حارس الازدهار» لحماية الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين الذين يزعمون مناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 620 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت في مجملها إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ومن بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بعدد من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

إنقاذ «سونيون»

في آخر تحديث بخصوص عملية إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون»، نشرت المهمة الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس)، السبت، صوراً جديدة للناقلة التي تشتعل الحرائق على متنها بسبب هجمات الحوثيين، إلى جانب صور لأصولها العسكرية وسفينتي القطر اللتيين سوف تستخدمان في الإنقاذ.

استمرار الحرائق على سطح ناقلة النفط «سونيون» الجانحة في البحر الأحمر (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

وقالت المهمة الأوروبية في بيان: «إن عملية إنقاذ السفينة (سونيون) ضرورية لتجنب كارثة بيئية محتملة في المنطقة. ولتحقيق هذه الغاية، يعمل عدد من الجهات الفاعلة العامة والخاصة معاً».

وأضافت أن أصول المهمة «أسبيدس» شاركت بنشاط في هذا المسعى المعقد، من خلال خلق بيئة آمنة، وهو أمر ضروري للقاطرات لإجراء عملية السحب.

ومن خلال تفويضها الدفاعي، أكدت «أسبيدس» أنها تعمل على حماية السلع المشتركة العالمية، بما في ذلك البيئة وسبل عيش أولئك الذين يعيشون حول البحر الأحمر.

وكان الحوثيون المدعومون من إيران قد شنّوا سلسلة هجمات على الناقلة في 21 أغسطس (آب) الماضي، ما أدى إلى توقف محركها وجنوحها في البحر الأحمر بين اليمن وإريتريا، قبل أن تتدخل فرقاطة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية، وتقوم بإجلاء الطاقم المكون من 29 شخصاً إلى جيبوتي، وفق بيانات السلطات الجيبوتية.

سفن أوروبية ترافق قاطرات لإنقاذ الناقلة «سونيون» بعد تعرضها لهجمات الحوثيين (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

ولم يكتفِ الحوثيون بهذه الهجمات؛ حيث قاموا في اليوم التالي لإجلاء الطاقم، بالصعود على متن الناقلة التي تحمل مليون برميل من النفط الخام، وتفخيخ سطحها وتفجيرها، ما أدى إلى اشتعال الحرائق في نحو 5 مواضع على الأقل.

ومع تصاعد المخاوف من حدوث أكبر كارثة بيئية محتملة في العالم في حالة انفجار الناقلة «سونيون» أو غرقها في البحر الأحمر، كانت الجماعة الحوثية قد وافقت على السماح بمحاولة إنقاذ السفينة، بعد أن تلقت ضوءاً أخضر من إيران، بناءً على مطالب أوروبية.

ومنذ ذلك الحين لم تتمكن الشركة التي تتولى عملية الإنقاذ من تنفيذ المهمة، قبل أن يعود الحديث مجدداً عن محاولة جديدة ستبدأ قريباً لقطر الناقلة إلى مكان آمن.

وأعلن خفر السواحل في اليونان في وقت سابق أنه من المقرر البدء قريباً بقطر ناقلة «سونيون» التي تحمل أكثر من مليون برميل نفط.