قاض عراقي يفند «الثلث المعطل» في البرلمان

«الإطار التنسيقي» لوّح بها لإفشال جلسة اختيار رئيس الجمهورية

TT

قاض عراقي يفند «الثلث المعطل» في البرلمان

فند القاضي رحيم العكيلي نظرية «الثلث المعطل» التي يروج لها هذه الأيام قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي، وتستند النظرية الجديدة على فكرة عدم إمكانية عقد جلسة مجلس النواب للتصويت على منصب رئيس الجمهورية، في حال لم يكتمل نصاب الثلثين (220 من أصل 329 نائباً)، باعتبار أن جولة التصويت الأولى لاختيار الرئيس من بين 26 مرشحاً للمنصب تقتضي حصول الفائز على ثلثي الأصوات.
ويعتقد العكيلي، وهو قاضٍ سابق في هيئة النزاهة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذا النوع من النظريات بمثابة القول: «أما أن العب أو أن أخرب الملعب»، بمعنى أن الأقلية السياسية الخاسرة يمكن أن تستأثر بالقرار البرلماني، وتعطل عمله وتوقيتاته الدستورية، وضمنها انتخاب الرئيس أولاً (بعد شهر من انعقاد الجلسة الأولى)، وثانياً اختيار رئيس الوزراء الذي تسميه الكتلة الأكبر وحكومته.
وابتكرت قوى «إلإطار التنسيقي» مؤخراً مفهوم «الثلث المعطل»، الذي لم يكن معروفاً في الدورات النيابية الأربع الماضية، في إطار سلسلة تحركات وإجراءات قامت بها منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لفرض نفسها كقوى مشاركة في الحكومة المقبلة، في مقابل إصرار مقتدى الصدر، زعيم «الكتلة الصدرية» الفائزة بأكبر عدد من المقاعد (73 مقعداً)، على تشكيل الحكومة، وإقصاء «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، الذي يمثل رأس حربة قوى «الإطار». وكانت قوى «الإطار» ذهبت أولاً إلى خيار المظاهرات والاحتجاجات والمطالبة بإلغاء نتائج الانتخابات، ثم ذهبت إلى خيار الطعن بالنتائج أمام المحكمة الاتحادية، وأخيراً تجرب حظها مع خيار «الثلث المعطل» بعد أن باءت جميع محاولاتها السابقة بالفشل.
وتستند فكرة «الثلث المعطل» على أن جماعة الإطار يمكن أن ينجحوا في الحصول على أصوات 120 نائباً، يمثلون أكثر من ثلث أعضاء البرلمان، وبالتالي يمكنهم ذلك من الإخلال بنصاب جلسة اختيار رئيس الجمهورية (أغلبية الثلثين)، وعرقلة انتخابه في حال لم يشتركوا في الحكومة.
لكن القاضي العكيلي يرى خلاف ذلك، ولا يجد مبرراً دستورياً للاعتقاد بحضور ثلثي أعضاء البرلمان لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس، ويورد مجموعة نقاط لتفنيد وجهة النظر هذه، وضمنها أن «نصاب الانعقاد حددته المادة 59 أولاً من الدستور بالأغلبية المطلقة (165)، ولم يرد أي نص يستثني منه، أو يتطلب أغلبية أخرى، والأصل عدم جواز الاستثناء من قاعدة دستورية مطردة عامة، إلا بنص دستوري آخر، ولا يوجد نص دستوري يتطلب الثلثين للانعقاد لا في انتخاب الرئيس ولا في غيره».
ويضيف أن «الثلثين في انتخاب الرئيس هي نتيجة محتملة للعملية الانتخابية، وليس شرطاً إجرائياً إلزامياً، والقول إن الثلثين شرط للانعقاد يحولها من نتيجة محتملة إلى شرط إجرائي إلزامي، من دون نص في الدستور؛ فليس لنا من تلقاء أنفسنا أن نحول نتيجة محتملة ينص عليها الدستور إلى متطلب إلزامي مسبق». ويتابع أن «حصول أحد المرشحين للرئاسة على الثلثين ليس شرطاً إلزامياً، بدليل أن الدستور استبدل ذلك بالجولة التصويتية الثانية، إذا لم يحصل أي مرشح على أغلبية الثلثين في الجولة الأولى، ومعنى ذلك أن الدستور حينما وضع بديلاً له، قطع بأنه نتيجة محتملة للانتخاب، وليس متطلباً إجرائياً إلزامياً». ويرى العكيلي أن «القول بوجوب الثلثين لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس هدفها تمكين الأقلية السياسية في مجلس النواب من تعطيل انعقاد جلسة انتخاب الرئيس من خلال كسر النصاب والامتناع عن حضور الجلسة».
ويشير إلى أن أفكاراً وطروحات من هذا النوع ستؤدي حتماً إلى «تمكين الأقلية السياسية من تعطيل انعقاد جلسة انتخاب الرئيس والإخلال بالمواعيد الدستورية التي توجب انتخاب الرئيس خلال ثلاثين يوماً بعد الجلسة الأولى للبرلمان، ويؤدي كسر النصاب أيضاً إلى تعطيل عمل مجلس النواب وتعطيل تشكيل الحكومة، حتى يتم إرضاء الأقلية السياسية، وفرض إرادة الجزء الأقل في المجلس على القسم الأكبر منه».
ويحاجج العكيلي بأن «أغلبية الثلثين كشرط إلزامي مسبق لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس، تعني فتح المجال للعودة إلى المحاصصة وحكومات التوافق التي رفضها الشعب، من خلال فرض إرادة الأقلية السياسية على الأكثرية في البرلمان». ويعتقد أنه «ليس من الديمقراطية بشيء إرغام الشريك السياسي على القبول بمطالبك من خلال تعطيل العملية الدستورية بكسر النصاب والغياب عن جلسة انتخاب الرئيس. الديمقراطية هي أن تحضر وتمارس انتخاب الرئيس وفق قواعد اللعبة الديمقراطية».
وخلص العكيلي إلى القول إن «تفسير الدستور ينبغي أن يلاحظ اعتماد مبادئ الديمقراطية في نتائج تفسيره وإلا فإنه يعد انحرافاً في تفسيره».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.