ينتظرنا الكثير في عام 2022، من سباقات المركبات الكهربائية إلى أجهزة رصد جديدة للمادّة المظلمة في الكون، والمحطّة الفضائية الصينيّة الدائمة في الفضاء.
مهمات كونية وفضائية
> مهمّة «سايكي» الكونية: تخطّط وكالة «ناسا» لإطلاق مهمّة «سايكي Psyche» في أغسطس (آب) لإرسال سفينة مدارية إلى الفضاء العميق لدراسة كويكبٍ فلزّي غريب يسمى «16 سايكي» يدور بين المريخ والمشتري. تتلخّص المهمّة الأساسية للعربة المدارية بدراسة أصول «سايكي»، ولكنّها ستنفّذ أيضاً تجربة للتزوّد بمعلومات ضرورية لمستقبل الاتصالات في الفضاء العميق.
وتعتمد المهمة على توظيف أشعّة الليزر في عمق الفضاء، إذ تهدف تجربة «الاتصالات البصرية في الفضاء العميق» إلى اختبار ما إذا كانت أشعّة الليزر قادرة على إيصال إشارات الاتصالات إلى ما بعد المدار القمري. تستطيع الإشارات البصرية، كتلك المستخدمة في أسلاك الألياف البصرية المزروعة تحت البحر، نقل بياناتٍ أكثر من إشارات الراديو، ولكنّ استخدامها في الفضاء معقّد بسبب صعوبات توجيه الإرسال بدقّة في المسافات البعيدة. تعتزم التجربة استخدام أشعة ليزر بأشعة تحت حمراء بقدرة 4 واط وبطول موجي يصل إلى 1550 نانومتراً (المستخدم في الكثير من الألياف البصرية) لإرسال الإشارات البصرية على مسافات متعدّدة في أثناء توجّه مهمّة «سايكي» إلى الكويكب.
> محطّة فضائية صينية دائمة: أعلنت الصين أنّ محطّتها الفضائية الخاصة «تيانغونغ» («القصر السمائي» باللغة العربية) تنتهي في عام 2022. وكانت الصين قد استبقت مقرّها الفضائي الدائم الأوّل هذا بمحطّتي «تيانغونغ 1» و«تيانغونغ 2» اللتين وُضعتا في المدار بين 2011 و2018، و2016 و2019 على التوالي. أُطلقت الوحدة النواتية للمحطّة والمسمّاة «تيانهي» في أبريل (نيسان) 2021، ومن المنتظر أن تنطلق 10 بعثات إضافية خلال العام الجاري لتوصيل الوحدات والمكونات الأخرى لاستكمال بناء المحطّة في المدار. ومن المزمع أن تضمّ المحطّة النهائية وحدتي مختبر بالإضافة إلى وحدة أساسية. وتجدر الإشارة إلى أنّ «تيانغونغ» ستتمركز في المدار على نفس ارتفاع المحطّة الفضائية الدولية، إلّا أنّ حجمها سيكوم خُمس حجم الأخيرة.
> راصد جديد للمادّة المظلمة: ينطلق عمل برنامج «الاختبار البحثي المتقدّم» (FASER) التابع للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية في يوليو (تموز) المقبل، ولكن الموعد المحدّد للإطلاق يتوقّف على توقيت استئناف مصادم الهدرونات الكبير لتصادم البروتون - البروتون بعد ثلاث سنوات من التحديثات والصيانة. سيبدأ برنامج «الاختبار البحثي المتقدّم» بملاحقة المادّة المظلمة وغيرها من الجسيمات التي تتفاعل بضعفٍ شديد مع المادّة «العادية».
تملك المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (مركز الفيزياء الأساسية الواقع بالقرب من جنيف) أربعة رواصد متصلة بمصادم الهدرونات الكبير ولكنّها غير صالحة لرصد المادّة المظلمة. لن تعمد الأداة إلى رصد المادّة مباشرةً، بل ستبحث عن جسيمات «النموذج المعياري» الأقوى تفاعلاً والتي تتكوّن عندما تتفاعل المادّة المظلمة مع أي مادّة أخرى.
بُني الراصد الجديد خلال فترة تعطيل المصادم بين عامي 2018 و2021، على مسافة 480 متراً من راصد أطلس، وسيعمل على رصد جسيمات النيوترينو التي تُنتج بكميات كبيرة نتيجة تصادم الجسيمات في دائرة مصادم الهدرونات الكبير. وتجدر الإشارة إلى أنّ مصادمات المنظّمة الأوروبية للأبحاث النووية السابقة فشلت في رصد جسيمات النيوترينو.
تقنيات خضراء
> طائرات كهربائية: لأوّل مرّة منذ 100 عامٍ تقريباً، ستستضيف الهيئة الوطنية للملاحة الجوية الأميركية سباق طائرات عابرٍ للبلاد. ولكن على عكس السباقات الجوية التي كانت تجري في العشرينات، سيتضمّن سباق «بوليتزر» للطائرات المقرّر يوم 19 مايو (أيار) طائرات دفع كهربائية فقط. يسمح السباق لطائرات الجناحين الثابتين والطوافات فقط بالمشاركة، على أن تنحصر المباراة بخمسة وعشرين متبارياً، وبشرط وجود طيّار بشري على متن كلّ طائرة، وفقاً لموقع جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركية.
يبدأ المسار في أوماها وينتهي بعد أربعة أيّام في مانتيو (كارولاينا الشمالية)، بالقرب من موقع الرحلة الأولى للأخوين رايت. وكانت الهيئة الوطنية للملاحة الجويّة الأميركية قد صرّحت بأنّ السباق العابر للبلاد والذي سيستمرّ لعدّة أيّام يهدف إلى إجبار المشاركين على مواجهة المشكلات اللوجيستية التي لا تزال تقف عقبة أمام ازدهار الطائرة الكهربائية كالنطاق وشحن البطارية والفاعلية والسرعة.
> طفرة الهيدروجين الأخضر: تعتزم شركة الخدمات البرتغالية «إنرجياس دي بورتوغال» في لشبونة، البدء بتشغيل معمل لإنتاج الهيدروجين الأخضر بطاقة 3 ميغاواط في البرازيل في نهاية هذا العام. يُنتَج الهيدروجين الأخضر باستخدام وسائل مستدامة كالطاقة الشمسية أو المحلّلات الكهربائية للمياه المدعومة بالرياح لفصل جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين.
ولكنّ بيانات الوكالة الدولية للطاقة تفيد بأنّ 0.1% فقط من الهيدروجين يُنتج بهذه الطريقة. من جهتها، ستعمد الشركة البرتغالية إلى استبدال بالمعمل الحالي الذي يعتمد على الفحم آخر يستخدم الخلايا الكهروضوئية لتوليد الهيدروجين القابل للاستخدام في خلايا الوقود.
ولكنّ برنامج «إنرجياس دي بورتوغال» التجريبي الذي تصل كلفته إلى 7.9 مليون دولار ليس إلّا الجانب البارز من صناعة الهيدروجين الأخضر. فقد كشفت شركة «إنرجيكس» عن خطط لبناء معمل للهيدروجين الأخضر بقيمة 5.4 مليار دولار في الولاية البرازيلية نفسها، سيارا، حيث بنت الشركة البرتغالية مصنعها. وتوقّع تقرير نشرته شركة «ريسرتش دايف» البحثية في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، أنّ سوق الهيدروجين الأخضر ستولّد عائدات بقيمة تقريبية تصل إلى 10 مليارات دولار بحلول 2028.
> تخزين عصري للطاقة: تبدأ شركة «هايفيو باور» المتخصصة بتخزين الطاقة بالتبريد، عملياتها في مصنع كارينغتون قرب مانشستر هذا العام. يعد تخزين الطاقة بالتبريد وسيلة لتخزين الكهرباء على المدى الطويل من خلال تبريد الهواء حتّى يتحوّل إلى سائل (على نحو 196 درجة مئوية). تحصل عملية تبريد الهواء في فترات انخفاض كلفة الكهرباء –أي في المساء مثلاً– ومن ثمّ يُصار إلى تخزينه لاستخدامه عندما يصل الطلب على الكهرباء إلى ذروته. بعدها، يُتاح للهواء السائل الغليان حتّى يتحوّل إلى غاز مرّة أخرى لدفع التروبينات إلى توليد الطاقة. يعدّ المعمل الواقع في كارينغتون، الذي تتراوح طاقته بين 50 و250 ميغاواط في الساعة، أوّل معمل لشركة «هايفيو باور» يستخدم تخزين الطاقة بالتبريد لأهداف تجارية وسيحمل اسم «كرايو باتيري». وكانت الشركة قد أعلنت أنّها تخطّط لبناء معمل مشابه في فيرمونت دون تحديد موعد للتنفيذ.