مسلمات هنديات يعشن تجربة مريرة مع التطبيقات الإلكترونية العنصرية

مزاد وهمي يعرض 100 شخصية نسائية للبيع

الممثلة سوارا باسكار
الممثلة سوارا باسكار
TT

مسلمات هنديات يعشن تجربة مريرة مع التطبيقات الإلكترونية العنصرية

الممثلة سوارا باسكار
الممثلة سوارا باسكار

رن هاتف السياسية حسيبة أمين، التي تقيم في العاصمة الهندية دلهي، فجر أول أيام يناير (كانون الثاني) 2022، لتخبرها إحدى صديقاتها أنها عُرضت في مزاد مع صورة لها عبر تطبيق «بولي باي».
وبالمثل، وجدت إذاعية هندية مشهورة تدعى سايما أميم نفسها معروضة في مزاد من بين 100 شخصية نسائية مسلمة شهيرة عبر تطبيق «بولي باي»، بينهن صحافيات وعاملات في المجال الاجتماعي وطالبات وممثلات وشخصيات شهيرة أخرى. ولقد شجع التطبيق الأفراد على المشاركة في «المزاد»، وعرض العديد من المستخدمين أسعارهم على النساء المعروضات من خلال مشاركة ملفاتهم الشخصية عبر «تويتر» في تغريدة اقتباس. وأيضاً، جرى الترويج لتطبيق «بولي باي» عبر «تويتر» من خلال حساب حمل الاسم ذاته، وقال صاحبه إنه من الممكن حجز نساء من التطبيق.
حقيقة الأمر أنه لم يكن هناك «مزاد» أو «بيع فعلي»، بل كان الغرض من التطبيق - على ما يبدو - إذلال النساء المستهدفات وتخويفهن، خصوصاً أن كثيرات منهن من المستخدمين النشطين لوسائل التواصل الاجتماعي. ولكن، من جهته، عرض تطبيق «بولي باي» المثير للجدل وجوهاً جرى تعديلها والتلاعب فيها لنساء مسلمات بارزات وفوقها شعار مهين يقول «صفقة سولي الكبرى لليوم». واستخدم مبتكرو التطبيق صوراً حصلوا عليها على نحو غير قانوني من حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالنساء المستهدفات من دون إذن منهن، وأقنع القائمون على التطبيق الكثيرين بالمشاركة في «المزاد»، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة من الضحايا.
في هذا الصدد، قالت حسيبة أمين، عضو حزب المؤتمر الهندي المعارض، إن «المرأة المسلمة صاحبة الصوت المسموع هي أكثر ما يكرهونه... إنهم يكرهون النساء، ويكرهون أكثر النساء اللائي يرفعن أصواتهن ويتكلمن. وجميع النساء اللائي جرى استهدافهن يشكلن مزيجاً من هذه العناصر الثلاثة».
وحول هذه القضية، قالت آر. جيه. سايما، إحدى ضحايا «بولي باي» متهمة جهات معينة «هذا أمر طائفي بالتأكيد». أما الصحافية عرفة خانُم شرواني، فعلقت على الأمر قائلة «من المزادات عبر الإنترنت إلى ملايين الانتهاكات، من المثير للغضب أن تجد نفسك على قائمة من الأشخاص (خصوصاً النساء) ممن يتعرضون للإيذاء والمضايقة والهجوم. لقد حان الوقت لكي يقف الشعب الهندي ويعلن بوضوح أنه لا يجب أن تتعرض الصحافيات لمثل هذه الأمور فقط لأنهن يضطلعن بعملهن وينطقن بالحقيقة».

الترويج للكراهية الدينية

من ناحيتها، تقدمت الصحافية عصمت آرا، التي تعيش في نيودلهي، بشكوى لدى وحدة الجرائم السيبرانية في شرطة دلهي، مستشهدة بعدة مواد في القانون الجنائي الهندي تتعلق بالترويج للكراهية على أساس الدين، وتهديد وحدة النسيج الوطني والتحرش الجنسي بالنساء. وعبر «تويتر» كتبت عصمت آرا: «من المحزن للغاية أن تبدئين سنتكِ الجديدة كامرأة مسلمة بمثل هذا الشعور بالخوف والاشمئزاز». في حين أعربت الصحافية قرة العين ريبار، المقيمة في كشمير، التي أدرج اسمها على قائمة المزاد، عن اعتقادها بأنه يجب تحميل موقع «غيت هب» مسؤولية تمكين هذا التطبيق السيئ. وأردفت: «لا يجوز لأحد أن يفتح منصة لنشر الكراهية».

ما هو تطبيق «بولي»؟

أنشئ تطبيق «بولي باي» عبر موقع تطوير البرامج المفتوحة «غيت هب»، التابع لشركة «مايكروسوفت». ويجري استخدام «غيت هب» من جانب أكثر عن 73 مليون مطور برامج على مستوى العالم، ويعمل الموقع بمثابة منصة تواصل اجتماعي بين المطورين، حيث يمكنهم التشارك في رموزهم (أو أكوادهم). ويمكن البحث عن هذه الرموز أو إعادة استخدامها أو غربلتها بحثاً عن أخطاء بواسطة المطورين في جميع أنحاء العالم. وتقوم مجتمعات المتطوعين المكرسة بتطوير والحفاظ على الترميز المفتوح المصدر الذي يدعم جزءاً كبيراً من اقتصاد الإنترنت الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات الأميركية.
وعام 2021، برزت الهند باعتبارها مجتمع التركيز (التشفير) المفتوح المصدر الأسرع نمواً على «غيت هوب»، في ظل مشاركة 5.8 مليون مطور. وللعلم، لا يتولى «غيت هوب» الإشراف على التعليمات البرمجية التي يحملها المستخدم ما لم يتلق شكاوى.
من جانبه، سارع «غيت هب» إلى إغلاق التطبيق بعد ردود أفعال عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتعد هذه المرة الثانية خلال سبعة شهور التي يجري فيها استغلال المنصة في استهداف المسلمات داخل الهند، ففي منتصف عام 2021 جرت استضافة تطبيق مشابه يسمى «صفقات سولي» على «غيت هب» للاتجار بمسلمات من دون موافقتهن. وظل التطبيق على شبكة الإنترنت لأسابيع قبل إزالته. وفي هذا الصدد نذكر أن لفظي «سولي» و«بولي» ينطويان على تحيز جنسي... وعادة ما يجري استغلالهما في توجيه إهانات معادية للمسلمات عبر شبكة الإنترنت.
تمثلت الفكرة الأساسية وراء التطبيقين في استهداف النساء، خصوصاً أولئك اللائي رفعن أصواتهن عبر «تويتر» ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، ضد النظام السياسي الحالي القومي الهندوسي الحالي في الهند. وحول هذه المسألة، رأت بادميني راي موراي، المعنية بالدفاع عن الحقوق الرقمية ومؤسسة «ديزاين بيكو» (وهي مجموعة تكنولوجية) أن الاستجابة التي أظهرها موقع «غيت هوب الهند» في كلا الحالتين لم تكن كافية. ومن ثم تساءلت: «نحتاج لمعرفة القائمين على (غيت هب الهند)... لماذا يصعب عليكم مراقبة الموقع وإزالة المحتوى الذي ينتهك سياساتكم بوضوح؟ هل فرق الإشراف لديكم ليست متنوعة بما يكفي؟ أم أنكم لا تهتمون بإبداء قدر أكبر من اليقظة؟».
من ناحية أخرى، كان أمر الموقع قد انتشر سريعاً عندما شاركت صحافية صورة لها تباع عبر تطبيق «بولي باي» باعتبارها «أكبر صفقات اليوم». وهنا، علقت الناشطة والممثلة سوارا باسكار، على الأمر بقولها «الفضاء الإلكتروني في الإنترنت يعج بكراهية النساء والتحرش بهن، لكن هذه (المزادات) ضاعفت مشاعر القلق حيال الطبيعة المنظمة للتنمر الافتراضي، وكيف يجري نشر التشهير المستهدف والتهديد بالعنف، خصوصاً العنف الجنسي، وذلك في محاولة لتكميم أفواه النساء». وأردفت: «أي شخص عاقل سيشعر بالفزع والاشمئزاز والحزن العميق إزاء فكرة بيع النساء في مزاد علني كرياضة انتقامية افتراضية. يجب إدانة هذا العمل الدنيء من جانب الجميع ومحاكمة القائمين عليه من جانب وكالات إنفاذ القانون».

غضب وتحرك سياسي

على صعيد متصل، ومع أن استهداف النساء عبر شبكات التواصل الاجتماعي من الممارسات الشائعة في الهند، أثار هذا الفعل الخسيس المتمثل في عقد مزاد افتراضي لبيع مسلمات صدمة وغضباً في أوساط أحزاب سياسية ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي. وطالبت اللجنة الوطنية المعنية بشؤون المرأة، شرطة دلهي، بالإسراع في جهود ضبط مرتكبي هذا الأمر، واتخاذ الإجراءات اللازمة، كي لا يتكرر. يذكر أنه في العام الماضي، أشارت الحكومة الهندي الاتحادية إلى المحتوى المسيء ضد النساء باعتباره أحد العوامل التي تسهم في صياغة القواعد الرقمية الجديدة. وهذه القواعد دعت إلى الاستعانة بوسطاء لضمان تحديد هوية المستخدم الذي يستضيف المحتوى المسيء في غضون 24 ساعة فقط.
وبالفعل، لدى علمها بالأمر، سارعت وزارة المعلومات والتكنولوجيا للتحرك ضد تطبيق «بولي باي»، واعتقلت الشرطة أربعة أشخاص على صلة بالتطبيق، تراوحت أعمارهم بين 18 و21 سنة. وبعد «بولي باي»، ظهرت صفحات عبر «فيسبوك» و«تليغرام» تستهدف النساء الهندوسيات. وأكد مسؤولون اتخاذ إجراءات ضد هذه الصفحات والحسابات.


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.