«مجموعة الأزمات الدولية» تحذّر تونس من «صراعات مميتة»

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

«مجموعة الأزمات الدولية» تحذّر تونس من «صراعات مميتة»

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

حذرت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير حديث لها، أبرزته جل وسائل الإعلام المحلية أمس، من أن تونس تواجه مخاطر الانزلاق إلى العنف، ومخاطر اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، ما قد يدفع البلاد للإفلاس وإلى تداعيات اجتماعية خطيرة، و«صراعات مميتة». ورأى التقرير أن الرئيس التونسي قيس سعيد إذا ما تمسك بما يعتبره «خطاب السيادة الوطني الشعبوي»، حسب وصف التقرير، لصرف الانتباه عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية، فقد يثير ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها، مثل المظاهرات والاحتجاجات أمام السفارات.
واعتبر التقرير أن الرئيس التونسي في مواجهة الأزمة الاقتصادية المتصاعدة والأزمة السياسية، مع تراجع عدد المؤيدين له، قد يشن حملة عشوائية على الفساد، وقد يجد كبار السياسيين ورجال الأعمال أنفسهم أكثر عرضة للاعتقال، ليتم عرضهم أمام الرأي العام كرموز للفساد، وبدلاً من إفادة الاقتصاد فإن مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى إلحاق الضرر بمناخ الأعمال بشكل عام.
كما حذر من أن مثل هذه التدابير، التي قد يتم اتخاذها للحد من حالة الاستياء بين القطاعات المحرومة في المجتمع، يمكن أن تفضي إلى اضطرابات ينفذها عاطلون عن العمل، أو غيرهم من الفئات الاجتماعية الغاضبة، وقد تتحول مثل هذه الاحتجاجات إلى أعمال عنف، لا سيما إذا استخدمت الشرطة القوة المفرطة ضدها.
في سياق ذلك، قدم التقرير قراءة للمؤشرات الاقتصادية الصعبة، مشيراً إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 9.18 في المائة في عام 2020، ويرجع ذلك جزئياً إلى القيود المرتبطة بجائحة «كورونا»، فيما تبدو الموازنة غير قادرة على تغطية الرواتب المستحقة للعاملين والموظفين في القطاع العام، أو الوفاء بالتزامات سداد القروض الخارجية، وسط ارتفاع الدين العام، إضافة إلى ارتفاع حجم الديون الخاصة بشكل كبير. وقال التقرير إن هذه المؤشرات تنبئ بخطر حدوث أزمة مالية ومصرفية خطيرة في المستقبل، ما قد يؤدي إلى انخفاض مستويات المعيشة للعديد من التونسيين.
وتابع التقرير موضحاً أنه على المدى القصير والمتوسط قد تضطر تونس إما إلى إعادة هيكلة ديونها العامة، أو إعلان الإفلاس، وفي كلتا الحالتين ستكون التداعيات الاجتماعية والاقتصادية مؤلمة، وفق تعبيره، موضحاً أن إعادة هيكلة الديون، رغم أنها تبدو أقل صعوبة من الخيار الثاني، سيكون لها تأثير خطير على التونسيين، ويمكن أن تشمل الآثار والتداعيات انخفاض قيمة العملة، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتجميد رواتب القطاع العام والتقاعد المبكر القسري، وانخفاض الواردات بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى نقص مزمن في السلع الأساسية، إضافة إلى ارتفاع نسب البطالة والتضخم.
ونبه التقرير إلى تراجع الدعم الأوروبي، ووضع شروط مستقبلاً لاتخاذ أي خطوة، موضحاً أنه بعد تولي الرئيس سعيد كامل السلطات في 25 من يوليو (تموز) الماضي لم تعد تونس تلبي معايير الدعم الاقتصادي المستمر من الاتحاد الأوروبي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.