خبراء أمميون يتهمون الحوثيين بالاستمرار في انتهاك حظر الأسلحة

أكدوا أن تجميع معظم أنواع الطائرات بدون طيار والصواريخ القصيرة يتم في مناطق سيطرتهم

TT

خبراء أمميون يتهمون الحوثيين بالاستمرار في انتهاك حظر الأسلحة

اتهم خبراء أمميون جماعة الحوثي المدعومة من إيران بأنها تواصل تجنيد الأطفال واستخدام العنف الجنسي والقمع ضد النساء، مؤكدين أن الأسلحة والصواريخ التي صودرت أخيراً «موسومة بعلامات ولها خصائص تقنية تتسق مع الأسلحة» الإيرانية الصنع.
وأشار الخبراء إلى أنه «لا تزال انتهاكات حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على اليمن، بالإضافة إلى تجنيد الحوثيين للأطفال، مستمرة منذ عام» بحسب تقرير قدموه إلى مجلس الأمن ونشر أمس.
وورد في التقرير السنوي المؤلف من نحو 300 صفحة: «ترى مجموعة الخبراء أن جميع القوات العسكرية وشبه العسكرية الموالية لسلطات صنعاء تقع ضمن» تعريف انتهاكات حظر الأسلحة. وتابع الخبراء: «استمر الحوثيون في الحصول على الأساسيات لأنظمة أسلحتهم من شركات مقرها في أوروبا وآسيا، عبر استخدام شبكة معقدة من الوسطاء لطمس سلسلة التوريد». وأشار التقرير إلى أنه «تم تجميع معظم أنواع الطائرات بدون طيار والعبوات الناسفة العائمة والصواريخ القصيرة المدى في مناطق سيطرة الحوثيين»، بدون أن يتمكن من تأكيد ما ذكرته الولايات المتحدة لجهة تورط إيران مباشرة في الانتهاكات. وأضاف الخبراء: «لا يزال تزويد الحوثيين بقطع لأنظمة الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى مستمراً من طريق البر، من قبل أفراد وكيانات مقرها عُمان».
وأورد فريق الخبراء المعني باليمن المنشأ عملاً بقرار مجلس الأمن الرقم 2140، في تقريره النهائي أن الحوثيين «واصلوا حملتهم المنهجية لضمان التزام السكان بآيديولوجيتهم»، بما في ذلك عبر «مخيمات صيفية ودورات تثقيفية للبالغين والأطفال على حد سواء»، متهماً الحوثيين بأنهم واصلوا «سياسة استخدام العنف الجنسي وممارسة القمع ضد النساء الناشطات سياسياً والمهنيات، بما في ذلك بعد إدراج مجلس الأمن سلطان صالح عيضة زاين في قائمة الجزاءات، في فبراير (شباط) 2021».
ولاحظ التقرير أن الحوثيين «واصلوا شن هجماتهم الجوية والبحرية على المملكة العربية السعودية» بواسطة مجموعة من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية والصواريخ الانسيابية، علماً بأنهم استخدموا في البحر الأحمر «أجهزة متفجرة يدوية الصنع منقولة بحراً لشن هجمات على سفن تجارية راسية في موانئ بالمملكة العربية السعودية، وفي بعض الأحيان على سفن تبعد أكثر من ألف كيلومتر من الشواطئ اليمنية». وأكد أن «الهدف من هذه الهجمات سياسي في المقام الأول». وأوضح أنه «يجري تركيب معظم أنواع الطائرات المسيرة والأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع والمنقولة بحراً والصواريخ القصيرة المدى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باستخدام المواد المتاحة محلياً، فضلاً عن مكونات تجارية، مثل المحركات والإلكترونيات، التي يتم الحصول عليها من الخارج باستخدام شبكة معقدة من الوسطاء في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا». وذكر أن البحرية الأميركية صادرت في فبراير ومايو (أيار) 2021 شحنتين من الأسلحة من مراكب شراعية في بحر العرب، وهما تتضمنان «كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة والصواريخ المضادة للدبابات التي توجه سلكياً وتطلق من حاويات، والمعدات المرتبطة بها مثل أجهزة التصويب البصرية»، مضيفاً أن التفتيش الذي قام به الفريق للأسلحة المضبوطة «كشف أنها موسومة بعلامات ولها خصائص تقنية تتسق مع الأسلحة التي وثقها الفريق في عمليات ضبط سابقة»، كانت تجمع على أنها إيرانية الصنع. وأكد أن هذا يدل على وجود «نمط مشترك من الإمدادات التي تستخدم في نقلها مراكب شراعية في بحر العرب.
وكذلك اتهم التقرير الحوثيين بأنهم يستخدمون «أساليب مختلفة للاستثناء والحفاظ على نشاطاتهم، ولا سيما من خلال استخدام العنف أو التهديد باستخدامه والممارسات التنظيمية القسرية»، بما في ذلك «تحصيل رسوم وجبايات غير قانونية من القطاعات الاقتصادية المدرة للخيرات المرتفعة، مثل النفط والاتصالات، ومصادرة أصول وأموال الأفراد والكيانات». وأفاد بأن استمرار هجوم الحوثيين على مأرب له «عواقب وخيمة على السكان المدنيين، وخصوصاً النازحين». كما أن استخدام الحوثيين «العشوائي» للألغام الأرضية يشكل «تهديداً مستمراً للسكان».
وأشار الخبراء إلى أن إلقاء العبوات الناسفة في البحر مباشرة من مناطق سيطرة الحوثيين «ازداد بشكل كبير» خلال العام الماضي. وأوصوا «أطراف النزاع» بـ«الامتناع عن استخدام المدارس والمخيمات الصيفية والمساجد لتجنيد الأطفال»، معربين عن «نيتهم فرض عقوبات على الأفراد المُشاركين بهذه الأفعال». وأورد الخبراء في تقريرهم أمثلة عن أطفال دربهم الحوثيون على القتال وعلى عقيدتهم.
وأوضحوا أن لديهم قائمة بـ1406 أطفال تراوحت أعمارهم بين 10 و17 عاماً، جندهم الحوثيون ولقوا حتفهم في ساحة القتال في عام 2020.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».