اتهامات لانقلابيي اليمن بإخفاء الوقود وشلّ الحركة في مدن سيطرتهم

دعوات في صنعاء للإضراب بعد ارتفاع أجور النقل إلى الضعف

TT

اتهامات لانقلابيي اليمن بإخفاء الوقود وشلّ الحركة في مدن سيطرتهم

اتَّهم يمنيون الميليشيات الحوثية بإخفاء كميات ضخمة من الوقود في مخازن سرية تابعة لها، لغرض الاتجار بها وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وشلّ الحياة العامة بشكل شبه كلي، وفي مقدمها حركة المواصلات والنقل الداخلي في صنعاء العاصمة، وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.
وبينما تتصاعد الدعوات في أوساط السكان للإضراب للضغط على الجماعة الانقلابية لضخ الوقود من محطات التعبئة، ارتفعت أجور النقل إلى الضعف، وهو ما تسبب في زيادة معاناة السكان، مع ارتفاع أسعار السلع.
وفي هذا السياق، ظهرت غالبية شوارع وطرقات العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرة الجماعة، خلال الأيام القليلة الماضية، شبه خالية من حركة المركبات، ومختلف وسائل النقل، باستثناء تنقلات بعض المواطنين مشياً على الأقدام، لقضاء مختلف احتياجاتهم.
ومع ما تشهده صنعاء ومدن رئيسية أخرى حالياً من شلل شبه تام في الحركة، جراء أزمة الوقود المفتعلة حوثياً، تحدث سكان في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الأزمة ضاعفت من معاناتهم إلى مرحلة هي أكثر مما كانت عليها قبل اندلاعها.
وبحسب ما أفاد به سكان، تكدست أطنان النفايات بسبب توقف أعمال النظافة، وانقطعت مياه الشرب والتيار الكهربائي في ظل انعدام لبقية الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم، وارتفاع أسعار معظم المواد الضرورية وغيرها.
واتهم السكان قادة الانقلاب بتعمد إخفاء كميات كبيرة من المشتقات النفطية، بمخازن سرية كانوا قد استحدثوها خلال فترات ماضية، بهدف المتاجرة بها وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة؛ لافتين إلى أن من يطلق عليهم «هوامير النفط والفساد» داخل الجماعة، هم من يتحملون كامل المسؤولية، جراء ما وصل إليه حال ملايين الناس في صنعاء ومدن أخرى من معاناة.
ويقول معلم في مدرسة أهلية بصنعاء، إنه يضطر للاستيقاظ مبكراً، إما للحصول على حافلة تقله إلى المدرسة التي يعمل بها رغم ارتفاع الأجرة لأزيد من الضعف، وإما ليسعفه الوقت للمشي على قدميه حتى يصل إلى عمله قبل بداية الدوام.
وعلى الصعيد ذاته، شكا عدد من سائقي حافلات وسيارات الأجرة بصنعاء، من عودة أزمة الوقود، وأكدوا أن الطوابير الطويلة للمركبات التي عادت مجدداً إلى محطات الوقود في صنعاء لم يحصل أصحابها حتى اللحظة على الوقود، بسبب استمرار إغلاق أبوابها، وزعم ملاكها نفاد ما بحوزتهم من كميات.
وتطرقوا بحديثهم مع «الشرق الأوسط» إلى معاناتهم وكثير من زملائهم العاملين بتلك المهنة، جراء بحثهم الشاق عن الوقود لكن دون جدوى؛ مشيرين إلى أن غالبيتهم اضطروا لإيقاف مركباتهم والجلوس في منازلهم، أملاً أن تشهد الأيام المقبلة انفراجة لتلك الأزمة المفتعلة.
وفي السياق نفسه، كشف مسؤولون في نقابة سائقي النقل الداخلي بصنعاء، عن أن المئات من السائقين بعد أن ضاق بهم الحال جراء رحلة البحث المريرة عن الوقود، طالبوا بسرعة الدعوة لإضراب شامل، للضغط على الحوثيين لإخراج ما بحوزتهم من وقود لتوزيعه على المحطات.
ويتهم السائقون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» الميليشيات بالوقوف وراء افتعال الأزمة، وغيرها من الأزمات السابقة، لأسباب عدة، منها إنعاش السوق السوداء، وبيع الوقود بغية كسب مزيد من الأموال، دعماً لجبهاتها، وتعويض ما خسرته من مبالغ كانت قد صرفتها مؤخراً تحت اسم نصف راتب للموظفين لشهر أبريل (نيسان) 2018. وأشار السائقون إلى التصريحات التي أطلقها أخيراً المنتحل لصفة المدير التنفيذي لشركة النفط الحوثية بصنعاء، عمار الأضرعي، والتي ذكر فيها أن لدى الجماعة حالياً القدرة على توفير الوقود لكافة المناطق اليمنية عبر فروعها، بأقل التكاليف وبسعر موحد، ووصفوا ذلك بأنه «دليل يفضح زيف الميليشيات، ويؤكد وقوفها وراء الأزمة».
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، دخلت العاصمة صنعاء ومختلف مدن سيطرة الجماعة في أتون أزمات متعددة، أثرت بشكل مباشر وغير مباشر على حياة ومعيشة وصحة ملايين اليمنيين.
وبحسب ما جاء في أحدث تقرير لفريق الخبراء الدوليين، فإن أزمة الوقود بمناطق الجماعة مفتعلة؛ حيث يخلق الحوثيون «ندرة مصطنعة في المشتقات النفطية، لإجبار التجار على بيعها في السوق السوداء التي يديرونها، وتحصيل رسوم غير قانونية من البيع».
ولفت الفريق في تقريره المتوقع صدوره رسمياً في الأيام المقبلة، إلى تصاعد تدفق الوقود إلى مناطق سيطرة الحوثيين عبر البر، وقيام الجماعة «بجمع رسوم وجبايات جمركية إضافية من التجار، في مراكزهم الجمركية البرية بشكل غير قانوني». وأكد أن توريد الوقود إلى مناطق الحوثيين عملية مربحة جداً لكثيرين؛ حيث يدفع المستهلكون النهائيون (السكان) الثمن.
وكان عضو البرلمان الخاضع للميليشيات الحوثية في صنعاء، عبده بشر، قد كشف في وقت سابق عن وجود تنسيق وتواطؤ حقيقي بين سلطة الحوثيين وشركة النفط تحت سيطرتهم بصنعاء، لاختلاق أزمات نفطية، وقال إن ذلك ليس له سوى معنى واحد، وهو «تنفيذ أجندات خارجية، ودعم تجار الحروب ومصاصي دماء اليمنيين»؛ بحسب تعبيره.
وقال بشر بمنشور على حسابه في «فيسبوك»: «أتحمل كامل المسؤولية إذا لم تكن الخزانات والمحطات في صنعاء مليئة الآن بالمشتقات النفطية، ويتم إخفاؤها. كفى استخفافاً بعقول الناس والتلذذ بمعاناتهم».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.