بترايوس يستعد للإقرار بذنبه في قضية تسريب أسرار عسكرية

عقب تحقيقات رفيعة المستوى وملاحقة قضائية أدت إلى استقالة المدير السابق لـ«سي آي إيه»

ديفيد بترايوس الجنرال المتقاعد في لقطة سابقة مع باولا برودويل كاتبة سيرته الذاتية (واشنطن بوست)
ديفيد بترايوس الجنرال المتقاعد في لقطة سابقة مع باولا برودويل كاتبة سيرته الذاتية (واشنطن بوست)
TT

بترايوس يستعد للإقرار بذنبه في قضية تسريب أسرار عسكرية

ديفيد بترايوس الجنرال المتقاعد في لقطة سابقة مع باولا برودويل كاتبة سيرته الذاتية (واشنطن بوست)
ديفيد بترايوس الجنرال المتقاعد في لقطة سابقة مع باولا برودويل كاتبة سيرته الذاتية (واشنطن بوست)

يتوقع من ديفيد إتش. بترايوس، الجنرال المتقاعد الذي يعتبر من ألمع العقول العسكرية بين أبناء جيله، أن يدفع، بعد ظهيرة أمس، بأنه مذنب في جنحة إساءة استخدام المواد السرية التي سلمها إلى عشيقته السابقة وكاتبة سيرته الذاتية.
جاءت اتفاقية الإقرار بالذنب عقب تحقيقات رفيعة المستوى والملاحقة القضائية التي أدت إلى استقالة المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وعرضت حريته الشخصية للخطر؛ حيث سعى مكتب التحقيقات الفيدرالية إلى توجيه الاتهامات إليه بارتكاب جرائم أكثر خطورة.
يعترف بترايوس (62 سنة)، كجزء من الصفقة، أمام المحكمة الفيدرالية في مدينة شارلوت بأنه احتفظ بشكل غير مناسب بمعلومات شديدة الحساسية موزعة على 8 مذكرات شخصية أودعها لدى باولا برودويل كاتبة سيرته الذاتية لأجل الاطلاع عليها.
في حالة موافقة القاضي على اتفاقية الإقرار، سوف يُعفى بترايوس من قضاء حكم بالسجن وسوف يغادر قاعة المحكمة كرجل حر، ليواجه عامين من فترة المراقبة مع غرامة تقدر بـ40 ألف دولار.
وأغضبت تلك الصفقة عملاء المباحث الفيدرالية الذين عملوا في تحقيقات استغرقت عامين؛ حيث اعتقدوا أن بترايوس سوف يواجه معاملة أشد في قسوتها نظرا للمعلومات الواردة في المذكرات الشخصية خاصته، وما اعتبروه قدحا في الإخلاص إبان إدارته للاستخبارات المركزية الأميركية.
وعندما واجه بترايوس عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية في مكتبه بمبنى الاستخبارات المركزية في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، قال لهم إنه لم يتقدم بأي معلومات سرية إلى السيدة برودويل.
الإدلاء بمعلومات خاطئة إلى عميل إنفاذ القانون الفيدرالي أثناء التحقيقات يعتبر جناية في القانون الأميركي، وهي الجريمة التي يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات.
لكن وفقا لاتفاقية الإقرار، تمتع بترايوس بالحصانة من مزيد من الملاحقات القضائية فيما يتصل بأي جرائم جنائية أخرى.
وفي 2007، أدين آي. لويس «سكوتر» ليبي، كبير موظفي نائب الرئيس الأميركي السابق ريتشارد تشينين بالكذب على عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية حيال دوره في الكشف عن هوية ضابط بالخدمة السرية في وكالة الاستخبارات الأميركية. وحكم على ليبي بالسجن لمدة عامين ونصف العام، غير أن الرئيس السابق جورج دبليو بوش خفف الحكم في وقت لاحق.
ومن غير الواضح إذا ما كان الإقرار بالذنب سوف يؤثر على التصاريح الأمنية التي يتمتع بها المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ودخوله إلى محيط البيت الأبيض، حيث قدم مشورته العسكرية لكبار المسؤولين الأميركيين حيال كيفية التعامل مع تنظيم داعش الإرهابي.
وبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالية في التحقيق حول بترايوس في عام 2012 عقب إرسال باولا برودويل لرسائل تهديد بالبريد الإلكتروني إلى جيل كيلي، وهي امرأة من ولاية فلوريدا كانت تعرف الجنرال بترايوس منذ أيامه التي قضاها في تامبا، فلوريدا. اتصلت السيدة كيلي، وهي لا تعرف هوية صاحبة الرسائل، بالمباحث الفيدرالية. ثم عمدت المباحث الفيدرالية على تتبع مصدر الرسائل حيث قادتهم إلى السيدة برودويل مما كشف الغطاء عن رسائل البريد الإلكتروني فيما بينها وبين بترايوس. كما علم المحققون الفيدراليون أن برودويل في حوزتها وثائق سرية، مما أثار التحقيقات حول كيفية حصولها على تلك الوثائق.
قامت المباحث الفيدرالية في وقت لاحق بتفتيش منزل الجنرال بترايوس في أبريل (نيسان) 2012، وعثرت على المذكرات الشخصية داخل درج غير مغلق في مكتبه. تحتوي المذكرات على معلومات عالية السرية وصفتها وزارة العدل الأميركية بأنها قد تسبب «ضررا استثنائيا بالغ الخطورة» على الأمن القومي الأميركي إذا ما كشف عنها. وكانت المذكرات تحتوي على كلمات مشفرة لبرامج الاستخبارات السرية، وهويات الضباط بالخدمة السرية، واستراتيجية الحرب، ومناقشات مطولة مع مجلس الأمن القومي. وعلى الرغم من أن بترايوس تقدم بالمذكرات إلى برودويل للمساعدة في تأليف كتابها حول حياة الجنرال، فإن المحققين قالوا إن كتابها «في مجمله، لا يضم أي معلومات سرية».
ومن غير الواضح إذا ما كانت ستوجه الاتهامات إلى السيدة برودويل من عدمه؛ حيث يقول المسؤولون الحاليون والسابقون إن أي ملاحقة قضائية بحقها سوف تواجه صعوبات باعتبار أن بترايوس ذاته لا يواجه إلا جنحة وليست جناية.
هذا وقد رفض محامي السيدة برودويل التعليق على الأمر.
يشغل بترايوس حاليا منصب الرئيس التنفيذي لمعهد «كي كي أر» العالمي، وهو جزء من مؤسسة خاصة للمعاملات المالية تدعى «كولبرغ كرافيس روربرتس».
* خدمة «واشنطن بوست»
* خاص بـ {الشرق الأوسط}



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.