مسؤول عسكري بالبنتاغون: السفن الإيرانية تعود أدراجها وتبتعد عن اليمن

محللون: إيران تستخدم السفن للعب دور في المفاوضات.. وسيناريو الاشتباك العسكري خطير

حاملة الطائرات الأميركية {تيودور روزفلت} (خلف الصورة) وقاذفة الصواريخ الموجهة {نورماندي} أثناء وجودهما في بحر العرب (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركية {تيودور روزفلت} (خلف الصورة) وقاذفة الصواريخ الموجهة {نورماندي} أثناء وجودهما في بحر العرب (أ.ف.ب)
TT

مسؤول عسكري بالبنتاغون: السفن الإيرانية تعود أدراجها وتبتعد عن اليمن

حاملة الطائرات الأميركية {تيودور روزفلت} (خلف الصورة) وقاذفة الصواريخ الموجهة {نورماندي} أثناء وجودهما في بحر العرب (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركية {تيودور روزفلت} (خلف الصورة) وقاذفة الصواريخ الموجهة {نورماندي} أثناء وجودهما في بحر العرب (أ.ف.ب)

أشار مسؤول عسكري بالبنتاغون لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البنتاغون يراقب الأوضاع في المياه الإقليمية لليمن والمياه الدولية عن كثب، مؤكدا أن التقارير تشير إلى أن «تسع سفن إيرانية يشتبه في أنها محملة بأسلحة متجهة إلى المتمردين في اليمن، قامت بتغيير مسارها يوم الخميس، وعادت أدراجها باتجاه إيران، ومستمرون في مراقبة الأوضاع هناك».
وكانت قافلة من تسع سفن إيرانية تشمل سبع سفن شحن وفرقاطتين، قد أثارت الكثير من القلق والتحذيرات التي أطلقها المسؤولون الأميركيون محذرين من إمكانية اعتراض تلك السفن.
وأوضح المسؤول العسكري أن المتمردين الحوثيين حصلوا على أسلحة من طهران منذ عدة أسابيع، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم مصلحة في ضمان عدم حصول الحوثيين على أي شحنات أسلحة أكثر.
وكان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر قد أعرب عن قلقه من أن السفن الإيرانية التي تتجه نحو اليمن قد تحمل أسلحة متطورة للمتمردين الحوثيين. ومن قبله حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما إيران من محاولة تسليم أسلحة للحوثيين بما قد يهدد الملاحة البحرية، مشيرا إلى أنه أرسل رسالة واضحة ومباشرة جدا للإيرانيين حول هذا الموضوع. وصرح الكثير من المسؤولين في الإدارة بأن أي تحركات إيرانية لتوريد أسلحة للحوثيين ستكون انتهاكا مباشرا لقرار مجلس الأمن رقم 2216 (تحت الفصل السابع).
وأرسل البنتاغون بداية الأسبوع الحالي تعزيزات بحرية وحاملة الطائرات «يو إس تيودور روزفلت» التي تحمل طائرات مقاتلة متطورة، والطراد «يو إس إس نورماندي» التي تحمل الصواريخ الموجهة قبالة اليمن ومضيق باب المندب، لتنضم إلى ثماني سفن حربية أميركية أخرى موجودة بالفعل وتحمل فرقا قادرة على الاعتراض والصعود على متن السفن الأخرى لتفتيشها.
وأعلن مسؤولو البنتاغون أن الغرض من تلك التحركات حماية أمن الملاحة البحرية وضمان بقاء الممرات الملاحية الحيوية في المنطقة مفتوحة وآمنة، إضافة إلى القلق من تدهور الأوضاع في اليمن. وقال كيفين ستيفن المتحدث باسم الأسطول الخامس الأميركي إن لدى البحرية الأميركية مؤشرات قوية على وقوع عمليات لتهريب الأسلحة إلى داخل اليمن. وأشار مسؤول عسكري إلى أن المؤشرات تشير إلى أن تلك السفن تحمل أكثر من مجرد أسلحة صغيرة.
واعترف الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم البنتاغون، باحتمالات تدهور الأوضاع، وقال: «ما نراه هو تدهور للأوضاع الأمنية التي يمكن أن تؤدي إلى تهديدات بحرية، لكن من الصعب التنبؤ بالمستقبل، وما نحتاج إليه هو خيارات للتعامل مع المواقف المختلفة». ورفض وارن اعتبار السفن الإيرانية مصدر تهديد، وقال: «لم يعلنوا (الإيرانيون) عن نياتهم، أو ما هم ذاهبون للقيام به، لكن لدينا قوة بحرية أميركية هناك ونحن قادرون على مراقبتهم عن كثب جدا».
وتزايدت التصريحات الأميركية والقلق من الاحتمالات العالية من كون تلك السفن الإيرانية المتجهة قبالة السواحل اليمنية تحمل أسلحة ومعدات عسكرية «ثقيلة» للحوثيين في اليمن. وحتى الآن، تكتفي الإدارة الأميركية بالتحذير واستعراض القوة البحرية دون أن توضح الخطوات التي ستتخذها في حال اعتراض سفينة إيرانية تحمل بالفعل شحنات أسلحة للحوثيين، والسيناريوهات المتوقعة لهذا الموقف وتبعاته.
وتشير بعض السيناريوهات، وفقا للخبراء، إلى احتمالات أن تتراجع إيران طوعا أو تحت ضغوط، عن تحركاتها المثيرة للجدل في المياه الإقليمية، وسيناريوهات أخرى تشير إلى أنه قد تقوم قوات التحالف بقيادة السعودية باعتراض تلك السفن الإيرانية بمساعدة أميركية غير مباشرة، وسيناريوهات أخرى تستبعد احتمالات اشتباكات تقود إلى مواجهات عسكرية مباشرة بين القوات البحرية الأميركية والسفن الإيرانية، مع إبقاء كل الاحتمالات مطروحة.
وأشارت تقارير سابقة إلى أن تسع سفن إيرانية اتجهت نحو اليمن وتضم المدمرة «البورز» وحاملة المروحيات «بوشهر» التابعة للأسطول 34 الإيراني، قد توغلت في مياه خليج عدن مساء الأربعاء. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن قائد القوات الإيرانية حبيب الله سياري، قوله: «إن وجود سفن الأسطول التابع للقوات البحرية الإيرانية في المياه الدولية وخليج عدن هدفه ضمان أمن السفن التجارية وناقلات النفط ومكافحة القرصنة».
وانتقد أعضاء الكونغرس تلك التفسيرات الإيرانية واعتبروها «أمرا يدعو للضحك» بالنظر إلى تاريخ إيران الطويل في زعزعة الاستقرار. وقال رئيس مجلس النواب جون بوينر للصحافيين: «هناك الكثير من التكهنات حول ما تحمله تلك القوافل الإيرانية، ولكني أعتقد أن وجود السفن الأميركية هناك هو الأمر الصحيح الذي ينبغي عمله ونأمل ألا تكون هناك حاجة للاشتباك معهم».
وقال السيناتور الجمهوري توم كوتون: «علينا أن نكون على استعداد وعلينا أن نوضح للقيادة الإيرانية ونجعلها تدرك أننا مستعدون للقيام بعمل عسكري».
لكن سيناريو اشتباك عسكري بين السفن الأميركية والسفن الإيرانية يواجه شكوكا من كبار العسكريين، وحذر الجنرال المتقاعد أنتوني زيني القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية من أي رد فعل أحمق، مشيرا إلى أن الاعتقاد بأن اشتباكا يمكن أن يكون سريعا وبسيطا يعكس إما سذاجة في التفكير أو غطرسة.
ويشير المحللون إلى أن الإدارة الأميركية تواجه تحديا حقيقيا في الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع دول الخليج العربي، وفي الوقت نفسه مواصلة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. ويقول أشر أوركابي الباحث بـ«مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط» بجامعة برانديز: «هذه لعبة خطيرة جدا من الولايات المتحدة في محاولة استرضاء الجانبين، وفي نهاية المطاف لن تحصل على أي شيء». وأضاف: «المملكة العربية السعودية والحلفاء الخليجيون لديهم مخاوف بشأن الاتفاق النووي مع إيران الذي قد يرفع العقوبات المفروضة على طهران، وبالتالي يمكن أن ينتعش الاقتصاد الإيراني بشكل كبير بما يسمح لطهران بتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط والاستمرار في دعم الحوثيين وتأجيج الاضطرابات في اليمن، وزعزعة الاستقرار في أماكن ودول أخرى».
فيما استبعد المحللون في تقرير أصدره «مركز ستارتفور» الأميركي أمس، أن تقدم إيران على المخاطرة بتوريد أسلحة للحوثيين في اليمن، وأشاروا إلى أوجه قصور خطيرة في البحرية الإيرانية من ناحية عمر تلك الوحدات البحرية وقدراتها، مقابل قوات التحالف الخليجي التي تتمتع بتفوق جوي كامل في اليمن، وبالتالي يمكنها أن تقصف أي محاولات إيرانية محتملة لتهريب الأسلحة. وقال التقرير إن التحركات الإيرانية تثير تساؤلات حول نية طهران الحقيقية من وراء نشر تلك السفن قبالة السواحل اليمنية.
وأوضح تقرير مركز ستارفورد المتخصص في الاستخبارات الدولية والأبحاث الاستراتيجية، أن تحركات البحرية الأميركية وإرسال حاملة الطائرات هي محاولة من الإدارة لطمأنة دول الخليج إلى أن واشنطن معنية ومهتمة بمصالحهم. وأشار إلى أن نشر قوة أميركية كبيرة في خضم الصراع في اليمن، يمكن أن يكون هدفه تقليل أي مواجهة مع إيران والحفاظ على سلام نسبي، وآخر شيء تحتاجه الولايات المتحدة هو محاولات زعزعة استقرار الدول والطرق التي تمر منها شحنات النفط والتجارة.
واستبعد تقرير ستارفورد أن يكون الخيار العسكري مطروحا على المائدة الأميركية، مشيرا إلى أن ما تقوم به السفن الإيرانية هو مجرد محاولة سياسية لاستعراض بعض القوة. وقال التقرير إن إيران تحاول استخدام تلك القوافل في الضغط للعب دور في الصراع في اليمن، أو في المفاوضات، لكن قيامها بذلك يعد أيضا نوعا من المقامرة مع العدد الكبير من السفن الحربية في منطقة القتال حول اليمن، مع إمكانية أن يطرأ نوع من سوء التقدير في الأفق.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.