«الدرعية»... اختزلت تاريخ الدولة السعودية منذ أكثر من ثلاثة قرون

تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية دولة المدينة (واس)
تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية دولة المدينة (واس)
TT

«الدرعية»... اختزلت تاريخ الدولة السعودية منذ أكثر من ثلاثة قرون

تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية دولة المدينة (واس)
تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية دولة المدينة (واس)

كان تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية، بتطبيقها لنظرية دولة المدينة المهيأة للامتداد مع الأيام، في حين قد كان لدولة المدينة تاريخ عريق في منطقة شبه الجزيرة، حيث كانت يثرب في بداية هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليها مثالاً واضحاً لدولة المدينة.
وفي تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية، بدأت مرحلة جديدة من مراحل الاستقرار البشري في منطقة شبه الجزيرة العربية، حينما قدمت قبيلة بني حنيفة للاستقرار في المنطقة على ضفاف وادي حنيفة، بقيادة عبيد بن ثعلبة، حيث اختار حجر اليمامة مستقراً له وعشيرته عام 430م، ثم ازدهرت «حجر» لتكون أعظم مدن اليمامة، ويتزعمها ملك اليمامة في عصره: ثمامة بن أثال الحنفي صاحب القصة الشهيرة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وتعاقبت الأحداث على شبه الجزيرة العربية، وعاشت أزماناً من الإهمال والفرقة والانقسام، حتى تأسست الدرعية على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي، عام 1446م (850هـ)، الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، والجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والجد الرابع عشر للأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وفي عهد الإمام محمد بن سعود تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ - 1727م، وعاصمتها الدرعية، واستمرت حتى عام 1233هـ، وامتداداً للدولة السعودية الأولى، وبعد انتهائها تأسست الدولة السعودية الثانية، على يدي الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود من 1240 إلى 1309هـ، ثم بعد انتهائها، تأسست المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود (رحمهم الله جميعاً) عام 1319هـ، التي تشهد اليوم تطورات واسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومساندة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.

وهذا التاريخ العميق استحق أن يستذكر تفاصيله أبناء السعودية، إذ يُعبر عن تاريخ الدولة العريقة، الممتد إلى أكثر من 3 قرون، لذلك صدر الأمر الملكي، اليوم (الخميس)، بأن يكون يوم 22 فبراير (شباط) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم «يوم التأسيس».
وشكلت المملكة على مدار تاريخها ثقلاً سياسياً في المنطقة مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز، وحكمة قادتها، حتى جعلت منها نقطة توازن إقليمياً، وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط، بينما أكدت المنعطفات التاريخية التي مرت بها الدولة السعودية مدى ما يربط أبناء المملكة وأشقاءهم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من علاقات عميقة امتدت لقرون كثيرة، وتجذّرت على مدار السنوات، وما نراه اليوم هو نتاج لما أصّله الآباء والأجداد.
وفيما يتعلق بتحديد تاريخ يوم التأسيس، فقد استنتج المؤرخون هذا التاريخ، بناءً على عدد من الأحداث التاريخية التي حدثت خلال تلك الفترة قبل وبعد تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية عام 1139هـ، كما شهدت الدولة منذ بداية عهده كثيراً من الأعمال والإنجازات، من أبرزها: تأسيس الدولة السعودية الأولى، الذي تم على مراحل خلال عهده، وتوحيد شطري الدرعية وتقويتها لتكون عاصمة للدولة، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده.

كما شهدت الدولة السعودية الأولى تنظيم الموارد الاقتصادية، والتفكير في المستقبل؛ حيث كان الإمام محمد بن سعود يحب الخلوة والتأمل والتفكر، مما يدل على شخصيته في الاستقراء والتأني والرؤية المستقبلية، كما تم في هذا العهد بناء حي جديد في سمحان، وهو حي الطرفية، والانتقال إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم لفترة طويلة.
ويمثل يوم التأسيس مناسبة وطنية عزيزة توضح مدى رسوخ وثبات مؤسسة الحكم ونظام الدولة في السعودية، لمدة زادت على ثلاثة قرون، فمنذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود، وهي تقوم على مبادئ الإسلام الصحيحة، والحكم الرشيد، والتنمية المستمرة للبلاد، وتعزيز مكانتها محلياً وإقليمياً وعالمياً، وكانت خدمة القبلتين وضيوف الرحمن أولوية قصوى لأئمة الدولة السعودية وتوارثها ملوك المملكة، وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة، ومنها: نشر الاستقرار في الدولة التي شهدت استقراراً كبيراً وازدهاراً في مجالات متنوعة، والاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها، ومساندة البلدات المجاورة لتعزيز الاستقرار، مثل: مساعدة أمير الرياض في تثبيت حكمه، واستتباب الأمن.

وعودة إلى مرآة تاريخ الدولة السعودية «الدرعية»، فقد حكم الأمير مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده الدرعية التي أصبحت مركزاً حضارياً، تميزت بموقعها الجغرافي في كونها منطقة مفترق طرق تجارية ما بين شمال وجنوب الجزيرة العربية، مما أسهم في تعزيز حركة التجارة فيها وفي المناطق المجاورة.
وخلال عهد الإمام محمد بن سعود ومَن بعده من الأئمة، أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً وثقافياً، وتحتضن على ترابها معالم أثرية عريقة، مثل: حي غصيبة التاريخي، ومنطقة سمحان، و«حي الطريف»، الذي وُصف بأنه من أكبر الأحياء الطينية في العالم، وتم تسجيله في قائمة التراث الإنساني في منظمة «اليونيسكو»، ومنطقة البجيري وسوق الدرعية، إضافة إلى أن النظام المالي للدولة وُصف بأنه من الأنظمة المتميزة من حيث الموازنة بين الموارد والمصروفات.
ولقد هاجر كثير من العلماء إلى الدرعية، من أجل تلقي التعليم والتأليف الذي كان سائداً في وقتها، مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ، وبعد سقوط الدولة السعودية الأولى، استطاع الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود أن يسترد الرياض عام 1240هـ - 1824م بعد سبع سنوات من العمل والكفاح، والتفت الناس حوله والأسرة المالكة من جديد.

وتمكن الإمام تركي من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية، في مدة قصيرة، مستمراً على المنهج الرصين الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى، وهو حفظ الأمن والتعليم والعدل والقضاء على الفرقة والتناحر، وظلت الدولة تحكم المنطقة حتى عام 1309هــ - 1891م.
وبعد فراغ سياسي وفوضى في وسط شبه الجزيرة العربية استمر نحو عشر سنوات، تمكن الملك عبد العزيز آل سعود (رحمه الله)، في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ، الخامس عشر من يناير (كانون الثاني) 1902م، من إعادة تأسيس الدولة السعودية، بعد أن استرد مدينة الرياض، ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي، ويضع لبنة من لبنات الوحدة والاستقرار والنماء تحت راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».

وفي السابع عشر من شهر جمادى الأولى، عام 1351هـ، الموافق 23 سبتمبر (أيلول) 1932م، أعلن الملك الراحل عبد العزيز - توحيد السعودية، بعد أحداث تاريخية استمرت 30 عاماً.
واستمر أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز لبنات البناء والاستقرار والتنمية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد، حيث تشهد المملكة في هذا العهد الميمون المزيد من التطور والنهضة، في ظل الرؤية الطموحة، «رؤية المملكة 2030».



السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)
«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)
«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

شهّرت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، الأربعاء، بمواطنين ومقيمين تورطوا بعدة قضايا جنائية باشرتها خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن العمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحقّهم.

وذكرت الهيئة، في بيان، أنه جرى، بالتعاون مع رئاسة أمن الدولة والبنك المركزي السعودي، القبض على المواطن خالد إبراهيم الجريوي، لتحايله بالاشتراك مع موظف في بنك محلي على الأنظمة البنكية واستخراج تمويل بمبلغ 493 مليون ريال بطريقة غير نظامية، موضحة أن الأول قدّم طلباً يتضمن صكوكاً لعقارات غير صحيحة وعقوداً وهمية لاستثمار تلك العقارات من قبل جهات حكومية، فيما قام الثاني بقبوله، ورفع بريداً إلكترونياً للجهات المختصة بالبنك مصدر التمويل بتأكيد صحة المحررات المقدمة.

وقالت: «قام الأول بعد استلام مبلغ التمويل بتحويل 100 مليون ريال لخارج المملكة، وشراء عقارات وتسجيلها بأسماء أقاربه بهدف إخفائها»، مضيفة أنه تم إيقاف «عبد الله مسعد العنزي، نواف جخيدب الحربي، عبد الرحمن مطر الشمري» من منسوبي «مديرية الجوازات» لتسهيلهم دخول وخروج الجريوي للمملكة بطريقة غير نظامية مقابل مبالغ مالية يتحصلون عليها، ومنوهة بأن المتهمين قد أقروا بما أسند إليهم من تهم، وجرى إيقافهم على ذمة القضية، وإحالتهم إلى المحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليهم.

وفي قضية ثانية، جرى بالتعاون مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، القبض على المواطن محمد غازي محمد السيد، والمقيمين اليمنيين عبد الملك أحمد قائد، وعبد الله عبده قاسم، لحظة تسليمهم مليوناً و499 ألف ريال، مقابل إدخال حاوية تبغ (دخان سجائر) من ميناء جدة الإسلامي دون دفع الرسوم الجمركية البالغة 7 ملايين و200 ألف ريال، بطريقة غير نظامية، عبر تضمين البيانات الجمركية أن البضاعة عبارة عن «مناديل ورقية».

وتابع البيان: «بتسهيل دخول الحاوية ومتابعة خط سيرها لتحديد المستفيد النهائي منها، تبين وصولها إلى مستودع بمحافظة جدة وإنزال البضاعة فيه، وتبيّن بتفتيشه وجود كميات كبيرة من منتجات التبغ المخالفة (غير معلومة المصدر) تم تجهيزها لنقلها للرياض والمنطقة الشرقية بطلب من المقيم الأول»، حيث جرى التنسيق مع هيئات «الزكاة والضريبة والجمارك، والنقل، والغذاء والدواء» وأمانة محافظة جدة، وتسليمهم الموقع وإعداد المحاضر اللازمة بذلك، وإغلاق المستودع تمهيداً لتطبيق المقتضى النظامي بحقّ مالكه من قبل الجهات المختصة، منوهةً بأن التحقيقات ما زالت مستمرة مع المتهمين تمهيداً لإحالتهم إلى المحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليهم.

أما في القضية الثالثة، فقد جرى بالتعاون مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، القبض على المقيم السوداني عثمان محمد نعيم عبد الرحمن لحظة تسليمه مركبة و20 ألف ريال، تمثل إجمالي المبلغ المتفق عليه، البالغ 80 ألف ريال، مقابل إدخال شحنة من «ميناء جدة» تحتوي على نحو 4 أطنان «تبغ»، وذلك بتضمين البيانات الجمركية أن الشحنة عبارة عن «أعلاف قادمة من السودان» دون دفع الرسوم الجمركية البالغة مليوناً و75 ألفاً و200 ريال بطريقة غير نظامية. وأشارت الهيئة إلى استمرار تحقيقاتها تمهيداً لإحالته للمحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليه.

وفي القضية الأخيرة، أوضحت الهيئة أنه جرى إيقاف الموظف بأمانة الجوف، خلف صالح مرزوق الخالدي، بالمرتبة الحادية عشرة، والمستثمر اليمني محمد علي عمر السقاف، لحصول الأول على 8 ملايين ريال من الثاني مقابل صرف مستخلصات لمشاريع أعمال صيانة طرق لم يتم تنفيذها على أرض الواقع بمبلغ 17 مليوناً و588 ألفاً و269 ريالاً، مبينة أن تحقيقاتها ما زالت مستمرة مع المتهمين تمهيداً لإحالتهم للمحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليهم.

وأكدت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد استمرارها في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام، أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية، أو للإضرار بالمصلحة العامة، مشددة على مضيها في تطبيق ما يقتضي به النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون.