خطة أميركية ـ أوروبية لحماية إمدادات الطاقة إذا قررت روسيا قطعها

عقود الغاز في واشنطن تساير نظيرتها ببروكسل

خطة أميركية ـ أوروبية لحماية إمدادات الطاقة إذا قررت روسيا قطعها
TT

خطة أميركية ـ أوروبية لحماية إمدادات الطاقة إذا قررت روسيا قطعها

خطة أميركية ـ أوروبية لحماية إمدادات الطاقة إذا قررت روسيا قطعها

في الوقت الذي تصعد فيه أسعار الطاقة في أوروبا إلى مستويات قياسية حاليا، والتي قد تزداد بقوة خلال الفترة المقبلة نتيجة توترات سياسية، أكد مسؤول كبير في البيت الأبيض الثلاثاء أن الولايات المتحدة والأوروبيين اتخذوا خطوات لحماية إمدادات الغاز إلى أوروبا في حال قررت روسيا قطعها، في إطار أي نزاع قد يطرأ، محذرا موسكو من استخدام الوقود «سلاحا».
وقال: «نعمل مع الدول والشركات حول العالم لضمان أمن الإمدادات وتجنب أي صدمات في الأسعار» في إطار «خطة طوارئ» تشمل التفاوض مع جهات إمداد في شمال أفريقيا وآسيا.
كما حذر موسكو من استخدام إمدادات الوقود «سلاحا»، مشيرا إلى أن الأمر لن يمر «من دون عواقب على الاقتصاد الروسي». في إشارة إلى التوترات على الحدود الروسية الأوكرانية، والتي تهدد موسكو بالتدخل العسكري في كييف.
وارتفعت العقود الآجلة الأميركية للغاز الطبيعي أمس، مع بقاء تعافي الإنتاج بطيئا بعد موجة شديدة البرودة في وقت سابق هذا الشهر، إلى جانب توقعات بزيادة في الطلب للتدفئة هذا الأسبوع وقفزة في أسعار الغاز الأوروبية.
وقفزت العقود الآجلة الأوروبية للغاز حوالي 16 في المائة بفعل مخاوف بأن روسيا ستغزو أوكرانيا وتقطع إمدادات الغاز إلى بقية أوروبا.
وقال متعاملون إن الطلب على الغاز الطبيعي المسال الأميركي سيبقى قويا ما دامت الأسعار العالمية يجري تداولها عند مستويات أعلى من العقود الآجلة الأميركية.
والأسعار العالمية حاليا مرتفعة حوالي ست مرات عن العقود الآجلة الأميركية مع تزاحم شركات المرافق حول العالم على شحنات الغاز الطبيعي المسال لسد النقص في المخزونات في أوروبا وتلبية طلب يتزايد سريعا في آسيا.
وأنهت العقود الأميركية للغاز تسليم فبراير (شباط) جلسة التداول مرتفعة 2.8 سنت، أو 0.7 في المائة، لتسجل عند التسوية 4.027 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية.
وسجلت العقود للتسليم في أشهر الربيع والصيف زيادات أكبر من العقود تسليم فبراير شباط التي ينتهي تداولها في وقت لاحق هذا الأسبوع.
جاء هذا بينما يتوقع المحللون في بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس غروب استمرار أزمة نقص إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا خلال الصيف المقبل وحتى عام 2025.
وقال تقرير غولدمان ساكس، إن أسعار الطاقة المرتفعة التي تشهدها أوروبا خلال الشهور الأخيرة لن تكون بالضرورة لمرة واحدة. وأضاف التقرير أن الخلل الشديد في إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا والذي أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة في أواخر العام الماضي إلى مستويات تاريخية وأدى إلى تدمير الطلب الصناعي على الطاقة، قد يتكرر مجددا خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأشار إلى أن تدفق شحنات الغاز الطبيعي المسال القادمة آسيا إلى أوروبا بشكل قياسي وقرب انتهاء موسم الطلب على الوقود للتدفئة مع تحسن درجات الحرارة لا يعني أن أزمة الطاقة في أوروبا ستنتهي قريبا.
غير أن الكرملين، قال يوم الاثنين، إن روسيا مورد موثوق به للطاقة إلى أوروبا حتى في الأوقات الصعبة في العلاقات بين الجانبين، ووصف تقارير في وسائل إعلام بريطانية بأن موسكو قد تقطع إمدادات الطاقة إذا فُرضت عقوبات عليها بأنها «هيستريا زائفة».
وإمدادات الطاقة في بؤرة الاهتمام بينما تتعهد كل من الولايات المتحدة وأوروبا بفرض عقوبات جديدة أكثر صرامة على موسكو إذا غزت أوكرانيا. وتعتمد أوروبا على روسيا في حوالي 35 في المائة من حاجاتها من الغاز، وهي أيضا مستورد رئيسي للنفط الروسي الذي يصل إليها من خلال خطوط أنابيب وموانئ بحرية.
وفي هذا الصدد أعرب ميشائيل فاسيلياديس رئيس النقابة الصناعية للتعدين والكيماويات والطاقة في ألمانيا، أمس الثلاثاء، عن اعتقاده بأن بلاده لا تزال «تعتمد بدرجة معينة على الغاز الروسي».
وقال فاسيلياديس، إن جمهورية ألمانيا الاتحادية يمكنها في الوقت الحالي أن تؤمن احتياجها من الغاز من مصادر أخرى «مقابل الكثير جدا من الجهد والكثير جدا من المال». وأبدى تفهمه لطرح نقاش حول إمكانية استخدام تشغيل خط نورد ستريم 2 كأداة عقابية في الصراع المحتدم حول حشد القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا.
وفيما يتعلق بإمدادات الطاقة لألمانيا، قال فاسيلياديس: «إذا تخلينا عن الغاز الروسي وعن نورد ستريم2 فلن ينطفئ النور على الفور لكن الأمر سيكون مكلفا، وسيؤجج الأسئلة عن إمدادات الغاز الخاصة بالمستقبل وهي الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها، وستكون لدينا مشكلة».



انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
TT

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)

من المتوقع أن يؤدي انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى زيادة معاناة الاقتصاد في الأشهر المقبلة. ورغم ذلك، هناك بصيص أمل في إمكانية تشكيل حكومة جديدة أقل تشتتاً قادرة على تقديم سياسات أكثر انسجاماً قد تعيد الزخم للاقتصاد الألماني.

وجاء هذا الانهيار في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للاقتصاد الأكبر في أوروبا، بعد ساعات فقط من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما أثار احتمالية نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة وألمانيا، وهو ما يزيد القلق على مستوى السوق العالمية، وفق «رويترز».

أزمة داخلية تزيد من الضغط الاقتصادي

ويوم الأربعاء، أقال المستشار أولاف شولتز وزير المالية، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة بعد شهور من المشاحنات داخل ائتلافه المكون من ثلاثة أحزاب، ما أثر سلباً على الثقة في الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة وتآكل القدرة التنافسية.

ويُتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني للسنة الثانية على التوالي في 2024، مما يجعله الأسوأ أداءً بين اقتصادات مجموعة السبع الكبرى. كما يُحتمل أن يتسبب انهيار الائتلاف في مزيد من الضرر للاستهلاك والاستثمار في الأشهر المقبلة التي من المتوقع أن تشهد تراجعاً، حيث أشار ثلث الشركات الألمانية في استطلاع حديث إلى خطط لتقليص الإنفاق.

وقال رئيس الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، كارستن برزيكي: «بالإضافة إلى فوز ترمب، من المرجح أن تتراجع الثقة الاقتصادية بشكل كبير، مما يجعل الانكماش في الربع الرابع أكثر احتمالاً». لكنه أشار إلى أن هناك أيضاً إمكانية للحصول على دفعة جديدة إذا تم تشكيل حكومة أكثر استقراراً.

وأوضح برزيكي أنه مع اقتراب الانتخابات في مارس (آذار)، يُتوقع أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على إنهاء حالة الركود الاقتصادي وتقديم توجيه سياسي اقتصادي أكثر وضوحاً. ويخطط شولتز لإجراء تصويت على الثقة في حكومته في 15 يناير (كانون الثاني)، ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة في نهاية مارس. وحتى ذلك الحين، من المتوقع أن يرأس حكومة أقلية تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، مع الاعتماد على تحالفات مؤقتة في البرلمان لتمرير التشريعات.

وهناك مَن يرى أنه يمكن لحكومة جديدة أن تمنح الاقتصاد بعض الزخم. وقال كبير الاقتصاديين في بنك «بيرنبرغ»، هولغر شميدينغ: «بمجرد أن تستقر الأوضاع ويتسلم الحكومة الجديدة التي تحمل أجندة جديدة زمام الأمور بعد الانتخابات المبكرة، من المحتمل أن يكون التأثير إيجابياً».

وقد يسمح رحيل وزير المالية كريستيان ليندنر بتخصيص مزيد من الأموال لدعم الاقتصاد الضعيف. وكان ليندنر، من الحزب الديمقراطي الحر، يعارض خطط شولتز لتعليق «فرامل الديون» التي تحد من الدين العام.

وبحسب شولتز، فإن ألمانيا لديها مجال كافٍ للإنفاق دون التأثير على صحة ماليتها العامة. وقال: «من بين جميع الديمقراطيات الاقتصادية الكبرى، لدينا أقل دين بنسبة بعيدة». وأضاف: «هناك حلول لكيفية تمويل مؤسساتنا العامة ومسؤولياتنا بشكل سليم».

ترمب يشكل تهديداً إضافياً للاقتصاد

الأزمة الداخلية في ألمانيا تتزامن مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض مجدداً، مما يضيف مزيداً من الضغط على الاقتصاد الألماني. فقد أشار تقرير صادر عن معهد الاقتصاد الألماني «آي دبليو» إلى أن فرض إدارة ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على السلع الأوروبية، كما لمح خلال حملته الانتخابية، قد يتسبب في تقلص الاقتصاد الألماني المعتمد على الصادرات بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة بحلول عامي 2027 و2028.

وتشير التوقعات الحالية إلى أن الاقتصاد الألماني في طريقه إلى الركود أو مزيد من الانكماش في العام المقبل، ما يجعله يشهد أطول فترة من دون نمو اقتصادي منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.