معهد الأمن القومي يحذّر من تجاهل النزاع مع الفلسطينيين وصراعات في المجتمع الإسرائيلي

الوضع الفلسطيني على شفا انفجار حسب تقرير معهد الأمن القومي في تل أبيب (إ.ب.أ)
الوضع الفلسطيني على شفا انفجار حسب تقرير معهد الأمن القومي في تل أبيب (إ.ب.أ)
TT

معهد الأمن القومي يحذّر من تجاهل النزاع مع الفلسطينيين وصراعات في المجتمع الإسرائيلي

الوضع الفلسطيني على شفا انفجار حسب تقرير معهد الأمن القومي في تل أبيب (إ.ب.أ)
الوضع الفلسطيني على شفا انفجار حسب تقرير معهد الأمن القومي في تل أبيب (إ.ب.أ)

تلقى الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ، أمس (الثلاثاء)، تقريراً من كبار خبراء الأمن والشؤون الاستراتيجية العاملين في معهد الأمن القومي في تل أبيب، يحذرون فيه من غياب عقيدة استراتيجية ثابتة، وأخطاء في السياسة العامة في المواضيع المركزية. وقدموا النصح له أن يؤثر على سياسة الحكومة في مواجهة التهديدات الأساسية، مشيرين إلى أن الأوضاع في المناطق الفلسطينية باتت على «شفير الغليان».
وقال الخبراء إنه في الوقت الذي يتعاطى فيه السياسيون الإسرائيليون مع التهديد النووي الإيراني كتهديد مركزي، فإنهم يغفلون تهديدين كبيرين آخرين. وهما تجاهل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، والصراعات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أن معهد أبحاث الأمن القومي تابع لجامعة تل أبيب، ويعد أحد معاهد الأبحاث ذات المصداقية، ويحتل المرتبة 26 في لائحة تقييم معاهد البحوث في العالم. ويرأسه منذ نهاية السنة الماضية، البروفسور مانوئيل طرخطنبرغ. وبين باحثيه شخصيات مركزية عسكرية وأمنية، مثل رئيس الأركان السابق للجيش غادي آيزنكوت، ورئيس مجلس الأمن القومي السابق مئير بن شبات، والسفير الأميركي السابق في تل أبيب دان شابيرو، وشخصيات بارزة أخرى من الأكاديمية. ويُصدر تقريراً سنوياً يعرض فيه التقديرات الاستراتيجية والتحديات التي تواجه إسرائيل. ويتم عرض التقرير على رئيس الدولة الذي يقوم عادةً بتسليمه للحكومة مرفقاً بملاحظاته.
في تقرير عام 2022 الذي تسلمه هيرتسوغ، أمس، انتقادات جوهرية للسياسة الإسرائيلية، إذ تواجه إسرائيل خطر تورط في مجابهة التحديات المركزية الثلاثة. وتستعرضها ثم تطرح توصيات بشأنها على النحو التالي: في الملف الإيراني، وفي فصل تحت عنوان «وقت الحسم» يقول إنه في مركز التحديات أن «إيران التي تواصل سعيها إلى حافة النووي، وتحت تصرفها كل القدرات اللازمة للانطلاق نحو قنبلة نووية في مدى زمني قصير، التقديرات المتفائلة تقول إن ذلك سيحدث خلال عامين، والأكثر تشاؤماً خلال أشهر، ونحن نقول إنه في حال اتُّخذ قرار، فيمكن أن تُختزل المدة إلى أسابيع. وإلى جانب النووي ستواصل إيران جهودها لبناء قدرات عسكرية مجاورة للحدود مع إسرائيل، من خلال تفعيل قوات تعمل تحت رعايتها وتسليحها بالصواريخ، والمقذوفات الصاروخية، والأدوات الطائرة غير المأهولة والنار الدقيقة». ويؤكد التقرير أن «إسرائيل لا تستطيع وحدها التعامل مع التحديات التي تضعها إيران، وهذا يُلزمها بتعميق العلاقات والتنسيق الدائم مع الولايات المتحدة، بغضّ النظر عن نجاح أو فشل} محادثات فيينا.
يشير التقرير في هذا السياق إلى «أخطاء السياسة السابقة لحكومات إسرائيل، التي على مدى عقود لم تضع سياسات لوقف النووي الإيراني إنّما انشغلت بتأخير البرنامج». ويقول إنها أسهمت في اقتراب إيران من أن تصبح «دولة حافّة نووية». ويشير إلى أن إسرائيل «قد تبقى وحيدة برغبتها في استخدام أدوات عسكرية لإبعاد إيران عن القنبلة».
وفي مجال الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، عاد الخبراء لتأكيد أن إسرائيل لا تستنفد ما لديها من قدرات أمنية واقتصادية وتكنولوجية، للردّ على التحديات التي تواجهها، ما يجعلها تنزلق إلى أماكن لا تريدها، «مثل خلق أمر واقع يفرض دولة واحدة للشعبين». ويؤكد التقرير أن الساحة الفلسطينية ليست ساحة ثانوية يمكن احتواؤها بخدع عابثة مثل «تقليص النزاع». يقول خبراء المعهد إن الأوضاع في المناطق الفلسطينية باتت على «شفير الغليان». وتشكّل هذه الجبهة «تحدّياً كبيراً لرؤية إسرائيل دولة يهودية، ديمقراطية، آمنة وأخلاقية، بسبب الانزلاق إلى واقع الدولة الواحدة»، فـ«غياب حل للصراع الإسرائيلي، وعدم الدفع بمسار سياسي، يضعان إسرائيل أمام تهديد خطير على هويّتها كدولة يهودية وديمقراطية».
وفي سياق الملف الثالث، يرى باحثو المعهد، الصراعات الداخلية في إسرائيل، بين اليمين واليسار وبين اليهود والعرب ومختلف الشرائح الاجتماعية الأخرى، والاستقطاب والشروخ والتطرّف، بالإضافة إلى تراجع الثقة بمؤسسات الدولة، كلها «جبهة إسرائيلية داخلية تخبئ في طياتها تهديداً اجتماعياً خطيراً بشكل خاص، يهدد المناعة الاجتماعية والأمن القومي». ويحذّر التقرير من خطر انفجار حرب متعددة الجبهات، وبالتوازي، انفجار أحداث عنف بين العرب واليهود واضطرابات خطيرة في المدن المختلطة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».