باريس تجد نفسها مجدداً في وضع حرج بـ «الساحل»

باريس تجد نفسها مجدداً  في وضع حرج بـ «الساحل»
TT

باريس تجد نفسها مجدداً في وضع حرج بـ «الساحل»

باريس تجد نفسها مجدداً  في وضع حرج بـ «الساحل»

مرة أخرى، تجد باريس نفسها في وضع حرج في منطقة الساحل، حيث حضورها العسكري والسياسي هو الأقوى باعتبارها الدولة المستعمرة السابقة التي تربطها بالدول الخمس «موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد» اتفاقيات من كل نوع ومصالح متشابكة. وحتى يوم الأحد الماضي، كانت مالي حيث تتمركز بشكل رئيسي قوة «برخان» منذ مطلع العام 2014 مشكلتها الرئيسية بعد انقلابين عسكريين أطاحا برئيسها المنتخب وجاء بسلطة عسكرية تريد البقاء في الحكم لخمس سنوات بعكس وعودها السابقة مستندة لدعم ميليشيا «فاغنير» الروسية. ويتوازى ذلك مع تصاعد الشعور المعادي لفرنسا التي أقرت خطة لخفض عديد قوة «برخان» إلى النصف بحلول العام 2023، لكن مصدر صداع آخر للسلطات الفرنسية استجد أول من أمس مع حصول انقلاب. وحرص عسكري في بوركينا فاسو المجاورة أطاح برئيسها روك مارك كريستيان كابوريه الذي أعيد انتخابه في العام 2020، وعمد الانقلابيون الذين يقودهم الكولونيل بول هنري سانداوغو داميبا إلى تعطيل العمل بالدستور وحل البرلمان والحكومة وإغلاق الحدود كافة واحتجاز الرئيس كابوريه في ثكنة عسكرية في العاصمة واغادوغو مع عدد من كبار المسؤولين. كما أعلن العسكريون نيتهم إعادة البلاد إلى «نظام دستوري مقبول من الجميع» في غضون فترة زمنية «معقولة».
مع التطورات الأخيرة، تكون منطقة الساحل قد عرفت في أقل من عامين ثلاثة انقلابات عسكرية إذ تتعين الإشارة أيضا إلى ما حصل في تشاد عقب مقتل رئيسها إدريس ديبي في معارك مع تمردين شمال البلاد في أبريل (نيسان) من العام الماضي. ذلك أن ابنه الضابط محمد إدريس ديبي عمد، مباشرة عقب مقتل والده، إلى تشكيل مجلس عسكري بإمرته تسلم السلطات في نجامينا وأعلن لاحقا رئيسا للدولة التشادية ضاربا عرض الحائط بالدستور وبآلية انتقال السلطة عقب شغور المنصب الرئاسي. وفي كل مرة، تجد باريس نفسها مضطرة للتنديد علنا بما حصل مع السعي لإيجاد «مخارج» تحافظ على علاقاتها ومصالحها في هذه المنطقة التي تعدها استراتيجية سياسيا واقتصاديا. لذا، لم يكن مفاجئا أن تنتظر باريس عدة ساعات قبل أن تعلق رسميا على التطورات التي هزت واغادوغو.
جاء أول تعليق رسمي أمس على لسان الرئيس إيمانويل ماكرون الذي ندد بالانقلاب. وكما في حالة مالي، فقد حرصت باريس على استعادة المواقف التي تعبر عنها المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا. وقال ماكرون بعد إشارته إلى اتصالات قام بها مع عدد من قادة المنطقة وعزمه على إجراء اتصالات إضافية، ما حرفيته «بكل وضوح وكما نقوم بذلك دوما، نحن نصطف إلى جانب المنظمة الإقليمية (المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا) لإدانة الانقلاب العسكري». وذكر ماكرون أن الرئيس كابوريه انتخب مرتين «ديمقراطيا». وقبل الرئيس الفرنسي، أدانت المجموعة الأفريقية الانقلاب كذلك فعل الاتحاد الأفريقي. وجاء في بيان صادر عن موسى فكي، رئيس لجنة الاتحاد «إدانة قوية للمحاولة الانقلابية ضد رئيس انتخب ديمقراطيا». وأضاف فكي: «ندعو الجيش الوطني والقوى الأمنية إلى الالتزام بواجب الجمهورية وهو الدفاع عن الأمن الداخلي والخارجي لهذا البلد». وبطبيعة الحال، أجمعت ردود الفعل على الانقلاب أوروبيا وأميركيا ودوليا على التنديد باستيلاء العسكريين على السلطة والمطالبة بإطلاق سراح الرئيس كابوريه. والأمر نفسه طالبت به المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
حقيقة الأمر أن وضع باريس في بوركينا فاسو لم يكن مريحا منذ شهور عديدة. ورغم أنه ليست لباريس قاعدة عسكرية في واغادوغو كما هو الحال في مالي أو النيجر، فإن قوة كوماندوز فرنسية تعرف باسم «سابر» «أي السيف» ترابط فيها ومهمتها ملاحقة الإرهابيين. ونشرت هذه القوة التي تعد 350 رجلا وتتبع لـ«قيادة العمليات الخاصة» في بلدان الساحل منذ العام 2008. وأبلغ دليل على ذلك ما حصل في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حيث أوقفت مظاهرات شعبية في وسط البلاد قافلة إمداد عسكرية فرنسية انطلقت من شاطئ العاج متجهة إلى مالي لأيام لاتهامها بأنها تساعد الإرهابيين. ويأخذ المواطنون على فرنسا عدم دعمها لـبوركينا فاسو في وقف الهجمات الإرهابية التي تضرب شمال بالبلاد وكان أكثرها دموية الهجوم الذي استهدف في الشهر نفسه قاعدة للدرك أسفر عن مقتل 53 شخصا بينهم 49 دركيا. وهذا الحادث أجج الشعور المعادي للحكومة ومهد، بشكل ما، للحركة الانقلابية حيث اتهم كابوريه وحكومته بالعجز عن مواجهة الموجات الإرهابية في شمال البلاد التي قضت على أكثر من ثلاثة ألاف شخص وأدت إلى نزوح 1.3 نسمة إلى مناطق أكثر أمنا.
ليس الكولونيل بول هنري سانداوغو داميبا نكرة في فرنسا. فهذا الضابط البلغ من العمر 41 عاما تأهل، كالكثيرين من الضباط الأفارقة، في المدرسة الحربية في باريس كما أنه حاصل على شهادة ماجستير فرنسية في العلوم الجرمية وعلى شهادة أخرى في علوم القيادة والاستراتيجية. وفي العام 2021 أصدر الكولونيل داميبا كتابا بعنوان: «جيوش غرب أفريقيا والإرهاب: الردود المتأرجحة». وبحسب دار النشر التي أصدرته، فإن الكولونيل داميبا «يقدم تحليلا حول خصائص الإرهاب في غرب أفريقيا والردود التي يتعين توفيرها من قبل جيوش المنطقة ما يشكل انقطاعا مع المقاربات الراهنة لهذا الموضوع». وبالنظر لما سبق، يعد الكولونيل المذكور اختصاصيا في شؤون الإرهاب ليس فقط على المستوى النظري بل أيضا من الناحية العملية، حيث عمل في إطار الجيش شمال وشرق البلاد. وقبل الانقلاب تم تعيينه قائدا عسكريا للمنطقة الثالثة التي تقع شرق البلاد. ولأنه يرأس «الحركة الوطنية للحماية والاستعادة، التي قامت بالانقلاب، فإنه يعد ظاهريا القائد الفعلي في الوقت الحاضر بانتظار ما يصدر من إجراءات عن الانقلابيين.
مهما يكن من أمر، فإن باريس تراقب عن كثب التطورات في بروكينا فاسو. ومشكلتها أنها لا تستطيع التعبير عن مواقف راديكالية من شأنها إحداث قطيعة مع السلطات الجديدة. وبالمقابل، فإنها غير قادرة على إظهار الليونة لأن ذلك يناقض لما تدعو إليه من تعزيز الديمقراطية ووضع حد للانقلابات في القارة.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.