اجتماعات عسكرية وسياسية في صفوف المعارضة السورية.. ومباحثات مرتقبة تمهيدًا لـ«جنيف 3»

توقعات بأن تنعكس ارتدادات «عاصفة الحزم» على سوريا في المرحلة المقبلة

مقاتلو المعارضة في ريف حلب حيث التماس مع القوات النظامية يشترون ملابس ومعدت عسكرية من محل متخصص (رويترز)
مقاتلو المعارضة في ريف حلب حيث التماس مع القوات النظامية يشترون ملابس ومعدت عسكرية من محل متخصص (رويترز)
TT

اجتماعات عسكرية وسياسية في صفوف المعارضة السورية.. ومباحثات مرتقبة تمهيدًا لـ«جنيف 3»

مقاتلو المعارضة في ريف حلب حيث التماس مع القوات النظامية يشترون ملابس ومعدت عسكرية من محل متخصص (رويترز)
مقاتلو المعارضة في ريف حلب حيث التماس مع القوات النظامية يشترون ملابس ومعدت عسكرية من محل متخصص (رويترز)

يتّجه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى الدعوة لعقد اجتماعات تمهيدية في جنيف منتصف شهر مايو (أيار) المقبل، مع ممثلين من المعارضة والنظام على أن يليها مؤتمر قد يحمل عنوان «جنيف 3» يجمع الطرفين، وفق ما يشير إليه الحراك الذي يقوم به موفدون من قبله، بحسب ما قال هشام مروة، نائب رئيس الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة، متوقعا أن تصل الدعوات في الأيام القليلة المقبلة. في غضون ذلك، وبينما تعقد لقاءات تجمع فصائل عسكرية معارضة في تركيا، كشف مروة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن اجتماع موسع سيعقد في وقت قريب، يجمع الفصائل مع الائتلاف للبحث في «الوثيقة السياسية» التي كانت قد أعدتها الهيئة السياسية ليتم التوافق عليها من كلّ الأفرقاء وتكون جاهزة لاعتمادها أمام أي جهة دولية.
وفي الإطار نفسه، كشف مصدر دولي في نيويورك لوكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، أن دي ميستورا يعتزم دعوة الأطراف المتحاربة إلى عقد اجتماعات في جنيف بحلول منتصف الشهر المقبل.
وقال المصدر إن «دي ميستورا سيطلع أعضاء مجلس الأمن على تفاصيل هذه اللقاءات التي سيجريها مع كل طرف على حدة في محاولة لإيجاد الطريقة المناسبة لتنفيذ بيان جنيف من الناحية العملياتية، ولا سيما أن كل الأطراف أعلنت موافقتها على هذا البيان الذي أقر في 30 يونيو (حزيران) 2012، إثر مفاوضات أجريت بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون، بمشاركة المبعوث الدولي سابقًا كوفي أنان».
ولفت إلى أن المساعي الدبلوماسية تتركز على إيجاد تفسيرات موحدة لنصوص هذا البيان، ولم يتضح بعد ما إذا كان دي ميستورا سيدعو أطرافا خارجية، مثل روسيا والولايات المتحدة، إلى هذه المشاورات، مستبعدًا جلوس الحكومة والمعارضة على طاولة واحدة في الوقت ذاته.
وأوضح نائب رئيس الائتلاف، هشام مروة، أنّه، ووفقا للقاءات التي جمعت موفدين من قبل دي ميستورا وممثلين من الائتلاف، فإن اجتماعات جنيف المرتقبة ستبحث في إيجاد آليات للحل وتطوير رؤية شاملة مستندة إلى مقررات مؤتمر جنيف. وفيما لا تزال مشاركة إيران في أي مؤتمر متعلق بسوريا غير محسومة، أشار مروة إلى أن النظام وحلفاءه، ووفق الوقائع والمعطيات المتوفرة، لا يملكون أي رغبة بأي حل سياسي بل على العكس سيستمر في الحل العسكري، معتبرا في الوقت عينه أنّ الوقائع الميدانية في الفترة الأخيرة وما ستشهده المرحلة المقبلة ستضع النظام أمام واقع جديد. وبينما تتكثف الاجتماعات في تركيا بين فصائل معارضة عدّة، وكثر الحديث في الأيام الأخيرة عن دور لقائد «جيش الإسلام»، زهران علوش، بعد خروجه من الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف دمشق، باتجاه تركيا، وإمكانية فتح جبهة العاصمة دمشق، توقّعت مصادر في المعارضة أن يكون لـ«عاصفة الحزم» اليمنية ارتدادات عسكرية على الساحة السورية، وأن تظهر مستجدات لافتة على الأرض.
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تأثير (عاصفة الحزم) لن يكون فقط سياسيا بل عسكريا أيضا، وقد يظهر بالدرجة الأولى من خلال الدعم العسكري النوعي، مشيرة في الوقت عينه إلى أن إنجازات المعارضة في بعض المناطق السورية في الفترة الأخيرة تؤكد هذا الأمر بعدما حصلت الفصائل على دعم»، مضيفة: «ما تحتاجه المعارضة السورية هو الدعم العسكري النوعي وستتمكن، ومن دون أدنى شك، من القضاء على النظام و(داعش) معا».
في غضون ذلك، وضمن سلسلة زيارات يقوم بها الائتلاف، التقى وفد من الائتلاف الوطني السوري في قطر، أمير الدولة تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الخارجية القطري خالد العطية.
وضم الوفد كلاً من رئيس الائتلاف خالد خوجة، ونوابه، والأمين العام، وعددًا من أعضاء الهيئة السياسية والهيئة العامة، ورئيس الحكومة السورية المؤقتة.
وأكد تميم على استمرار دعم بلاده للثورة السورية ومطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة والعدالة، وفق ما جاء في بيان للائتلاف، مشيرا إلى أنّه تم البحث خلال اللقاء بالقضايا المشتركة والدور القطري في دعم الثورة السورية، وأكد الأمير تميم على استمرار الدعم للائتلاف الوطني السوري ومؤسساته بكل أشكال الدعم، لتتمكن من القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري.
كما ناقش الطرفان تطورات المشهد السوري والانتصارات الأخيرة التي حققها الثوار في كل الجبهات وتراجعات نظام الأسد وخسائره، إضافة إلى التوغل الإيراني الفاضح ومشاركتهم في حرب الإبادة التي يشنها نظام الأسد على السوريين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.