تهدد العواصف الثلجية والمطرية التي تضرب مناطق شمال غربي سوريا خلال الآونة، حياة أكثر من مليون ونصف المليون نازح، يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة، في خيام انتهى عمرها الافتراضي وصلاحيتها للإقامة فيها، ضمن مخيمات عشوائية، تفتقر إلى كل مقومات الحياة، وتزامن ذلك مع توقف دعم وتمويل عدد من المشافي والمراكز الطبية العامة، ما عمّق معاناتهم وآلامهم.
ودفنت الثلوج الكثيفة، مئات الخيام للنازحين من مناطق مختلفة من سوريا، في مخيمات الشمال السوري في ظل العاصفة الثلجية الأخيرة التي ضربت المنطقة خلال اليومين الماضيين، وتسببت بتشرد عشرات العائلات، بعد تعرض الخيام للتلف والتمزق وعدم قدرتها على مقاومة الظروف والعوامل الجوية وتراكم الثلوج.
وقال أحمد الحمصي (38 عاماً)، إن «كثافة تساقط الثلوج فوق خيمته، أدت إلى سقوطها على عائلته (خمسة أشخاص) بعد منتصف الليل وهم نيام، ما اضطره إلى طلب النجدة من جيرانه في مخيم راجو، وهبوا لنجدته في نقل أفراد أسرته إلى خيمة مجاورة».
ويضيف: «مع تسارع سقوط الثلوج الكثيفة، أثناء الليل، بدأت الخيام القديمة والبالية، بالانهيار والسقوط على رؤوس أصحابها تباعاً، كلما ازدادت كمية الثلوج، وأصبحت الخيام التي ما زالت بحالة جيدة ملاذاً آمناً لعشرات الأسر، وسط حالة من الزحام والبرد وبكاء الأطفال طوال الليل».
وأشار إلى أنه «كان متوقعاً بالنسبة له سقوط خيمته التي حصل عليها منذ 4 سنوات، كونها تعرضت وأعمدتها مسبقاً للتلف لعدة مرات وقام بإصلاحها، ويعلم أيضاً أنها لم تعد قادرة على مواجهة أي عاصفة كانت ثلجية ومطرية، والرياح الشديدة، وكان قد ناشد المنظمات الإنسانية، مراراً، تغيير خيمته بأخرى جديدة، إلا أنه لم يحصل على ذلك، وحاله كحال الكثيرين من العائلات خيامهم لم تعد قادرة على تحمل العواصف والعوامل الجوية سواء بالشتاء أو الصيف».
في مخيم المدينة المنورة بالقرب من مدينة حارم شمال إدلب، سقطت عدة خيام على رؤوس أصحابها، نتيجة تراكم الثلوج، ولجأ البعض إلى أقاربهم، بينما آخرون قضوا ساعات في العراء تحت الثلج يحاولون إعادة بناء خيامهم، ورفعها عالياً عن رؤوس أبنائهم، كما حصل مع أبو عمر نازح من ريف حماة الشمالي.
وقال أبو عمر (52 عاماً) إن «الرياح الشديدة التي ضربت مناطق شمال غربي سوريا قبل نحو شهرين، أدت إلى تمزق عشرات الخيام واقتلاعها من مكانها وتكسير أعمدتها الخشبية، واضطر أصحابها حينها إلى إصلاحها بطريقة بدائية، ومع بدء العاصفة الثلجية بدأت الخيام ذاتها بالسقوط على أصحابها وكانت النتيجة كارثية، حيث صراخ الأطفال بسبب البرد القارس وسقوط الخيام».
من جهته، قال مسؤول في فريق «منسقو استجابة سوريا»، إنه «مع انتهاء العمر الافتراضي لأكثر من 90 في المائة من مخيمات النازحين في شمال غربي سوريا، وتعاقب العواصف المطرية والثلجية والرياح الشديدة، زاد من حجم الكوارث والأضرار الناجمة عنها، وفاقم من معاناة النازحين وعمق مأساتهم».
وأضاف: «بلغ عدد الأفراد المتضررين من العواصف الثلجية الأخيرة خلال الـ48 ساعة أكثر من 23.176 نسمة، منهم 2.753 نسمة أصبحوا دون مأوى نتيجة دمار الخيام الخاصة بهم، في أكثر من 1498 مخيماً ضمن مناطق عفرين وشران وراجو واعزاز وجنديرس والراعي وسجو بريف حلب الشمالي، ومناطق حارم وسلقين وسرمدا وكفرلوسين وأطمة شمال إدلب، وجرى خلال ذلك توثيق انهيار أكثر من 467 خيمة بشكل كامل ودخول مياه الأمطار إلى 411 خيمة أخرى».
ولفت إلى أنه «تم تسجيل أكثر من 266 حالة مرضية حوصرت بشكل كامل وعدم القدرة على نقلها إلى النقاط الطبية لتلقي العلاج بسبب تراكم الثلوج، ومعظم تلك الحالات من الأطفال وكبار السن، في الوقت ذاته انقطع الدعم الإغاثي عن أكثر من 42 مخيماً مخدماً من عدد من المنظمات نتيجة انقطاع العديد من الطرقات العامة وداخل المخيمات بالثلوج».
الثلوج «تأكل بقايا العواصف» في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا
الثلوج «تأكل بقايا العواصف» في مخيمات النازحين شمال غربي سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة